سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
معركة حامية اختلطت فيها اوراق القوى الحزبية مع عوامل الصداقة والعلاقات الشخصية . سليم الأسطا نقيباً لمحامي بيروت : كفى اعتقالاً سياسياً وملفات تطوى وتستولد
انتخب المحامي سليم الأسطا نقيباً للمحامين في بيروت خلفاً للنقيب ريمون شديد بفارق 91 صوتاً عن منافسه الوحيد المحامي رمزي جريج. ونال الأسطا 1829 صوتاً، بينما حصل جريج على 1738 صوتاً من مجموع الناخبين البالغ عددهم 3635 ناخباً من اصل 5300 محام يحق لهم الاقتراع. وسجل الاقتراع نسبة مشاركة مرتفعة بلغت اكثر من ثمانية وستين في المئة من مجموع الذين يحق لهم الانتخاب وأدرجت اسماؤهم على لوائح الشطب بعدما سددوا اشتراكاتهم السنوية ضمن المهلة القانونية المحددة. ولم يحدث انتخاب الأسطا مفاجأة غير متوقعة في اوساط المحامين على رغم ان معظم الترجيحات كانت تتوقع حصول منافسة قوية بينه وبين جريج. وكان لافتاً ان المنافسة لم تأخذ طابعاً حاداً ولم تتحول مبارزة كسر عظم، نظراً الى ان التيارات السياسية والحزبية الفاعلة داخل نقابة المحامين لم تحصر تأييدها بهذا المرشح او ذاك بل توزعت اصواتها في الدورة الأولى التي خصصت لانتخاب اربعة اعضاء جدد لمجلس النقابة على معظم المرشحين الأساسيين، وقد لعبت الصداقات والعلاقات الشخصية دوراً في التصويت للمرشحين الثمانية الذين فاز منهم بنتيجة الفرز الإلكتروني محمد شهاب 2227 صوتاً رمزي جريج 1840 سليم الأسطا 1822 وجان سلوان 1733 بينما انتخب المرشح الأول الخاسر نهاد جبر 1499 صوتاً رديفاً. وفي الدورة الثانية المخصصة لانتخاب النقيب الجديد للمحامين، انحصرت المنافسة بين الأسطا وجريح بعدما اخفق منافسوهما سليم غاريوس وشفيق الراعي وجبر في الوصول الى العضوية، كشرط للترشح لمنصب النقيب. وإذا كان جريج المدعوم في شكل رئيسي من حزب "الكتلة الوطنية" اقوى التيارات الناخبة والمؤثرة بين المحامين اضافة الى "تيار المستقبل" الموالي لرئيس الحكومة رفيق الحريري، ومجموعات من المحامين تتأثر بطريقة او بأخرى ب"القوات اللبنانية" - سمير جعجع وحزب الكتائب، وحشد من المحامين المخضرمين، فإن منافسه الفائز النقيب الأسطا اعتمد على تيار الشباب وهو صاحب تجربة في التعاون معهم والتنقل وإياهم - عندما كان عضواً في النقابة - بين القضاة وقاعات المحاكم من اجل تسهيل امورهم وإنجاز معاملاتهم. وبناء على خريطة التخالفات وتوزع الأصوات لا يمكن التعامل مع نتائج هذه الانتخابات على انها معركة بين الموالاة والمعارضة لأن عامل بعثرة الأصوات وتوزعها لعب دوراً حاسماً في ايصال الأسطا الى النقابة، لا سيما ان محامين محسوبين على تيارات "القوات" و"الوطني الحر" العماد ميشال عون و"لقاء قرنة شهوان" انقسموا في الاقتراع في معركة النقيب كما كانت الحال بالنسبة الى الأحزاب والتيارات المشاركة في الحكومة التي لم تصب اصواتها لمصلحة مرشح دون الآخر وإنما اختارت مرشحها بناء لعلاقات صداقة حلت مكان الالتزام بالقرارات الحزبية. لكن هناك من يحاول ان يصنف الأسطا معارضاً هادئاً او صاحب علاقات وطيدة ببعض الدوائر النافذة في السلطة التي عملت من اجل انجاحه، إلا ان هذا التصنيف يبقى في إطار تجيير حسابات الربح والخسارة. اما جريج فغير معروف بمعارضته للنظام أو بأنه على خلاف مع رموز اساسية في الدولة على رغم انه كان في عداد المحامين الذين وقفوا الى جانب محطة "ام تي في" ودافعوا امام المحاكم ضد قرار اقفالها. وفي المقابل مني حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون بخسارة، نظراً الى إخفاقه في إنجاح مرشحه للعضوية وللنقابة في آن معاً، المحامي نهاد جبر، خلافاً للتيار العوني الذي ربح مقعداً بفوز مرشحه جان سلوان، الذي استفاد من صداقاته بين المحامين من خريجي كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية وهو واحد منهم. ويسجل للانتخابات غياب طابع المنافسة المذهبية او المناطقية، اذ اعيد انتخاب الصيداوي محمد شهاب عضواً في النقابة وإن كان تردد في اوساط الماكينات الانتخابية ان العامل الطائفي لعب دوراً في تأمين انتخاب النقيب الأسطا باعتباره مارونياً من وادي شحرور جبل لبنان ضد منافسه جريج الأرثوذكسي من الكورة الذي تراجع تأييد بعض المجموعات المنتمية الى "القوات" والتيار العوني له، منضمة في اللحظة الأخيرة الى الأسطا الذي نجح في ان يرفع عدد الذين انتخبوه نقيباً، في مقابل تراجع جريج الذي خسر من مؤيديه في الدورة الثانية نحو مئة وصوتين. وأكد الأسطا الذي تلقى اتصال تهنئة من كل من رئيس الجمهورية اميل لحود ووزير العدل بهيج طبارة "الالتزام مع المحامين في ان يكون الوطن على مثال نقابتنا عيشاً موحداً حراً واحترام معتقدات الآخر وخصوصيته"، مشدداً على ان ذلك لن يتحقق إلا اذا اضطلعت نقابة المحامين فعلاً لا قولاً بدورها الوطني والنقابي والمهني في خدمة المحامي وفي تحقيق مصالحه والدفاع عن كرامته وتفعيل دوره". وقال: "لم تكن النقابة ولن تكون شاهد زور". وأضاف: "كفى اعتقالاً سياسياً يشرب من عافية الوفاق الوطني وكفانا ملفات تطوى وتستولد من رحم الإلهاء او التستر". وكان النقيب السابق ريمون شديد افتتح الجمعية العمومية، عارضاً منجزات ولايته. وقال انه ما تلكأ عن "القيام بواجب" او تردد في "جبه مأزق".