قبل ايام من عرض مشروع موازنة 2004 على مجلس النواب البرلمان، الذي سيفتتح الملك محمد السادس دورته الجديدة غداً الجمعة، لم تحسم الحكومة المغربية بعد مسألة خفض الضرائب على الدخول المرتفعة والضرائب على القيمة المضافة التي كانت وعدت بها سابقاً. وقد يؤجل خفض الضرائب الى ما بعد 18 شهراً ما يسمح للحكومة بتنفيذ خطة بناء المساكن الشعبية والقضاء على مدن الصفيح. قالت مصادر مأذونة ل"الحياة" ان الحكومة تفكر في ارجاء تنفيذ خفض الضرائب على الدخل الى نهاية السنة المقبلة او مطلع سنة 2005، بسبب سلم الاولويات الذي تغير منذ 16 ايار مايو الماضي والانعكاسات التي خلفتها "الاحداث الارهابية" على الاقتصاد المغربي. وتعتزم الحكومة نقل بعض الاعتمادات المالية من قطاع الى آخر تماشيا مع ترتيب الحاجيات والاولويات خصوصاً في الجانب الاجتماعي بعدما تم تأسيس صندوق بقيمة بليون درهم 110 ملايين دولار لضمان قروض تمويل شراء مساكن للفئات الفقيرة في المغرب. القضاء على مدن الصفيح واعلن تخصيص 2,28 بليون درهم لتمويل بناء مساكن لمحاربة الفقر في المدن الكبرى السنة المقبلة وهي الخطة التي قالت الحكومة "انها تحظى بالاسبقية في الوقت الراهن" ضمن مشاريعها الاجتماعية ورصدت لها في الموازنة الجديدة ما يصل الى 5.2 بليون درهم لتنفيذ "خطة القضاء على مدن الصفيح" التي تعتبرها مسؤولة عن مظاهر التطرف الديني والعنف والارهاب والجريمة المنظمة. وسيتم جمع مبالغ اخرى بقيمة بليون درهم تُضخ في مشاريع الاسكان ستقتطع من عائدات مبيعات الاسمنت وستعوض شركات انتاج الاسمنت عبر خفض اسعار الرسوم الجمركية على الواردات. وقالت الحكومة انها خصصت مساحات تصل الى 5.6 الف هكتار لبناء نحو مئة الف مسكن جديد على امتداد المغرب ستُوجه للفئات الفقيرة، وسيتم اعفاء المستثمرين العقاريين المشاركين في البرنامج من مجموع الرسوم والضرائب على كل مستثمر ينجز 2500 وحدة على الاقل على مدى خمس سنوات. ويحتاج المغرب الى بناء 750 الف وحدة حتى نهاية العقد الجاري للتغلب على النقص المسجل في المباني "الاقتصادية" الشعبية. وتقدر كلفة تلك المشاريع بنحو ثلاثة بلايين دولار يمول الجزء الاكبر منها من الموازنة العامة والبلديات والقطاع الخاص والمستفيدين. ونتيجة ذلك قد يتم إرجاء خفض الضرائب على المداخيل العليا والمتوسطة بسبب ما وصفته الاوساط الحكومية ب"ضيق هامش المناورة ووجود ظروف محلية ودولية غير مساعدة". ويُقدر العجز في الموازنة الحالية بنحو اربعة بلايين دولار ستتم تغطيتها من قروض وتمويلات داخلية وخارجية اضافة الى بيع اسهم الدولة في شركات عامة بقيمة 1.3 بليون دولار على الاقل ليبلغ عجز الموازنة خارج التخصيص نحو 6 في المئة من اجمالي الناتج المحلي المقدر بنحو 40 بليون دولار. واشارت مصادر حكومية الى ان خفض الضرائب على المداخيل والضرائب على القيمة المضافة سيكلف الخزانة العامة نحو 150 مليون دولار على الاقل منها 70 مليون دولار للقيمة المضافة و80 مليون دولار لضرائب الدخل المفروضة على الرواتب والتي تزيد على ستة الاف دولار سنوياً وانه اذا اضيف الى تلك المبالغ خسائر الخزانة من تراجع الرسوم الجمركية تنفيذاً لاحكام منظمة التجارة الدولية.