انطلق بسيارته الفخمة ووصل متبختراً الى أحد شوارع العاصمة اللبنانية. ترجل من السيارة وسلّمها الى موظف الموقف او ما يتعارف على تسميته ب Valet Parking. مرّ عبر بوابة كبيرة تاركاً على عاتق الموظف ركن السيارة. هذا الشاب لم يدخل الى مطعم اومقهى، لم يدخل الى ناد ليلي، بل هو داخل فقط الى حرم الجامعة اللبنانية الأميركية LAU. خدمة لم تتوافر إلا لطلاب "اللبنانية الأميركية". فقط، في لبنان، هناك خدمة سريعة لركن السيارات: فرع الماكدونالدز في لبنان هو الفرع الوحيد بين جميع دول العالم الذي يتمع بخدمة الValet Parking. والآن أتى دور الجامعات فكان اللبناني هو السباق الى الاستفادة من هذه الخدمة، وكانت الجامعة اللبنانية الأميركية هي أولى الجامعات. أما صاحب الفكرة فهو سالم قباني، طالب التسويق في LAU. لا يتعدى عمره الحادية والعشرين. يقول سالم ان طلاب الLAU "مختلفون عن طلاب الجامعات الاخرى، ينتمون الى طبقات عليا من المجتمع تخوِّلهم الحصول على جميع أساليب الرفاهية والراحة. إنهم متعجرفون وتجذبهم المظاهر الخادعة، فأتت هذه الخدمة لتدغدغ كبرياءهم وتساعدهم على رسم الصورة التي يريدونها عن أنفسهم". ما قاله قباني، يستطيع أن يلاحظه المشاهد لدى بعض طلاب هذه الجامعة الذين يتبارون في اتباع الموضة واقتناء آخر الصيحات في عالم الألبسة والماركات. يكفيك أن تجلس دقائق معدودة في حرم الجامعة كي ترى Gucci قادماً وArmani راحلاً. وإذا دخلت الى الموقف المخصص للجامعة ترى سيارات، ان بيعت، قد تسد عجز موازنة لبنان. ولأن كل شيء بثمنه، فلمَ لا يدفع هؤلاء الطلاب ثمن سير بضعة امتار ويختصرونها بالوصول فوراً الى باب الجامعة الرئيسي بستين دولاراً شهرياً فقط لا غير؟ استطاع سالم أن يحدد نقطة ضعف هؤلاء الطلاب والاستفادة منها عبر مشروع تجاري مفيد له ولغيره. ويقول: "أين المشكلة في أن نساعد الطلبة على اختصار المسافات وحمايتهم من رذاذ المطر في الشتاء وتفادي أحياناً وصولهم المتأخر الى صفوفهم؟". استأجر سالم قطعة من موقع ماري كوري العقاري تتسع ل250 سيارة. إلا أن عدد السيارات في الأيام الأولى للمشروع لم يتعدّ الستين. فهل خيّب التلامذة آماله؟ ينفي سالم هذا الأمر لأنه يعتقد أنه وبانهمار الأمطار لاحقاً سيتدافع الطلاب للاستفادة من هذه الخدمة لانها ستكون ملاذهم الأخير. كما يؤكد ان العدد يرتفع يوماً بعد يوم، ما يعني أن صنارته غمزت. إلا أن جدلاً حصل مع إدارة الجامعة حول تسمية الموقف ب"LAU Valet Parking". وسارعت الادارة الى نفي تلك "التهمة" كما لم تتأخر في تعليق بيانات توضيحية ترفع عنها المسؤولية. ويعلق سالم على ذلك بالقول انه أتى بإذن "من رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري" لينفذ مشروعه، "لذا فإن رأي الجامعة لن يقدم ولن يؤخر". طلاب الأميركية اللبنانية منقسمون، منهم من يؤيد المشروع ويرى فيه خطوة ذكية تسهل أمور الطلاب، ومنهم من يرفضه رفضاً تاماً ويصفه "بالسخيف الذي يتلاءم مع سخافة البعض"، كما يقول الطالب مختار ضيا. لا شك ان صنارة سالم بدأت بالاصطياد، ربما في الماء العكر. لكنه كطالب تسويق يعلم تماماً ان السوق عرض وطلب. والمطلوب مظاهر ترضي "طموح" الطلاب وغرورهم. أما المعروض... فعزُّ الطلب.