من احدث "الصرعات" التي ظهرت في باريس أخيراً تسابق أصحاب المقاهي والمطاعم على تنظيم سهرات خاصة للعزاب. وفي مقدم هؤلاء ماتيو جيرالد صاحب مقهى متخصص بموسيقى الجاز في حي شاتليه وسط العاصمة بات من العناوين الأساسية في مفكرات العزاب من الجنسين. وكان بدأ نشاطه المعروف "بالدايتينغ تايم" منذ ستة أشهر بمعدل سهرتين شهرياً، لكنه سرعان ما زاد عددها إلى سهرتين كل أسبوع. والمشاركة في هذه السهرات التي تحولت بسرعة البرق إلى مراكز للتعارف والمواعيد الغرامية، مفتوحة لفئة العزاب بصرف النظر عن الجنس والسن والطبقة الاجتماعية. وبحسب ماتيو جيرالد يتم تسجيل المشاركين مسبقاً نظراً الى كثرة الطلبات، ويقبض 45 دولاراً عن كل شخص. وقبل اجتياز عتبات المحل يحصل كل عازب أو عازبة على رقم خاص به، و يحق لكل مشارك أن يتحادث مع أربعة مجهولين من الجنس الآخر، وتستغرق كل جلسة "مفاوضات" ما لا يزيد عن عشر دقائق. وبمجرد أن تنتهي هذه المواعيد يبدأ بث موسيقى هادئة، بينما يتجه العزاب فرادى إلى مكتب في الركن الخلفي من المقهى، سواء لتقديم طلبات بأرقام الأشخاص الذين يودون تمديد الحديث الذين باشروه معهم، أم للسؤال عن إمكان وصول طلبات بشأنهم أو دعوات تخصهم من زبائن آخرين. ولفت صاحب المحل الى أن توزيع الأرقام على رواد هذه السهرات يضمن سرية كاملة، ما يفسح مجال الاشتراك أمام مختلف شرائح المجتمع. وبحسب صاحب المقهى فأن كثرة الإقبال على هذه المواعيد يبرره ارتفاع عدد العزاب الذين يعيشون في باريس والذي تقدره إحصاءات صادرة عن بلدية باريس بنحو مليون ومئتي ألف شخص، معظمهم من الكوادر وأصحاب المهن الحرة. وأدى انشغالهم بوظائفهم ومهنهم إلى فقدانهم الصلة بما يجري على أرض الواقع، ويعولون على هذه المواعيد لتدارك الفرص الضائعة. وبدا من خلال التدقيق في زبائن السهرة أنهم يملكون مقومات النجاح في ربط علاقات عاطفية، سواء من حيث المظهر أم طريقة التعامل. وعندما سألنا فريديريك، عن الأسباب التي قادته لهذا الأسلوب طمعاً في لقاء نصفه الأخر، أوضح ان عمله في مكتب دراسات يستهلك كل وقته، فهو يشتغل نحو 12 ساعة يومياً، ويبدد ساعة ونصفاً في زحمة المواصلات. أما سامية المتحدرة من أصول عربية، فقد بدت سعيدة بعدما تبادلت أرقام الهواتف مع شخصين، وقصدت هذا المحل بداعي أن دراساتها العليا شغلتها عن التفكير بالعلاقات العاطفية، وأن محيطها العائلي يلح عليها بالزواج منذ تخرجها قبل خمس سنوات. وهذه الموضة التي انطلقت من أميركا تحولت تجارة مربحة. ولفت صاحب مطعم عربي في محيط معهد العالم العربي في باريس الى أنه سيشرع في تنظيم سهرات للجالية العربية لمناسبة الاحتفالات بأعياد نهاية السنة. وتفطنت بعض المحلات بدورها الى امكان الاتجار بقلوب العزاب، وشرعت في تنظيم أيام خاصة لتسوق العزاب الذين يبحثون عن طريق للخروج من وحدتهم. ومن المحلات التي شرعت في تنفيذ "هجومها" التجاري على هذه الفئة.