استخفت اسرائيل بالانتقادات "الخجولة" التي وجهها اليها وزير الخارجية الاميركي كولن باول في شأن الاستمرار في التوسع الاستيطاني في الاراضي المحتلة، بما في ذلك بناء "جدار الضم"، وذلك في وقت كشف النقاب عن خطة جديدة شرع الجيش الاسرائيلي بتنفيذها وتقضي باقامة مناطق عازلة "معقمة" بعمق 400 متر في محيط المستوطنات التي ستبقى خارج الجدار من كل الجهات. في المقابل، بدأت اسرائيل تتحدث ب"نغمة" جديدة عن رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف احمد قريع ابو علاء، داعية الى اعطائه "فرصة" للتوصل الى وقف جديد لاطلاق النار. نقلت الاذاعة الاسرائيلية عن "مصادر سياسية" في تل ابيب ان اسرائيل "لا تتأثر أبداً من قلق وزير الخارجيةكولن باول" ازاء التوسع الاستيطاني و"الجدار الفاصل"، مضيفة ان "الادارة الاميركية بما في ذلك الرئيس جورج بوش منشغلة بقضايا اخرى منها الانتخابات والعراق". واشارت الصحف الاسرائيلية امس الى ان موافقة واشنطن على بناء المرحلة الاولى من الجدار "فتحت شهية" اسرائيل لتمديد مساره في المنطقة المحيطة بمطار اللد، بالاضافة الى اقامة الجدار في محيط تجمع مستوطنات "ارييل" و"كرنية شمرون" و"كدوميم" بعد الاتفاق مع واشنطن على ان يتخذ الجدار في نابلس شكل "حذوة فرس". وكشفت صحيفة "هآرتس" على موقعها في الانترنت ان الجيش اقترح أخيراً اقامة مناطق عسكرية عازلة في محيط المستوطنات ال100 التي لن يضمها الجدار الى حدود الدولة، لتكون بمثابة "مناطق معقمة" بمسافة 400 متر في محيط كل مستوطنة من كل الجهات. واشارت الى ان الجيش انتهى من اقامة هذه المناطق "المعقمة" في ثلاث مستوطنات مقامة في رام الله. ويتفق الجيش مع ما اسمته الصحيفة "الطواقم الامنية للمستوطنين" على اعتبار اي شخص في هذه المنطقة "ارهابياً مشبوها يحق اطلاق النار عليه". وفي هذا الصدد، افادت مصادر عسكرية ان الجيش خفف من التعليمات المتعلقة باطلاق النار الموجهة الى الجنود قرب "الجدار الفاصل" لاعطاء الجنود هامشا اكبر من الحركة في مواجهة الفلسطينيين الذين يقتربون من الجدار بهدف التسلل الى اسرائيل لتنفيذ هجمات او تخريب اعمال بناء الجدار. وفيما تمضي اسرائيل قدماً في فرض الوقائع على الارض، برزت مؤشرات الى ان الدولة العبرية تسعى الى خلق مناخ سياسي "هادئ" يمكنها من مواصلة تنفيذ مخططاتها، وذلك من خلال "التعاطي" مع رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف الجديد بحدود لا تتجاوز احراز اتفاق جديد لوقف اطلاق النار في مقابل ما تسميه المحافل الامنية الاسرائيلية "بوادر طيبة جدية". اربعة شروط اسرائيلية للهدنة ولم تستبعد المصادر ان "ينفذ ابو علاء فعلاً جزءاً من الاجراءات التي تطالبه بها اسرائيل". وأوردت أربعة شروط اعتبرتها "مدخلاً أولياً" لإقرار وقف اطلاق النار اسرائيلياً، وهي "وقف التحريض، والقضاء على مخارط انتاج صواريخ القسام، ومنع حفر الانفاق لتهريب الاسلحة، ووقف تحويل الاموال" الى "حماس". ويؤيد رئيس اركان الجيش الاسرائيلي موشيه يعالون اعطاء ابو علاء "فرصة تسامح" يرافقها كما تقول الصحيفة "بوادر حسن نية ذات مغزى للفلسطينيين" اوصت بتنفيذها المحافل الامنية الاسرائيلية أخيراً وتتمثل بفتح كل الحواجز العسكرية الاسرائيلية التي تفرض طوقاً داخلياً على المناطق الفلسطينية واطلاق مئات من الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين مع ادخال تعديلات على "تعريف الذين على اياديهم دماء" من هؤلاء الاسرى بحيث يتم اطلاق معتقلين "شركاء غير مباشرين" في العمليات العسكرية ضد الاحتلال. ويعارض هذا التوجه رئيس جهاز الاستخبارات الاسرائيلية شاباك آفي ديختر ووزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز. اما الذي سيحسم هذا الامر فهو رئيس الوزراء ارييل شارون. ونقل عن مسؤول عسكري اسرائيلي قوله ان "الدرس الذي تعلمناه من فشل ابو مازن رئيس الوزراء الفلسطيني المستقيل هو اننا لم ندعمه بما فيه الكفاية". وتعتبر اسرائيل "الهدوء" الذي يسود الاراضي الفلسطينية من جانب فصائل المقاومة، خصوصاً "حماس" التي امتنعت عن تنفيذ عمليات عسكرية في الفترة التي تشهد فيها الساحة السياسية الفلسطينية مشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة، مؤشراً إلى امكان نجاح ابو علاء في التوصل الى تفاهم مع هذه التنظيمات لوقف اطلاق النار تمهيدا للتوجه الى اسرائيل ومطالبتها بعقد اتفاق متبادل تلتزم اسرائيل خلاله بسلسلة من التعهدات بوقف اعتداءاتها على الفلسطينيين، قبل ان يتوجه الى المجتمع الدولي، خصوصاً الولاياتالمتحدة للعمل على فتح باب المفاوضات السياسية مجدداً. وفي هذا الاطار، أصدر رئيس الوزراء الفلسطيني بياناً أعلن فيه انه سيعرض تشكيلته الحكومية الجديدة والمصغرة والتي ستضم 12 وزيراً أمام المجلس التشريعي الاربعاء المقبل للمصادقة عليها. واكدت مصادر ديبلوماسية ان جون وولف رئيس الطاقم الاميركي المكلف تطبيق "خريطة الطريق" سيصل الى المنطقة في الايام القليلة المقبلة.