العثور على الرئيس العراقي السابق صدام حسين لن ينهي المقاومة العراقية ضد قوات الاحتلال ولن يسهل مهمة إعادة الاستقرار الى العراق. لكن القبض عليه قد يسعد ادارة الرئيس جورج بوش ويقضي على مخاوف لدى العراقيين من عودة الحاكم المعزول. ويقول مصطفى علاني محلل شؤون العراق في المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة "صدام بالنسبة الى العراقيين مات سياسياً ان لم يكن جسدياً. لا أحد يقاتل من أجل عودته". وأضاف ان الذين يحملون صوره في المدن السنية، وسط العراق، يفعلون هذا للتنفيس عن غضبهم من القوات الاميركية وليس ولاء للديكتاتور المخلوع الهارب. وذكر ان التوصل الى مكانه مهم للرأي العام الاميركي وسيتردد صداه في العواصم العربية، ولكن، كما حدث عند مقتل ابنيه في تموز يوليو، لن ينهي الهجمات ضد القوات الاميركية. ربما قضى مقتل عدي وقصي على آمال أسرة صدام في الحكم، لكن الاحداث التي تلت مقتلهما، اثبتت انهما لا يديران المقاومة. وتفاقم العنف بتفجير السفارة الاردنية ومكاتب الاممالمتحدة والهجمات على الشرطة المحلية والسياسيين وغيرهم ممن يعتقد بأنهم يتعاونون مع قوات الاحتلال وجهود إعادة تنظيم البلاد. وقالت فيبي مار الباحثة الاميركية ومؤلفة كتاب "تاريخ العراق الحديث" ان القبض على صدام قد تكون له قيمة رمزية كبيرة ويخفف من حجم المعارضة للادارة التي تقودها الولاياتالمتحدة والانطباعات القاتمة لعراق ما بعد الحرب. وأضافت: "سيكون هذا ريشة كبيرة في قبعتنا تظهر للعراقيين ان الصدامية انتهت. قد تقلل من العنف ولكن لن تنهيه بين يوم وليلة". ورأت ان المطاردة المكثفة حفزت صدام على استغلال أمواله وقبيلته في تحاشي القبض عليه في ظل هيمنة اميركية ضعيفة على المسلحين العراقيين الذين قتلوا 84 جندياً أميركياً منذ اعلان بوش انتهاء القتال الرئيسي في العراق في أول أيار مايو الماضي. ويبدو أن أكثر المقاتلين تنظيماً ينتمون الى اجهزة صدام الامنية أو حزب البعث. لكن حافزهم الآن قد يكون الوطنية والولاء لبلادهم. كما ينشط الاسلاميون ويختلطون بمتشددين يتسللون من الخارج. واذا كان القتال ضد الاحتلال يعتمد على ظروف محلية مثل تذمر فئات عراقية كثيرة فإن القبض على صدام لن يسهل آلياً مهمة حكم بلد يضم شيعة وسنة وأكراداً وجماعات اخرى تتطلع الى السلطة. وقال غاريث ستانسفيلد الباحث في شؤون العراق في جامعة اكستر البريطانية: "اسلوب صدام المجرب هو إرهاب الناس أو شراؤهم. لكن لا تستطيع حكومة أخرى ان تفعل هذا". وأضاف ان الاممالمتحدة تتوجس الان من التورط في العراق لكن الولاياتالمتحدة تسعى الى استصدار قرار من مجلس الامن يقوي دور المنظمة الدولية. ويريد مجلس الحكم في العراق الذي تدعمه الولاياتالمتحدة تولي السلطة، لكن عليه أولاً اقناع العراقيين بأنه سلطة مشروعة. وقال ستانسفيلد انه يصعب التكهن بكيفية انهاء العنف ضد الاحتلال من دون انسحاب القوات الاميركية. كما ان زيادة هذه القوات قد تخلق مزيداً من الاهداف التي تتعرض للهجوم. واضاف: "لا تنس ان العراق لا يزال مستقراً نسبياً". وأشار الى ان العنف قد ينتشر ويتجاوز "المثلث السني" وسط العراق اذا اصيبت الغالبية الشيعية في الجنوب أو الاكراد في الشمال بالإحباط اثناء فترة الانتقال السياسي. واذا قضي على صدام بالعنف فإن هذا سيجعل منه شهيداً وان كان القبض عليه حياً سيسبب صداعاً لمن سيتسلمه أو يحاكمه. وقال توبي دودج خبير شؤون العراق في جامعة ورويك البريطانية: "في النهاية سيقبض عليه الاميركيون وان كان هذا يتطلب جهداً ووقتاً ونقوداً". واضاف: "نهاية صدام يمكن ان تكون بداية عهد جديد يتنافس فيه الجميع". وقال ان مجلس الحكم في العراق الذي يعكس التركيبة السكانية العراقية المعقدة يواجه مهمة صعبة هي وضع مشروع دستور يرضي كل الفئات.