بدا رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع أبو علاء عاقداً العزم على توظيف زخم المعارضة الدولية والفلسطينية ل"الجدار الفاصل" لحمل حكومة أرييل شارون على وقف البناء فيه كمؤشر "جدي" على نيات هذه الحكومة تجاه لقاء القمة بين الزعيمين. وفي حين لم يتحدد موعد اللقاء حتى الآن، شكك وزير الخارجية الفلسطيني نبيل شعث في امكان عقده في الايام القليلة المقبلة. وفي اول موقف رسمي من الحكومة الفلسطينية واضح ازاء سيل المبادرات واللقاءات والاتفاقات غير الرسمية بين شخصيات فلسطينية واسرائيلية، اوضح "أبو علاء" ان أياً من هذه المبادرات لا يلزم حكومته على الاطلاق، مشدداً على ان المبادرات الصادرة عن المجلسين الوطني والمركزي الفلسطينيين هي فقط التي تلزم الحكومة والسلطة الوطنية الفلسطينية. واعلن انه لن يشارك في اجتماعات "الحوار الوطني" التي ستبدأ في القاهرة غداً، لكنه اشار الى امكان مشاركته في الجلسة الختامية بناء على اقتراح تقدم به مدير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان. أكد رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع ابو علاء انه اذا ما استمرت الحكومة الاسرائيلية في بناء "الجدار الفاصل" فانه لن تكون هناك جدوى من عقد اللقاء بينه وبين نظيره الاسرائيلي أرييل شارون، مضيفا انه "اذا كانت الامور مغلقة وصح ما قاله شارون بأنه لن يلزم نفسه بشيء فلن يعقد هذا اللقاء". وقال "أبو علاء" رداً على سؤال في مؤتمر صحافي عقد في ختام الجلسة الاسبوعية لحكومته، انه لا يتحدث عن شروط، لكنه اضاف: "هذا ليس شرطا، لكن اريد موقفا جديا. هذا الجدار تدميري واذا استمروا به فلن تكون هناك حاجة الى اجتماع او مفاوضات" مع شارون. واعلن ان هناك جملة من المواضيع التي سيبحثها الامين العام لمجلس الوزراء ومدير مكتبه حسن ابو لبدة ورئيس لجنة المفاوضات صائب عريقات مع دوف فايسغلاس مدير مكتب شارون اليوم ويجب ان يكون لدى شارون جواب عليها، مضيفاً ان من هذه المسائل وقف البناء في الجدار ووقف الاستيطان واستيضاح ما نشر عن ضم الكتل الاستيطانية الكبيرة والحصار والحواجز العسكرية والحصار المفروض على الرئيس ياسر عرفات. وقال: "اذا ما وجدنا رغبة صادقة لدى الاسرائيليين سيجدون رغبة اكثر من جانبنا لحوار جدي. اما اذا كانت القضية مناورة منهم ومحاولة لطلي الاسنان بطعم حلو، فنحن لسنا راغبين في هذا اللقاء ولا نريده". وجاءت تصريحات رئيس الحكومة الفلسطينية قبل مغادرته رام الله متوجهاً الى العاصمة الاردنية استجابة لدعوة رسمية من نظيره الاردني فيصل الفايز. واشار قريع الى انه سيلتقي ايضاً العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني قبيل توجه الاخير الى واشنطن الاسبوع المقبل لعرض الخطة الامنية الفلسطينية على الرئيس جورج بوش. وكان مقرراً ان يجتمع قريع ووزير خارجيته نبيل شعث مع المبعوث الاميركي الخاص، مساعد وزير الخارجية وليام بيرنز في عمان مساء امس قبل ان يلتقي الاخير رئيس الوزراء الاسرائيلي في القدس اليوم. وكشف وزير الخارجية الفلسطيني نبيل شعث ل"الحياة" انه رفض طلباً تقدم به نظيره الاسرائيلي للاجتماع به، مشيراً الى ان ذلك لن يتم قبل عقد اللقاء بين "أبو علاء" وشارون. واوضح ان موقف السلطة الفلسطينية ثابت في شأن عدم جدوى التفاوض مع حكومة شارون قبل ان تتخذ الاخيرة موقفاً واضحاً بوقف العمل في بناء الجدار ووقف كافة اجراءاتها التعسفية ضد الشعب الفلسطيني. قريع يشيد باعلان انان وأشاد "أبو علاء" بالتقرير الصادر عن الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الذي أكد "انتهاك اسرائيل للقانون الدولي ببناء الجدار". واعلن ان الجانب الفلسطيني سيطلب من الجمعية العمومية في اجتماعها المقبل الاربعاء التوجه الى محكمة العدل الدولية ومقرها لاهاي لكي توضح الموقف القانوني لقوة احتلال تبني جداراً على ارض محتلة. وتم اعداد تقرير الاممالمتحدة بناء على طلب من الجمعية العمومية التي اتخذت قراراً بغالبية ساحقة الشهر الماضي يطالب اسرائيل بوقف البناء في الجدار و"تدمير الاجزاء التي شيدت فعلاً" داخل الاراضي الفلسطينية. واعتبر التقرير ان تشييد الجزء الاكبر من الجدار في الاراضي الفلسطينية المحتلة "يقوض مفاوضات السلام ويضر بإمكان التوصل الى حل سلمي مستقبلاً". ولا يعتبر قرار الجمعية العمومية ملزماً، لكنه يعطيها الحق في فرض اجراءات عقابية على اسرائيل لعدم تنفيذها القرار. واشار التقرير الى ان الجدار يلتهم نحو 17 في المئة من اراضي الضفة على مساحة يسكنها 165 الف فلسطيني، اضافة الى 220 الف فلسطيني في القدس. واذا ما استكمل بناء الجدار، فإن 160 الف فلسطيني آخرين سيعيشون في "جيوب". ... واسرائيل ترفض وتتحدى مجدداً وهاجمت اسرائيل بشدة تقرير الاممالمتحدة واعتبرته "متحيزاً". اعلن نائب ممثل اسرائيل لدى الاممالمتحدة أرييه ميكيل ان اسرائيل "تشكك كثيراً بنتائج التقرير"، معتبرا انه جرى "استغلال الجمعية العمومية في الاممالمتحدة بشكل ساخر". واعتبرت وزارة الخارجية الاسرائيلية ان "لا بديل عن اقامة الجدار"، الذي اكدت انه لا يشيد "لاهداف سياسية بل هو اسلوب غير عنيف للدفاع عن النفس". وكان بوش طالب الحكومة الاسرائيلية الاسبوع الماضي بوقف البناء في الجدار والسياج. وفي سياق متصل، دعا الجنرال السابق في الجيش الاسرائيلي متان فلنائي عضو الكنيست عن حزب "العمل"، شارون الى تغيير مسار الجدار وجعله "مساراً امنياً معقولاً". وقال فلنائي الذي قدم الاسبوع الماضي مشروعا يتضمن اطار مسار الجدار: "يجب تحويل الجدار الى مسار لا يضم عشرات آلاف الفلسطينيين ولا يكلف كثيرا ولا يورطنا مع الولاياتالمتحدة". غير ان شارون اعلن الخميس الماضي ان حكومته ستسير قدماً في بناء الجدار. ويكتسب تقرير الاممالمتحدة اهمية خاصة في هذا الظرف بالذات الذي تواصل فيه الحكومة الاسرائيلية بناء الجدار على قدم وساق وفي غير محور في الاراضي الفلسطينية، ما خلق امراً واقعاً جديداً يتعزز ويتسع يوما بعد يوم. السلطة و"اتفاق جنيف" على صعيد آخر، اعلن "أبو علاء" موقف حكومته الواضح ازاء القائمين والمشاركين في التوقيع على "اتفاق جنيف" غير الرسمي بين شخصيات فلسطينية واسرائيلية، مشيرا الى انه "لا توجد مبادرة رسمية فلسطينية على الاطلاق الا المبادرات التي اقرها المجلسان الوطني والمركزي، وهي الوحيدة الملزمة للحكومة والسلطة الوطنية". واوضح قريع ان "اي مبادرات يتم الحديث عنها او سيتم الحديث عنها ما هي الا مبادرات شخصية لا تلزم الحكومة". واشار الى ان مشاركة بعض الوزراء الفلسطينيين في هذه المبادرات تتم "بصفتهم الشخصية" وليس كممثلين عن الحكومة، موضحاً ان بعضهم انخرط في هذه اللقاءات والحوارات قبل مشاركتهم في الحكومة الجديدة. وكان "أبو علاء" اشار في تصريح آخر امس الى ان "اتفاق جنيف" هو تماماً مثلما وصفه صحافي لبناني: "كالساعات السويسرية لا تقدم ولا تؤخر". وتأتي تصريحات "أبو علاء" عشية توجه عشرات الفلسطينيين الى جنيف للمشاركة في التوقيع على الاتفاق غير الرسمي الذي شارك في اعداده الوزير الفلسطيني السابق ياسر عبد ربه وعدد من قياديي حركة "فتح" من بينهم الوزير بلا حقيبة قدورة فارس والنائب محمد الحوراني، فيما شارك في اعداده من الجانب الاسرائيلي وزير العدل السابق يوسي بيلين ومجموعة من اعضاء حزب "العمل" وحزب "ميرتس" اليساري وضباط سابقون في الاجهزة العسكرية الاسرائيلية. احتجاجات شعبية ضد "اتفاق جنيف" وفي الوقت الذي خرج فيه عشرات الفلسطينيين في رام الله للاحتجاج على "اتفاق جنيف" والقائمين عليه، اطلق مجهولون النار باتجاه منزل عبد ربه، فيما دعت مؤسسات فلسطينية تدافع عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين السلطة الى منع الشخصيات الفلسطينية من التوقيع على الاتفاق. ومن جانبه، نفى نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ان يكون هذا الاتفاق "رسمياً"، مشيراً الى ان الجهة المخولة التفاوض هي الحكومة الفلسطينية الشرعية والقائد المنتخب الرئيس الفلسطيني. واكد مع ذلك ان المشاركين في الاجتماعات حصلوا على موافقة الرئيس للمشاركة في "ندوات دولية" طالما دعي الفلسطينيون الى المشاركة فيها مع الاميركيين والاوروبيين وحتى الاسرائيليين. شعث: كثرة اللقاءات خطأ واكد شعث ل"الحياة" ان كثرة اللقاءات والحوارات مع الجانب الفلسطيني في هذه المرحلة بالذات "غير صائبة"، مشيرا الى ان اقوال شارون في الايام الاخيرة تؤكد انه لا يريد التقدم باتجاه المفاوضات او السلام وان هذه اللقاءات لا تساعد الفلسطينيين في شيء. وفي رده على سؤال ل"الحياة" في شأن التوقيع على "اتفاق جنيف"، قال شعث: "هناك فرق بين اللقاء في جنيف وبين وثيقة جنيف. اللقاء يساعد في تحريك الرأي العام للضغط على الحكومة الاسرائيلية ومجمل العمل الذي قاد الى هذه الوثيقة ساعد في هذا الاطار، لكن لا نستطيع ان نلتزم بنود الوثيقة التي تفاوض حولها معارضة اسرائيلية ووزراء في الحكومة الفلسطينية. هذه وثيقة غير رسمية ولا تلزم السلطة في شيء". وكشف شعث انه رفض المشاركة في اجتماعات لندن الاخيرة، معتبرا ان "عقد مثل هذه اللقاءات في وقت يحاول العالم مساعدة الفلسطينيين في وقف البناء في الجدار وينتقد شارون لا يساعد الفلسطينيين في شيء بل ويضر بهم".