في مقاله "الحياة"، في 3/11 دعا د. وحيد عبدالمجيد الى تبني فكرة إقامة دولة واحدة تجمع بين الفلسطينيين والاسرائىليين، مستنداً في ذلك الى استحالة قيام دولة فلسطينية، من الناحية الجغرافية، بسبب الجدار الفاصل الذي تقوم اسرائىل ببنائه حالياً في الأراضي المحتلة، وسيؤدي الى تقسيم فلسطين التاريخية الى "كانتونات" منفصلة يصعب ان تتلاقى وتكتمل في دولة واحدة. د. وحيد عبدالمجيد بطرحه هذا يبدو، عامداً او غير عامد، منساقاً وراء سياسة اسرائىلية عتيقة وفاعلة، للأسف الشديد، تقوم على تغيير الاوضاع الجغرافية في فلسطين بين الوقت والآخر، بحيث يتم التفاوض على آخر هذه الاوضاع، وليس على الحدود الاصلية. فهل لمجرد ان اسرائىل، بجدارها العنصري هذا، تغير من جغرافيا فلسطين، يخرج علينا د. وحيد ليدعونا لننسى، هكذا بكل بساطة كل الدماء الفلسطينية التي سالت، والأرواح التي زهقت، والاحلام التي وئدت، بيد اسرائىلية فاشية؟ وكيف يتخيل الاكاديمي الفاضل ان يتجاور حملاً مثخناً بجراحه، وذئباً لا تزال آثار الدماء عالقة في انيابه، معاً في سلام ومحبة وود؟ وكيف يتنازل الفلسطينيون عن حقهم في ارضهم الذي ترفضه كل الاعراف والتقاليد والشرائع، هكذا بكل سهولة؟ ولو افترضنا جدلاً ان الفلسطينيين وافقوا على هذا الاقتراح المهين لكرامتهم ولكفاحهم، مَن من الاسرائىليين سيجرؤ على مجرد التفكير في مثل هذا الاقتراح العجيب الذي يقوض من الاساس فكرة الدولة اليهودية الخالصة التي هجر اليها كل اليهود من انحاء العالم؟ ألا يقرأ د. وحيد استطلاعات الرأي الخاصة بالشعب الاسرائىلي؟ ألا يرى الأعداد الضخمة منهم التي تؤيد قتل الفلسطيني بكل شراسة وقوة؟ كيف يمكن ان تجبر شخصاً اعتاد ان ينظر الى الآخر على انه عدو له، ولا سبيل للتعامل معه إلا بالقتل والعنف، على ان يعيش معه تحت سقف واحد؟ وأخشى ان يدعو د. وحيد، في مقال آخر، الى ان يصبح العراق ولاية امريكية، إذا رأى انه من الصعب ان ينال العراق استقلاله من الاحتلال الامريكي بسبب فوضى المقاومة هناك. المنصورة - محمد هشام عبيه [email protected]