بعد "الانفراج" المفترض الذي أوحت به تصريحات رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف احمد قريع أبو علاء في شأن التوصل الى حل بينه وبين الرئيس ياسر عرفات ل"معضلة وزير الداخلية"، انقلبت الصورة مجددا خلال اجتماع اللجنة المركزية لحركة "فتح" الذي عقد بعد ظهر أمس، وذلك في اعقاب رفض عرفات تعيين اللواء نصر يوسف نائباً لرئيس الوزراء من بين أربعة نواب كان قريع اقترح تعيينهم في اطار الطرح الذي شمل ايضا تعيين حكم بلعاوي مرشح الرئيس في منصب وزير الداخلية. وتجددت الأزمة رغم اعلان قريع توصله الى اتفاق مع عرفات في شأن حقيبة الداخلية يقضي باسناد الوزارة الى مرشح الرئيس لهذا المنصب، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" حكم بلعاوي، بدلا من مرشح قريع لهذا المنصب اللواء نصر يوسف، على ان تحال المسؤوليات الامنية المنوطة بوزارة الداخلية الى مجلس الامن القومي الاعلى الذي يترأسه عرفات نفسه. وبموجب هذا الاتفاق، ستقتصر صلاحيات وزير الداخلية الجديد على الشؤون "الادارية والمدنية" حسب ما اكد قريع نفسه خلال تصريحات بعد انتهاء اجتماعه وعرفات قبل ظهر امس. وبدا ان السلطة الفلسطينية بهيئتيها، الرئاسة ورئاسة الوزراء، طوت صفحة خلاف داخلي في شأن وزارة الداخلية بدأت جذوره منذ استحداث منصب رئيس الوزراء قبل نحو تسعة اشهر استجابة لاشتراطات "خريطة الطريق" التي تساندها الولاياتالمتحدة نظريا على الاقل. وأكدت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان قريع اضطر ل"التنازل" عن مرشحه اللواء يوسف نزولا عند الضغوط التي مورست عليه من اللجنة المركزية التي ايدت غالبية اعضائها موقف عرفات المعارض لهذا التعيين. وتمثل "حل الوسط" بتسمية اربعة نواب لرئيس الوزراء، من بينهم نصر يوسف بالاضافة الى سلام فياض وزير المال ونبيل شعث وزير الخارجية وصائب عريقات كبير المفاوضين. ويشارك يوسف في عضوية مجلس الامن القومي الاعلى الذي اعلن تشكيله قبل اسابيع. واعتبر المراقبون الاتفاق انتصارا لموقف عرفات الذي تشبث بموقفه الرافض لوضع كافة الصلاحيات الامنية بيد رئيس الوزراء أولاً ورفضه تولي يوسف حقيبة الداخلية. وكانت طرحت في الساعات ال24 التي سبقت اعلان الاتفاق، اقتراحات عدة من بينها ان يتولى قريع الداخلية، اضافة الى رئاسة الوزراء وتعيين نائبين لوزير الداخلية للشؤون المدنية او ان يتم تعيين بلعاوي وزيراً للداخلية وان يتم تعيين اربعة نواب لرئيس الوزراء، فاختار قريع الخيار الاخير، خصوصاً أنه لا يريد حسب مصادر مطلعة ان يتحمل المسؤولية الامنية وحده في هذه الظروف بالذات. واعتبر عدد من اعضاء "فتح" ان الكيفية التي انتهت بها أزمة وزير الداخلية "لا تبشر بعلاقات صحية بين الرئاسة ورئاسة الوزراء وستترك اثارها على اداء الحكومة". وكان من المقرر ان تعلن التشكيلة الحكومية الجديدة رسميا في ختام اجتماع ل"مركزية فتح" بعد تجاوز "عقبة" وزير الداخلية، خصوصا بعد استدعاء عدد من ممثلي فصائل فلسطينية مشاركة في الحكومة. غير ان ذلك ارجئ الى اجتماع قادم اليوم. مسائل لم تحسم وعلمت "الحياة" انه لم يتم حسم عدد الوزراء الجدد من "فتح" الذين يمثلون "الجيل الشاب" في حكومة قريع. ورجحت مصادر مطلعة ان تبقى الصبغة الغالبة للحكومة الجديدة هي ذاتها التي حكمت الحكومات الفلسطينية المتعاقبة من دون احداث تغيير جذري او "انقلاب" على الحرس القديم في ما يتعلق بالوزراء. غير ان المصادر ذاتها اشارت الى ان مرشحا واحدا من "الجيل الشاب" سيدخل قائمة الوزراء، وهو فارس قدورة، علما انه تم ترشيح ثلاثة اعضاء جدد من الحركة، بالاضافة الى فارس من بينهم دلال سلامة ومحمد الحوراني وحاتم عبد القادر. وستمثل الوزيرة زهيرة كمال حركة فدا في الوزارة الجديدة، واحمد المجدلاوي ممثلا عن جبهة النضال الشعبي، وغسان الخطيب عن حزب الشعب، فيما اعتذرت "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" عن عدم المشاركة في الحكومة الجديدة. وتغيب الوزير السابق ياسر عبد ربه الذي شارك في الوزارات السابقة باسثناء حكومة الطوارئ الاخيرة عن الحكومة الحالية. وسيحتفظ الوزراء السبعة في حكومة قريع الموقتة التي انهت عملها الاسبوع الماضي بمناصبهم. ومن المنتظر ان تعقد "كتلة فتح" في المجلس التشريعي اجتماعا لها قبل توجيه دعوة لكي يلتئم المجلس التشريعي لطرح الحكومة الثقة من اجل الخروج بموقف موحد وداعم للحكومة الجديدة التي اوضح قريع نفسه ان مركزية "فتح"، ستكون مسؤولة عن اختيار الوزراء. وجاءت ردة فعل اسرائيل سريعة ومقتضبة، اذ اعلن ناطق باسم خارجيتها ان ما جرى "شأن فلسطيني داخلي وان ما تنتظره اسرائيل هو قرار استراتيجي من الحكومة الفلسطينية بمحاربة الارهاب".