بات الحوار الذي يجريه الحزب الوطني الحاكم في مصر مع أحزاب المعارضة مرشحا للتحول ساحة جديدة للصراع بين الحكومة و"الإخوان المسلمين". وظهر من اللقاءين اللذين عقدهما مسؤولون حكوميون مع قادة حزب التجمع اليساري والوفد الليبرالي أن الحكومة تسعى إلى حصار "الجماعة" ليس فقط باستبعادها من المشاركة في الحوار، وانما أيضاً ابعاد قوى المعارضة عنها، ومنح الأحزاب بعض الميزات في مقابل تخليها عن السعي للتحالف مع "الإخوان" علناً أو سراً، لكسب أصوات ناخبيهم في النقابات أو البرلمان. ويبدو أن الحكومة نجحت في كسب الجولة الأولى بإعلان التجمع مواقف متشددة من "الإخوان"، ومطالبة الوفد الجماعة بحل نفسها. لكن قيادياً بارزاً في "الإخوان" قال ل"الحياة" ان "الجماعة تعلم أن هؤلاء سيسعون في أول محك سياسي إلى طلب ود الإخوان وكسب أصوات ناخبيهم". واشار إلى أن حزب الوفد كان تحالف مع "الإخوان" في الانتخابات البرلمانية العام 1985، كما سعى لدى "الإخوان" لعدم تقديم مرشح في الدوائر التي يترشح فيها رموز الوفد في كل الانتخابات البرلمانية السابقة، مشيراً الى أن قائمة "الإخوان" في انتخابات نقابة المحامين ضمت قيادياً من الوفد. وعلمت "الحياة" أن مكتب الإرشاد، وهو أعلى سلطة في الجماعة، درس خططاً للحؤول دون تمكين الحكومة من ضرب العلاقات الجيدة التي تربط "الإخوان" بقوى المعارضة، وأن المرحلة المقبلة ستشهد تحركاً معاكساً في اتجاه المعارضة، يركز على توقع تنصل الحكومة من الوفاء بالتزاماتها في شأن الإصلاح السياسي، وتاليا عدم تحقيق أي مكاسب من الحوار مع الحزب الوطني. وكان الرئيس حسني مبارك دعا الحزب الوطني إلى التحاور مع أحزاب المعارضة وقوى المجتمع، لكن تبين أن "الإخوان" استبعدوا من أي مشاركة، وصدرت تصريحات رسمية تؤكد أن الحوار لن يشمل إلا القوى التي تحظى بالشرعية. وأعرب قادة "الإخوان" عن اعتقادهم بأن الحوار لن يثمر شيئاً وأن الحزب الوطني لن يتراجع عن رغبته في بسط سيطرته الكاملة على الاوضاع في البلاد. وعلى رغم الاتفاق على استبعاد "الإخوان"، إلا أن خلافات ظهرت بين الحكومة وحزبي التجمع والوفد في شأن القضايا التي ستطرح في النقاش العام بين الحزب الوطني وبقية الأحزاب إذ يرفض الحزب الحاكم أي مناقشة لطريقة انتخاب رئيس الجمهورية، وكذلك إجراء تعديلات دستورية.