السيدة رغد صدام حسين، لا ألومك ولا أعاتبك أبداً بما تفضلت به، من خلال الفضائيات العربية، من انك والعائلة الموقرة ستبذلون قصارى جهودكم لتوكيل كبار المحامين للدفاع عن الوالد. وسؤالك الموجه مذيعة الفضائية "العربية" بأنها لو كانت في مكانك نفسه فهل ستفعل الشيء نفسه؟ وبعفوية تامة ردّت عليك المذيعة بنعم. وأنا أيضاً، لو كنت مكانك لفعلت الشيء نفسه من دون شك. إلا أنني أسألك، أيتها السيدة الأرملة بسبب والدها، هل يحق لي، أنا من فقدت والدها بسبب والدك، أن أطالب بتوكيل محام دفاع لوالدي قبل أن تُنحر رقبته، في 1983، من دون أن نعرف ذلك إلا قبل أشهر؟ اعتقل والدي في 30/7/1980 مع أخي، الذي جاوز في حينه ال18 عاماً بشهرين. وبعدها، في 11/11/1980، اعتقل عمي، شقيق والدي، وأولاده الستة، أصغرهم كان في عامه ال13. وما بين هذين التاريخين المشؤومين بالنسبة الي، اعتقل وعذب 8 من زميلات دراستي الجامعية وأولاد حارتي ومعارفي المقربين. وبعد التاسع من نيسان ابريل 2003، وجدت قرارات اعدام والدي وأخي وأقاربي في العام 1983، بعد قلق وحسرة وألم دامت أكثر من 23 عاماً. هذا من دون الحديث عن الذين أعرفهم، ممن اعتقلوا وعذبوا في سجون والدك المصون، ممن كتبت لهم الحياة ثانية، بمشيئة القدر الإلهية. وربما يكتب لهم القدر أن يحضروا المحكمة التي سأرفع صوتي وإياك، يا سيدتي، أن تكون عادلة حقاً للوالد المقدام. أقول لك، أيتها الماجدة العراقية، انه من العدل والحق أن توكلي من تشائين لنصرة والدك. فهذا أقل ما يمكن أن تقوم به بنت بارة تجاه والدها "الحبيب" كما قلت في حديثك الهاتفي مع شاشات التلفزة. لكن، اسمحي لي أن أتساءل: هل فكرت في حقنا في أن نطالب بالحق والعدل في توكيل من شئنا لإنقاذ حياة أحبتنا الذين نحرتهم، بلا أدنى شفقة، مقاصل والدك أو مشانقه، وكانوا في حينه في مثل عمر والدك حالياً؟ هل تقولين انهم خونة، غوغائيون، عملاء، جواسيس، خانوا قضية الوطن والعروبة...؟ من حقك أن تقولي هذا، وأنت صاحبة الجاه والسلطة، إلا انني اطمئنك، أيتها الماجدة، ان والدي وعمي اللذين كانا، وقت اعدامهما الجائر، في سن والدك الآن، مجرد أناس بسطاء لا يهمهما في الحياة سوى كسب العيش الشريف وإعالة عوائلهما. والأنكى انهما كانا شديدي الكره لكل ما يسمى بالسياسة. كان والدي الشهيد على يد والدك، الحاكم سابقاً والأسير حالياً، ينعت السياسة بالنجاسة. ربما كان والدي مخطئاً ومحقاً في الوقت نفسه. فالسياسة على أيادي ساسة كوالدك هي النجاسة بعينها، والبطش بأجمل ما وهب الله هذه الدنيا: روح خليقته. وربما كان والدي مخطئاً حينما زهقت روحه، هكذا من دون علم أو تيقن مسبق منه بأنه سيتهم بالسياسة التي لا ناقة له فيها ولا جمل... دعينا من الكبار الخونة والجواسيس والغوغائيين، فما ذنب الذين زهقت أرواحهم بسبب والدك، وهم أطفال رضع في أحضان أمهاتهم؟ فإن كنت مخطئة في حقك، ايتها الماجدة، فباسمي واسم ثكالى العراق، استميحك العذر لأنني تعديت على شرف "الذئب" الذي لا يهان، ولا يقهر لأنه شرف الأمة العربية، ومن حقه أن يفعل ما يشاء. انها للمقارنة فقط يا سيدتي! فرنسا - سوسن عبد الحسين ابراهيم طبله