الاحتلال الاميركي للعراق، المستعين بقوات بريطانية واخرى بولندية، واسبانية، وايطالية، ورومانية، ونروجية، وبلغارية ومنغولية، حانق على العرب غير العراقيين الذين يشاركون في عمليات مقاومة ضد الاحتلال ولا يريد ان يصدق ان الشعب العراقي يرفض هذا الاحتلال ويسعى للتخلص منه. وهذا الاحتلال الذي لا يخجل من محاولته تخفيف خسائره بتوزيعها على جيوش دول اخرى اجنبية بعيدة عن العراق آلاف الاميال يستهجن ان يساهم مواطنون عرب ينتمون لنفس الامة التي ينتمي اليها شعب العراق في دحر الاحتلال عن هذا البلد العريق العظيم. ومن سوء حظ اميركا ورئيسها جورج بوش الطامح الى ولاية رئاسية ثانية، ان عمليات المقاومة ضد قوات الاحتلال تتصاعد، باعتراف القادة العسكريين الاميركيين، كمّاً ونوعاً على مر الايام وانها تحصل الآن بمعدل يقرب من 25 عملية يومياً وصارت تشمل اسقاط طائرات مروحية وتطاول مقرات قيادة عسكرية وتفجير الغام ارضية تحت الدوريات اضافة الى نصب كمائن وبث الغام في جميع المناطق التي تتحرك فيها قوات الاحتلال. ومن المحتمل جدا ان تتوسع العمليات لتشمل استخدام قناصة وعمليات خطف للجنود الاجانب، خصوصا الاميركيين مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في اميركا. لقد ارتكب الاميركيون في العراق كل الحماقات التي كان يمكنهم ان يتجنبوها لو كان لديهم استراتيجية خروج من المستنقع الذي اسقطوا نفسهم في اوحاله بافتعالهم حرباً لا مبرر لها سوى شهوة صقور المحافظين والصهاينة في ادارة بوش. ذلك انهم سرحوا الجيش العراقي وكل اجهزة الامن وفككوا جهاز الخدمة المدنية بكل كوادره المؤهلة ذات الخبرة واوجدوا طوابير طويلة من العاطلين عن العمل. وفي ظل هذه البطالة بكل ما تعنيه من فقر وحرمان واذلال للآباء والامهات واطفالهم، لم يبذل الاحتلال بعد جهودا جدية لاعادة اعمار العراق على نحو يوظف عشرات آلاف الكوادر ويعيد للناس ارزاقهم وكرامتهم ويؤمن لهم بيئة نظيفة. وكل ما نسمع عنه في مجال اعادة الإعمار لا يتعلق الا بالمشاريع التي ارسيت عقودها اعتباطاً على شركات مثل "هيليبيرتون" و"بكتل" وغيرهما من الشركات التي يملكها و/ أو يديرها اقطاب في ادارة في بوش كنائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد وغيرهما. ان الاحتلال الاميركي العاجز عن ضمان امن جنوده عاجز كذلك عن تأمين الحماية للمتعاونين معه سواء كانوا من المستوى السياسي او الامني او القضائي او غير ذلك. ومن احدث افرازات هذا الوضع استقالة محافظ النجف احتجاجاً على انعدام الامن وحملة الاغتيالات التي طاولت شخصيات عامة لها صلات بقوات التحالف بمن في ذلك قضاة. ومن الطبيعي في العالم العربي الذي يمقت السياسة الخارجية الاميركية المنحازة مئة في المئة لاسرائيل الا يأسف احد على مصير الاحتلال الاميركي.ومن الطبيعي ايضا ان يتناول الجدل، داخل العراق وفي محيطه العربي، السبل الاصلح لاسترداد الشعب العراقي سيادته ومقدراته وموارده واعادة بناء بلده سياسياً ومادياً. ولعل الطريق الاقصر لتحقيق هذه الغايات توسيع دور الاممالمتحدة وتنظيم انتخابات عامة وتقليص دور الاحتلال الاميركي تمهيداً لانهائه وتولي العراقيين ادارة بلدهم.