يرى باحث بريطاني أن التراث الإنساني عامة واليوناني خاصة يدين ببعض صفحاته إلى نصوص البردي الذي ينسب إلى مصر الفرعونية مدللاً على ذلك بالعثور على مخطوط لجزء من ملحمة الإلياذة بين نصوص بردية يشير بعضها إلى تأثر اليونانيين بطقوس المصريين. وقال إس.إتش. روبرتس خبير البرديات البريطاني في كتاب (قصة البردي اليوناني في مصر في العصر اليوناني والروماني) الذي صدرت ترجمته العربية بمصر إن البرديات الفرعونية التي عثر عليها فلاحون مصريون لم يعرفوا قيمتها الأثرية أو التاريخية وجدت طريقها طوال القرن التاسع عشر إلى متاحف أوروبا وأصحاب المجموعات الخاصة. وصدر الكتاب الذي ترجمه إلى العربية محمود إبراهيم السعدني أستاذ تاريخ الحضارة اليونانية - الرومانية بجامعة حلوان المصرية عن المجلس الأعلى للثقافة في 110 صفحات من القطع الكبير وهو أحد فصول كتاب موسوعي عنوانه (تراث مصر) لخبير الدراسات البردية ريتشارد هاريس أستاذ الكلاسيكيات بجامعة أوكسفورد البريطانية. وقال روبرتس إن «أول بردية أدبية تم الكشف عنها عبارة عن مخطوط لجزء من (ملحمة) الإلياذة والذي كان بمثابة رمز لكم هائل من النصوص الهومرية» نسبة إلى الشاعر الإغريقي هوميروس مؤلف الإلياذة. وأضاف أن القليل من أوراق البردي الأدبية عثر عليها في مقابر ومنها بعض أشعار هوميروس التي وجدت في مقابر الهوارة بالفيوم جنوب غربي القاهرة «حيث وجدت أسفل رأس إحدى المومياوات لبنت شابة.» ولكنه توقف باستغراب أمام حادث مشابه حيث عثر في مقبرة بالقرب من مدينة سالانيك اليونانية على بقايا لفافة بردية تعود إلى نهاية القرن الرابع قبل الميلاد «وهي حالة فريدة لاكتشاف بردية يونانية في أرض اليونان.» ورجح أن تكون هذه البردية وغيرها مما عثر عليه في مقابر يونانية «وضعت جريا وراء تقليد المصريين القدماء كعادتهم عند دفن موتاهم.» وأشار إلى أن الغالبية العظمى من البردي اليوناني في مصر عثر عليها بين آثار المدن والقرى المتهدمة «وتلال الزبالة المهجورة الملقاة في الصحراء عندما تغير نظام الري إبان العصر البيزنطي والحكم العربي.» وكان البردي يصنع في مصر القديمة من لبابة نبات المستنقعات في أحراش الدلتا وبفضل مهارة المصريين في صنعه أصبح مادة معروفة للكتابة. وقال روبرتس إنه لم يعرف «في أي وقت من الأوقات في العالم القديم أن تم إعداد البردي لأغراض الكتابة عليه خارج مصر... أمدت مصر كل الإمبراطورية الرومانية بالبردي. وكما قام البردي بخدمة جليلة في تكوين الثقافة الكلاسيكية ونقلها فإنه كان خلال مئة سنة الأخيرة من ازدهاره بمثابة وسيلة تجديد وزيادة تراث اليونان وروما.» ولم يحدد الكاتب تاريخا للمئة سنة الأخيرة التي قال إن البردي ازدهر فيها. وقال روبرتس إن هناك شواهد على أن متن الإنجيل الذي عثر عليه في مصر «أقدم بكثير من تلك التي جاءت من أي مصدر آخر. وإن أقدم شذرة من الشذرات البردية للعهد الجديد هي تلك القطعة الصغيرة من إنجيل القديس يوحنا» المحفوظة حاليا بمكتبة ريلاندز ببريطانيا. وأرجع أهمية هذه البردية لإثبات أن الإنجيل كان يقرأ في منطقة مصر العليا في النصف الأول من القرن الثاني الميلادي. ولكنه أضاف أن البرديات لا تسعف الباحث بالإجابة عن أسئلة خاصة بانتشار المسيحية قائلا إن معتنقي المسيحية آنذاك كانوا يخشون كلما تعرض دينهم للخطر من القبض عليهم ومعهم دليل مكتوب.