علمت "الحياة" ان حاكم المصرف المركزي العراقي سنان الشبيبي، سيزور بيروت خلال الأسبوعين المقبلين من اجل الاجتماع الى حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة لإجراء محادثات حول استعادة الأموال العراقية الموجودة في المصارف اللبنانية منذ عهد الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، والتي كان لبنان اشترط قيام حكومة شرعية معترف بها من اجل ان يوافق على تحريكها. وأفادت معلومات "الحياة" بأن الشبيبي سيحمل معه الوثائق التي تسمح للسلطة العراقية الجديدة بتغيير تواقيع المسؤولين المولجين تحريك الحسابات التابعة للدولة العراقية، والتي اودعت في المصارف اللبنانية، سواء من عائدات "برنامج النفط مقابل الغذاء الذي كان مجلس الأمن الدولي يطبقه قبل إسقاط نظام صدام، أو من عمليات تجارية ومالية كانت تقوم بها الدولة العراقية في لبنان او عبره. وكشفت مصادر مصرفية ل"الحياة" ان المصرف المركزي العراقي و"بنك الرافدين" سيوجّهان كتباً الى المصارف اللبنانية التي تعاملت معهما، يطلبان فيها رفع السرية المصرفية لمصلحة لجنة الرقابة على المصارف في لبنان، عن الحسابات المودعة في القطاع المصرفي اللبناني والعائدة الى السلطة العراقية السابقة، تمهيداً لإجراء توفيق Reconciliation بين القيود لدى الجانب العراقي والقطاع المصرفي اللبناني. وكانت الأممالمتحدة طالبت لبنان في اوائل ايار مايو الماضي بدفع 500 مليون دولار اميركي مجمدة في المصارف اللبنانية الخاصة، استناداً الى قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1483 الذي رفع العقوبات المفروضة على العراق منذ اجتياحه الكويت عام 1990 ومنح قوات الاحتلال الأميركية والبريطانية سلطة وصاية سياسية واقتصادية على العراق. وتتوزع هذه الأموال على زهاء 12 مصرفاً لبنانياً، ويشكل المبلغ الذي يعود الى الدولة العراقية جزءاً من ال500 مليون دولار، فيما يعود الباقي الى القطاع الخاص ولأفراد عراقيين... وكان جواب مصرف لبنان المركزي إزاء هذا الطلب تأكيده انه "الى حين اتمام إرساء الإدارة الشرعية الجديدة في العراق ولأسباب احترازية، تعاون مصرف لبنان والمصارف التجارية من اجل المحافظة على هذه الأموال لأصحابها، ومن اجل عدم تحريكها في غياب السلطات العراقية الشرعية". وأكد بيان لمصرف لبنان المركزي في حينها، ان ذلك "تم ضمن القوانين المرعية الإجراء في لبنان". وتقصد السلطات النقدية اللبنانية بالقوانين المرعية، قانون السرية المصرفية خصوصاً الذي لا يجيز الكشف عن حسابات لغير اصحابها وفقاً لتواقيعهم الشرعية. ما يوجب عليها التأكد من صدقية التواقيع التي ترد إليها من اجل الكشف عن الحسابات اولاً ومن اجل تحريكها ثانياً. وكان حاكم المصرف المركزي في لبنان اعلن سابقاً ان مهمته هي التأكد من ان التواقيع والمعاملات التي ستتلقاها المصارف الخاصة اللبنانية صحيحة بهدف حماية القطاع المصرفي. كما اكد ان مطالبة العراقيين بهذه الأموال طبيعية، لأنها ملك لهم. ويعتبر مصرف لبنان ان تحريك هذه الحسابات بصورة مخالفة للقوانين اللبنانية يتطلب قوانين جديدة خاصة بهذا الموضوع وهو امر يتعلق بالسلطة السياسية، إذ ان السلطات النقدية اللبنانية لم يسبق ان خالفت القوانين المرعية حفاظاً على سمعة لبنان المصرفية، في احلك الظروف وفي ظل أقسى الضغوط، بما فيها اثناء الاحتلال الإسرائيلي الذي عجز عن الاطلاع على حسابات مصرفية فلسطينية في عام 1982 إذ رفض المصرف المركزي ذلك. وسيطرح مجيء الشبيبي الى بيروت مسألة موقف السلطة السياسية في لبنان من شرعية الحكومة التي انتدبته في مهمته، خصوصاً ان وزراء لبنانيين امتنعوا عن لقاء وزير المهجرين والمهاجرين العراقي محمد جاسم خضير، اثناء زيارته بيروت من دون توضيح الأسباب. وتوقعت اوساط مطلعة ان يثير لبنان مع الشبيبي وجود مستحقات مالية لرجال اعمال لبنانيين تردد ان قيمتها تبلغ زهاء 400 مليون دولار اميركي، على الحكومة العراقية منذ عهد النظام السابق في اطار التبادلات التجارية سواء في عقود مع الأممالمتحدة او مع مؤسسات عراقية اخرى. ويتطلب الربط بين المسألتين وجود اطار قانوني خاص ايضاً بحسب السلطات النقدية اللبنانية. وكان الأردن اصدر قانوناً خاصاً جمّد بموجبه ودائع عراقية لمقايضتها بمستحقات لرجال اعمال اردنيين. ولم يتأكد ل"الحياة" ما اذا كان خبراء اميركيون من سلطة التحالف التي يترأسها السفير بول بريمر، سيرافقون الشبيبي ام لا.