ليس غريبا ان حاكم كاليفورنيا ارنولد شوارزنيغر يتحدث الانكليزية بلكنة المانية ثقيلة. فهو اصبح مواطنا اميركيا العام 1983، بعد سنوات من هجرته اليها من مسقط رأسه في النمسا. فوزير الخارجية السابق هنري كيسنجر ما زال يتحدث بلكنة مشابهة بعد عقود من هجرته الى العالم الجديد قادماً من المانيا. إلا ان ارنولد الذي استهوته فكرة دخول الممثلين الى السياسة، على غرار ما فعل قبله رونالد ريغان وكلينت ايستوود وسوني بونو، لم يدخل عالم السياسة إلا قبل شهرين، معلنا من خلال برنامج كوميدي يقدمه "جاي لينو" انه قرر، هكذا وبكل بساطة، ان يصبح حاكم اكبر ولاية في اميركا وأهمها. وليس غريبا ان ارنولد الذي اكتشف فجأة قبل شهرين انه ينتمي الى الحزب الجمهوري، فاز في ولاية ظلت سنوات طويلة المعقل الاهم للحزب الديموقراطي. فالناخبون في كاليفورنيا، الولاية التي يواجه ارنولد مشكلة في لفظ اسمها، يشعرون بأنهم يعرفونه شخصيا، من خلال افلامه التي تظهره منقذا للأميركيين من الاشرار... وما اكثرهم في كاليفورنيا. فالحاكم "المدمر" اعلن للناخبين، كما في الافلام، انه سيدمر العجز في الموازنة حوالى 40 بليون دولار. وسيدمر الضرائب، خصوصاً الضرائب المضاعفة على السيارات. وسيدمر الانحياز للمصالح الخاصة. وسيدمر الاكتظاظ المروري وسيعمل على تطوير النظام التعليمي... ويؤكد مراقبون اميركيون انه، الى جانب رغبة الناخبين في الخلاص من الحاكم الديموقراطي غراي ديفيز، البيروقراطي الممل الذي يفتقر الى الكاريزما، فإن جزءاً لا يستهان به من اهل كاليفورنيا مقتنع بأن ارنولد سيفي بوعوده تماما كما وفى بها في افلامه. ولا ننسى ان كاليفورنيا هي مقر "هوليوود" حيث يختلط الخيال بالواقع في شكل يختفي احيانا الخط الفاصل بينهما. وكاليفورنيا هي ايضاً عاصمة الكازينوهات والقمار في العالم. فهل قررت غالبية سكان كاليفورنيا "المراهنة" على ارنولد الذي يفتقر الى الخبرة السياسية، لكنه لا تنقصه الشجاعة كما تظهر افلامه؟ اظهر آخر استطلاع للرأي نشر امس ان 61 في المئة من الكاليفورنيين يثقون بقدرة شوارزنيغر على محو العجز في الموازنة من دون زيادة الضرائب، وهي المعجزة التي لا تفسير لها في المنطق او العرف الاقتصادي. ويعيد هذا الاستطلاع الى الاذهان استطلاعا اظهر بأن ثلثي الاميركيين على قناعة بوجود علاقة بين تنظيم "القاعدة" ونظام صدام حسين، على رغم ان احدا في الادارة لم يدع ذلك. الأكيد هو ان ارنولد الذي خاض الحملة الانتخابية وكأنه يمثل في هوليوود، سيواجه واقعا اسوأ من الخيال ما لم يتمكن من تشكيل فريق من الخبراء والسياسيين لإدارة الولاية والبدء بمعالجة مشاكلها المتراكمة، والا سيكون في مقدور الديموقراطيين ان يطالبوا بإعادة الانتخابات بهدف اطاحته، تماما كما فعل الجمهوريون الذين أطاحوا ديفيز بعد 11 شهراً من اعادة انتخابه لولاية ثانية. والمعروف ان مزاج اهل كاليفورنيا يتبدل بسرعة، وقد يقررون ان يحضروا فيلما آخر.