يؤكد الاسلوب الذي هاجم به "الارهابيون" مجمع "المحيا" السكني انهم محترفون ويمتلكون مهارات عالية وانهم من عناصر تنظيم "القاعدة" الذين تلاحقهم السلطات السعودية. فعند منتصف ليل السبت - الاحد الماضي قامت مجموعة مسلحة من الارهابيين باعتلاء تلة جبلية مواجهة لبوابة المجمع من الجهة الغربية وبدأوا باطلاق الرصاص والاشتباك مع نحو ثلاثين عسكرياً من الجيش السعودي كانوا يتولون حراسة المجمع وكان الهدف من الاشتباك بالرصاص هو اشغال عناصر الحراسة لتمكين السيارة المفخخة بالمتفجرات من الدخول للمجمع عبر بوابته حيث كانت السيارة التي استقلها عدد آخر من الارهابيين - يرتدون ملابس عسكرية - هي جيب عسكرية من النوع نفسه الذي تستعمله دوريات القوات الامنية مسروقة. ووفقا لما قاله محمد صالح المحيا، نجل صاحب المجمع الذي التقته "الحياة" في الموقع، فإن حراس البوابة الذين قتل احدهم وهو سوداني لم يتعرضوا للسيارة المفخخة التي عبرت الى داخل المجمع وتم تفجيرها في وسط المجمع عند الساحة الرئيسية التي تتوسط مجموعة من اكبر الفلل فيه، ولم يعرف ما اذا كان ركاب السيارة المفخخة قد فجروا انفسهم ام فروا، لأن سكان المجمع اجمعوا على انهم سمعوا اطلاق رصاص قبيل تفجير السيارة وبعده. ونجم عن التفجير تدمير ست فلل تدميراً كاملا وتضرر 17 فيلا اخرى بشكل كبير في حين اصيب عدد آخر من الفلل باضرار مختلفة. وفي زيارة لموقع الانفجار شاهدت "الحياة" السيارة المفخخة وقد تناثر حطامها واحدثت حفرة عمقها متر وقطرها متران في الساحة التي كانت تحيط بها الفلل الست المدمرة وشوهدت عشرات السيارات التي تحطمت تماماً واحترقت والتي تضررت بفعل الانفجار وكان من بينها سيارة "دفع رباعي" - تحمل لوحات ديبلوماسية خضراء". وفي الساعة الخامسة من فجر امس كانت فرق الانقاذ التابعة للدفاع المدني لا تزال تقوم برفع الانقاض والبحث بينها عن اي ضحايا او احياء، وكانت قوى الامن وفرق الانقاذ قد اخلت المجمع من ساكنيه ونقلت المصابين والضحايا الى المستشفيات فور حدوث التفجير الارهابي. وفي داخل احدى الفلل المحطمة شاهدت الحياة العاب اطفال وكتباً مدرسية واسطوانات متناثرة وآثار دماء غزيرة في المطبخ، والسلم الداخلي للفيلا وقد تهدم. وخلال وجود "الحياة" في المجمع فجر امس قام الامير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية السعودي بتفقد الموقع ومعاينة آثار الدمار فيه وتشجيع عناصر فرق الانقاذ على الاستمرار في واجبهم، وقال ل"الحياة" والغضب والحزن باديان عليه "من المؤكد انهم ليسوا مسلمين، من الذي يقوم بمثل هذا العمل الارهابي ضد مسلمين في شهر رمضان المبارك؟". وكانت الحصيلة الاولية لضحايا التفجير في ذلك الوقت خمسة قتلى ثلاثة لبنانيين و هندي وسوداني و99 مصاباً معظمهم من الاطفال نقلوا الى مستشفيات الرياض المختلفة، ولكن مع الاستمرار في رفع الانقاض عثر قبل ظهر امس على جثث اسرة مصرية الاب علي راغب 40 عاماً وزوجته سلوى 33 عاماً وطفليهما الصغيرين عمر 8 سنوات واحمد 4 سنوات. وعند الظهر بلغ عدد ضحايا التفجير الارهابي احد عشر قتيلاً: اربعة لبنانيين واربعة مصريين وسعودي يعتقد انه من عناصر قوات الحراسة وسوداني وهندي، في حين بلغ عدد المصابين 122 شخصاً معظمهم من الاطفال والنساء، وكان بينهم اسرة من ثلاثة اميركيين واسرة من ثلاثة كنديين من اصل عربي. واعلنت السفارة اللبنانية في الرياض ان هناك اربعة لبنانيين قتلوا جراء الانفجار بينهم شقيقان من عائلة مزهر وان هناك ثلاثة مفقودين آخرين بالاضافة الى 29 جريحاً، وسيعقد السفير اللبناني الجديد لدى الرياض اجتماعاً مع اللبنانيين الذين كانوا يقيمون في المجمع اليوم الساعة الواحدة ظهراً في موقع الانفجار ليبحث معهم في المشاكل التي ترتبت عما حدث وخصوصاً ان معظمهم فقد أوراقه الثبوتية. ويقع مجمع "المحيا" السكني في منطقة وادي لبن غرب العاصمة وهو واد "تنتشر فيه الاستراحات والمزارع وفي الجهة الشرقية من الوادي يقع قصر اليمامة الملكي ويطل قصر الامير عبدالعزيز بن فهد وزير الدولة عضو مجلس الوزراء على الوادي وعلى المجمع بالذات، لذلك كان الامير عبدالعزيز من اول المسؤولين الذين وصلوا الى المجمع وشوهد وهو يجول داخله ويشارك في عمليات انقاذ المصابين حاملاً سلاحه. وبعد حدوث التفجير طوقت قوات الامن المنطقة وقامت عناصر من قوات الامن الخاصة بعمليات بحث في الوادي والجبال المحيطة به لتعقب الفارين من الارهابيين شاركتهم بذلك طائرة مروحية كانت تستخدم الانوار الكاشفة ولم يعرف ما اذا كان قد تم القبض على أحد من الارهابيين. وفي الوقت نفسه طوقت القوات الامنية منطقة الحي الديبلوماسي الذي يقع على بعد خمسة كيلومترات من موقع التفجير ومنعت الدخول والخروج منه الا لسكانه في حين هرع المئات من سكان الرياض الى المنطقة لمشاهدة ما حدث، ولكن السلطات الامنية منعتهم فاحتشد العشرات منهم فوق جسر "وادي لبن" المعلق حتى ان احد الفضوليين من الشباب السعودي سقط من اعلى الجسر- الذي يرتفع 20 متراً فوق الوادي - ونقل الى مستشفى الحمادي حيث فارق الحياة. ولوحظ ان السلطات الامنية السعودية شددت اجراءات الحراسة في داخل مدينة الرياض قبيل ساعات من حدوث التفجير حيث شوهدت دوريات للشرطة تنتشر في الشوارع مما اثار التوقع بأن السلطات السعودية كان تمتلك معلومات عن احتمال حدوث عمل تخريبي. لكن الامير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي اكد امس انه لم يكن لدى السلطات الامنية معلومات مسبقة حول احتمال حدوث العمل الارهابي واكد ان السلطات السعودية لم تتلق اي معلومات من الولاياتالمتحدة وبريطانيا بشأن التحذيرات التي اعلنتها عن احتمال حصول اعمال ارهابية في المملكة. وكانت السفارة الاميركية في الرياض اغلقت ابوابها يوم اول امس السبت بسبب ورود معلومات عن ان ارهابيين سيشنون هجوما في المملكة، ولم توضح السفارة طبيعة المعلومات التي تلقتها. وامس استمر اغلاق السفارة التي اعلنت ايضاً عن إلغاء مأدبة إفطار كان سيقيمها اليوم رئيس البعثة الديبلوماسية الاميركية نائب السفير غاري غرابو "بسبب الاحداث". وحضت السفارة الفرنسية في الرياض رعاياها على "توخي الحذر المطلوب في ظل الظروف الراهنة وتجنب الحركة خارج مناطق الاقامة لاسباب غير ملحة خلال اليومين المقبلين". وابلغ السفير الفرنسي في الرياض برنار بوليتي "الحياة" انه لا مصابين فرنسيين في التفجير، مشيراً الى ان أربع أسر فرنسية تقيم في المجمع إحداها كانت مسافرة. واعلنت السفارة الكندية عن ان سبعة من الرعايا الكنديين أصيبوا في الحادث.