إن دلّت الانتخابات الطلابية في الجامعة اللبنانية -الأميركية على شيء، فليس على النزعة الطائفية المتغلغلة في نفوس شباب الأحزاب اللبنانية فحسب، بل أيضاً على سوء فهم هؤلاء للديموقراطية، ما أدى الى استخدامها استخداماً مهيناً، خصوصاً ان النشاطات الحزبية لم تتوقف عند تراشق البيانات بل تعدته الى التراشق بالكراسي فور اعلان الفوز الكاسح للائحة "المقاومة والتغيير". و"صراع الكراسي" لم يكن سوى حلقة صغيرة من سلسلة طويلة من الاستفزازات والمواجهات التي سبقت اليوم الانتخابي. وكان احد عناصر حركة "أمل" ينوي، كما يبدو، تصفية حساب قديم من معركة انتخابية سابقة مع فرد آخر من "شباب المستقبل"، عبر عرض قصير للعضلات المفتولة لم تدم مدته سوى ثوان اذ تدخل آخرون الى جانب أمن الجامعة لفض النزاع لا لحل الخلاف. هذا الخلاف تلاه تلاسن بين فرد من مجموعة "بابلو نيرودا" وآخر من "حزب الله". وقالت جماعة "نيرودا" ان لدى "حزب الله" نية بنشر بيان يتهم أحد أعضاء لائحتهم بالعمالة الإسرائيلية. الأمر الذي نفاه ممثلو الحزب طالبين التأكد من صحة المعلومات قبل اتهام الغير بأمور لم تحدث. ووصل الأمر بمجهولين الى تهديد مرشح "تجمع الشباب المسيحي" هارون عواد ومطالبته بالانسحاب من الانتخابات. ويقول أحد أفراد "بابلو نيرودا"، رافضاً الكشف عن اسمه، انه تعرّض لمحاولة اعتداء بالضرب من المنافسين بعدما انفردوا به في أحد ممرات الجامعة وحاولوا رميه من على "تلة" صغيرة. هذا طبعاً اضافة الى بيانات متبادلة تحتوي على رسائل ضمنية تمثل وسيلة جديدة للاستفزاز: انتهى مثلاً احد بيانات لائحة "المقاومة والتغيير" بعبارة "اللي بيتو من زجاج، ما بيراشق الناس بالحجارة". وبالطبع، لم تخل تلك المشاهد من الألفاظ السوقية والعبارات الخادشة للذوق العام التي لا تليق بمستوى طلاب الجامعات. وبالعودة الى اللوائح، ضمت لائحة "المقاومة والتغيير" حركة "أمل"، "حزب الله"، "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، "تجمع شباب البقاع" ومستقلين. ونافست هذه اللائحة لائحة "حقوق الطلاب" التي ضمت "منظمة الشباب التقدمي"، "شباب المستقبل"، "لجنة الطلاب الفلسطينيين". بالإضافة الى لائحة "التحول" المؤلفة من "حركة الشعب"، و"مجموعة بابلو نيرودا" وطلاب فلسطينيين ومستقلين. أما "التيار العوني" و"الجماعة الإسلامية" فكانت مشاركتهما رمزية عبر مرشح منفرد لكل منهما. وبعد انتهاء التصويت بساعة ونصف تقريباً ظهرت نتيجة الانتخابات من طريق الفرز الآلي. وظهرت معها أفواج مهللة من لائحة "المقاومة والتغيير" فرحة بفوز لائحتها كاملة. ولم يسعف لائحة "حقوق الطلاب" سوى أن لائحة "المقاومة والتغيير" لم تكن مكتملة، أي انها اوصلت ثمانية مرشحين من أصل عشرة مقاعد، ففازت منافستها بهذين المقعدين. النتيجة لم ترض اشتراكيي لائحة "حقوق الطلاب" الذين اعتادوا الفوز الدائم في انتخابات الجامعة اللبنانية - الأميركية بالذات. وكانت الخسارة بالنسبة اليهم أمراً غير منطقي، فشككوا بصحة الفرز الآلي وطالبوا بإعادة الفرز يدوياً متمثلين بما حدث في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة بين بوش وآل غور. رفضت ادارة الجامعة اعادة الفرز رفضاً باتاً. لكن الطلاب عادوا ووجدوا خطأ تقنياً اقنعوا فيه الادارة التي خيرتهم بين اعادة الفرز آلياً أو القبول بالنتيجة على رغم عدم اقتناعها بأن هذا الخطأ سيشكل فارقاً. رفض ممثلوا لائحة "حقوق الطلاب" هذا الأمر وانسحبوا من قاعة الفرز. أعاد المسؤولون في الجامعة الفرز آلياً الا ان النتيجة بقيت كما هي. وقال عميد الطلاب في الجامعة اللبنانية - الأميركية د. طارق نعواس ان نظام الفرز صحيح مئة في المئة وهو يستعمل في نقابة الأطباء ونقابة المحامين. وتمت تجربته أيضاً السنة الماضية في فرع الجامعة في جبيل". وأكد ان الجامعة عرضت النظام أمام ممثلي الأحزاب "ولم يرفضه أحد". كل تلك الأمور أدت الى رفض الجامعة إعادة الانتخابات يدوياً. في لبنان لا نستغرب أموراً كهذه. فالانتخابات لبنانية حتى لو كانت في حرم جامعة اميركية!