تختلف قصيدة فدوى طوقان عن زميلتها في الشعر الحديث نازك الملائكة، بانسيابيتها وابتعادها عن المعوقات المعرفية المنظومة، فهي تعبر عن عواطفها بحرارة ضمن المعجم الشعري الرومانطيقي في مرحلتها الاولى وحد مع الايام - وجدتها - اعطنا حباً - امام الباب المغلق، حيث تدور قصائدها حول "مركزية الذات الأنثوية" حتى عام 1967، في زمن كان فيه الشعراء يميلون الى التعبير عن الهم الجماعي. لكنها منذ صدور مجموعتها "الليل والفرسان - 1969"، تتحول نحو الهمّ الجماعي الفلسطيني، من دون ان تتخلى عن نواتها المركزية، اي الذات الانثوية. لم تدخل فدوى منذ مجموعتها الاولى وحتى مجموعتها الاخيرة عام 2000، حقل شعارات الحداثة ورطانتها، بل ظلت تعبر عن تجاربها ضمن الشكل الشعري البسيط الحديث الذي انجزته منذ الخمسينات. ولعل المعجم الشعري لفدوى ظل معجماً غنائياً رومانطيقياً، مع بعض الاضافات الواقعية بعد عام 1969. اما المنظور الى العالم، فقد ظل منسجماً مع مشاعر امرأة، كانت مقهورة اجتماعياً، حتى وهي تتحرر من هذا القهر لاحقاً. وهذه الانسيابية الغنائية والبساطة هما مفتاح قراءة شعر فدوى، اضافة الى التراجيدية الحارقة الرومانطيقية في بعض قصائدها. حين التقيتها صيف 2002 لآخر مرة في عمان، اعتذرت فدوى للصحافيين انها لا تستطيع اجراء حوارات بسبب مرضها، ولكنني استطعت ان اجعلها توافق، عندما تقدمت صحافية لبنانية صديقة تريد حواراً معها لمجلتها، عندما قلت لفدوى جملة واحدة: "لبنان... لا تستطيعين ان ترفضي يا فدوى"، فأومأت بالموافقة. رحلت فدوى، وهي ترى الاسرائىليين يدمرون مدينتها الجميلة - نابلس. ورحلت بعد ان تركت بصمتها الانثوية مع زميلتها العراقية نازك الملائكة، على بدايات الشعر الحديث. فدوى هي حصة الاردن وفلسطين في الريادة الشعرية. فدوى وداعاً ايتها العمة الرقيقة.