دخلت بريطانيا على خط جهود انقاذ عملية السلام في الشرق الاوسط، وشهد مقر رئاسة وزرائها بعد ظهر امس جلسة عمل شارك فيها مسؤولون فلسطينيون واسرائيليون ومستشارون لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير من اجل البحث عن صيغة تفتح آفاقاً جديدة لاستئناف عملية السلام. وجاء هذا اللقاء بعد جهود بذلها اللورد مايكل ليفي احد مستشاري بلير. راجع ص 5 في غضون ذلك اعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون التزامه شخصيا اتمام بناء "الجدار الفاصل" ورفضه تفكيك الاستيطان، ملمحاً في الوقت نفسه إلى انسحابات لم يحددها واجراءات من جانب واحد. كما تتزامن مع اعلان رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع ابو علاء ان مدير مكتبه ومدير مكتب شارون سيلتقيان مطلع الاسبوع المقبل للاعداد للقاء قمة. واضاف ان "تغيير الاجواء ضروري"، متعهداً العمل على منع بناء "الجدار الفاصل"، الا انه لم يشر الى ان وقف اعمال البناء شرط ضروري لعقد اللقاء. وفي ما يتعلق بالاجتماعات التي رعتها الحكومة البريطانية، فإن الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي تبادلا الاتهامات بعدما وصف نجل رئيس الوزراء الاسرائيلي النائب عومري شارون الفلسطينيين بأنهم غير جادين في احترام تعهداتهم الامنية، الامر الذي دفع جبريل الرجوب المستشار الامني للرئيس ياسر عرفات، الى الرد عليه بضرورة انهاء الاحتلال وازالة المستوطنات. وقال الرجوب ل"الحياة" بعد اللقاء: "لن يكون بيننا وبين الاسرائيليين اتصالات من تحت الطاولة بعد ما حصل خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب انعدام الافق السياسي في ظل استمرار العدوان على الشعب الفلسطيني"، مضيفاً: "ان اي مطالبة اسرائيلية بوقف لاطلاق النار لن تنجح اذا لم تشمل وقفا للعدوان". واعتبر ان الحديث عن "وقف كل اشكال المقاومة مطلب غير منطقي قبل انهاء الاحتلال ومع استمرار الاستيطان". وقال ان السلطة الفلسطينية لا تعارض اقامة "جدار فاصل" اذا كان ذلك على طول "الخط الاخضر" الفاصل بين الضفة واسرائيل. وكشف الرجوب انه سلم بلير رسالة من عرفات أكد فيها تمسكه بتطبيق "خريطة الطريق"، كما اظهر دعما قويا لحكومة قريع في الجهود التي تبذلها لانعاش عملية السلام. وحضر لقاء لندن النائبان زياد ابو زياد وسفيان ابو زايدة، ومسؤولان في وزارتي الدفاع والخارجية الاسرائيليتين عاموس غلعاد وجدعون مئير، والنائبان العماليان افراييم سنيه واسحق هيرتزوغ، ومستشارون لبلير الذي اصيب بوعكة صحية. وعقب اللقاء، انتقل الفلسطينيون والاسرائيليون الى وسط الريف البريطاني لاستكمال مناقشاتهم بهدف استكشاف الوسائل التي من شأنها ان تؤدي الى الخروج بصيغة تفتح افاقا جديدة لاستئناف عملية السلام. ورفض الرجوب ان تكون محادثات لندن التي تمت بدعوة من اصدقاء اسرائيل في حزب العمال الحاكم، محاولة من جانب شارون ونجله للالتفاف على "مؤتمر جنيف" الذي سيعقد مطلع الاسبوع المقبل. وأكدت الحكومة البريطانية ان جهود انقاذ عملية السلام ستتواصل على رغم الاجواء الحالية غير المشجعة. وقالت مصادر حكومية اخرى ان الرئيسين جورج بوش وجاك شيراك عبرا عن دعمهما لأي تحرك يقوم به بلير، أو أي مبادرة تدخل في نطاق المبادرات التي حددت خطوطها الرئيسية اللجنة الرباعية التي صاغت "خريطة الطريق". وفي بيان أصدرته أمس، دانت حركة "حماس" الاتصالات الرسمية وغير الرسمية التي تجريها السلطة الفلسطيني مع إسرائيل واعتبرتها غطاء للعدوان. لا جديد عند شارون في غضون ذلك، واصل شارون امس مساعيه لاسترداد شعبيته المتهاوية، وشرع في الحديث عن مبادرة سياسية قال انه يعكف على صوغها، وكان واضحاً انها لا تحمل جديداً، فلمح الى استعداده للانسحاب من بعض المناطق المحتلة عندما قال ان اسرائيل لن تكون في نهاية المطاف في كل الاماكن التي تسيطر عليها الآن، مضيفاً انه اقترح في الماضي تقسيم المناطق المحتلة عام 1967، في تأكيد جديد لرفضه الانسحاب الى حدود عام 1967. وعاد شارون الى لغة تهديد الفلسطينيين، معتبرا ان لصبر اسرائيل حدودا، وحينها ستتخذ اجراءات احادية الجانب في حال لم تحارب السلطة الفلسطينية "الارهاب". وقال ان بناء "الجدار الفاصل" سيستمر، بل سيتم تسريعه بسبب "حيويته" بالنسبة الى أمن اسرائيل، وقال انه ملتزم شخصيا اتمام هذا المشروع. واضاف ان حكومته ازالت 43 نقطة استيطانية "غير مجازة"، وهي مسألة نفتها حركة "السلام الان" الاسرائيلية. كما قال ان قضية الاستيطان هي من قضايا الحل الدائم، رافضا التزام اخلاء مستوطنة "نتساريم" في قطاع غزة. ولمح الى ان عدداً من النقاط الاستيطانية تحظى ب"أهمية امنية" بالنسبة الى اسرائيل، ما يعني انه لن يتم تفكيكها.