مصر - في المقام الاول - هي بلد الصحراء والجبال، اما وادي النيل والدلتا فهما المنطقتان الآهلتان بالسكان والنشاط البشري، وتحتل هذه المساحة الآهلة نسبة 5 في المئة فقط من مساحة مصر. وعلى رغم هذا فإن المصريين القدماء عاشوا في جزء صغير من هذه الارض وحققوا استثماراً لمصادر الطبيعة المتاحة - والتي تتميز بها مصر - في ما يشبه التطويع لتأسيس حضارتهم الخالدة، وحققوا الاكتفاء مستغلين المناطق الغنية. كتاب بوني م. سامبسل "دليل الرحالة الى جيولوجيا مصر" الصادر حديثاً عن قسم النشر في الجامعة الاميركية يرصد تلك المصادر الطبيعية والمزايا الجيولوجية التي تتميز بها مصر، في ما يمثل وللمرة الأولى دليلاً جيولوجياً للرحالة والدارسين والمهتمين، مقدماً امثلة توضيحية عن كيفية التأثير القوي للملمح الجيولوجي وقد شهد هذا التأثير ابرز تجلياته في الحضارة المصرية القديمة. ومعظم الامثلة التي يسوقها المؤلف في هذا الكتاب مختارة بدقة وعناية حيث بدت في مجملها رصداً للبعد الجيولوجي في الطبقات الحضارية التي تعاقبت على مصر من الفرعونية الى الاغريقية - الرومانية الى البطلمية. ويبدو هذا الكتاب الدليل بمثابة رحلة نيلية، تبدأ من بحيرة ناصر في اتجاه مجرى النهر صعوداً الى الشمال حيث الدلتا والاسكندرية ثم انحرافاً الى اقصى الشرق نحو سيناء الغنية بالجبال والطبقات الصخرية باعتبارها "مجمعاً جيولوجياً". والكتاب مدعم بالصور الفوتوغرافية والخرائط المساحية والجوية والمساقط الافقية والمناظر الهندسية وكذلك الجداول التوضيحية والرسوم البيانية مع قاموس خاص بالمصطلحات العلمية وشروحها الامر الذي يلغي الالتباس حول فهم بعض هذه المصطلحات. والمؤلف بوني سامبسل استاذ جامعي زائر متقاعد قام بزيارات لمناطق عدة من العالم جاب خلالها الكثير من الاماكن الاثرية وهو باحث متخصص في المصريات وعلم الاثار وحضارة الشعوب وفي علم الجيولوجيا. وقدم كتابه بسؤال عن اهمية الجيولوجيا في الدراسات الاثرية والحفرية. وكانت هذه المقدمة بمثابة فصل اول ضمن سبعة عشر فصلاً تضمنها الكتاب.