أكدت المفوضية الأوروبية، أمس الاربعاء، "بطء النمو الاقتصادي" في السوق الأوروبية. وذكرت في تقرير نشرته في بروكسيل، ان معدلات النمو "ستتواصل مخيّبة للآمال"، وذلك للعام الثالث على التوالي، غير انها "ستتجه نحو الارتفاع" ابتداءً من الأشهر الأخيرة من 2003. وتتوقع المفوضية أن تكون معدلات النمو، السنة الجارية، عند حدود 0.3 في المئة في منطقة عملة اليورو، وعند مستوى 0.8 في المئة في الاتحاد الأوروبي ككل. لكن هذه المعدلات سترتفع الى 1.8 في المئة في 2004، وستكون سلبية العام الجاري في ألمانيا وشبه سلبية في فرنسا، علماً ان هذين البلدين يُعدان أكبر اقتصادات منطقة اليورو، لكنهما يواجهان أزمة عجز الموازنة الى ما دون مستوى 3 في المئة، وهي نسبة أقصى العجز الذي تنص عليه معاهدة الوحدة النقدية الاوروبية. وقال محلّلون اقتصاديون في بروكسيل، أمس، ان التحسن النسبي المرتقب السنة المقبلة قد يؤدي الى بعض الزيادة في حركة المبادلات التجارية بين السوق الأوروبية وبلدان جنوب شرقي حوض البحر الأبيض المتوسط المنتمية الى مسيرة الشراكة الأوروبية - المتوسطية. وكانت غالبية دول الجنوب شرعت خلال الأعوام القليلة الماضية في تفكيك ترسانات الرسوم الجمركية أمام البضائع الأوروبية، وذلك في اطار التمهيد لقيام منطقة التبادل التجاري الحر بين الاتحاد الأوروبي والبلدان المتوسطية بين عامي 2010 و2012. وستتسع السوق الأوروبية مع انضمام 10 أعضاء جدد في شهر أيار مايو من السنة المقبلة، ما سيؤدي الى اتساع المنطقة الأوروبية - المتوسطية للتبادل التجاري الحر. أسعار النفط ويتوقع تقرير المفوضية "انخفاض أسعار النفط في شكل تدريجي، بعدما كانت بلغت أقصاها في منتصف تشرين الأول اكتوبر عند 31 دولاراً للبرميل الخام، أي بمعدل 28.3 دولار في السنة الجارية". كما يتوقع أن يصل متوسط مستوى الأسعار إلى 25.6 دولار في 2004 و24.1 دولار سنة 2005. وينتظر بعض الخبراء الأوروبيين زيادة وفرة النفط في السوق العالمية في الأشهر القليلة المقبلة نتيجة ارتفاع الصادرات العراقية في شكل منتظم. ويتكهن التقرير بتحسن الاقتصاد العالمي، حيث ستنمو المبادلات التجارية الدولية بنسبة 4.4 في المئة في 2003 وبنسب تراوح بين 7 و8 في المئة السنة المقبلة. كما يتوقع أن يرتفع إجمالي الناتج المحلي على المستوى العالمي بنسبة 3.3 في المئة السنة الجارية وبنسبة 4.1 في المئة سنة 2004، وذلك بالمقارنة مع نسبة 2.8 في المئة في 2002. ويشير التقرير الأوروبي الى ان نمو الاقتصاد العالمي سيتوافر من خلال ارتفاع النمو في أسواق آسيا بنسبة 6.7 في المئة في 2004 - 2005 وكذلك في اليابان واستراليا والبلدان الأوروبية الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي. كما يُنتظر أن يتواصل نمو الاقتصاد الأميركي تدعمه السياسات النقدية التي يسلكها مجلس الاحتياط الفيديرالي البنك المركزي الأميركي، عبر آليات ضعف أسعار الفائدة بالنسبة للمستثمرين والمستهلكين وضعف قيمة صرف الدولار ازاء العملة الأوروبية والين الياباني. ويتوقع كذلك أن تصل معدلات النمو في السوق الأميركية الى 2.8 في المئة في 2003 و الى 3.8 في المئة في 2004. إلا أن الاقتصاد الأميركي سيظل يعاني من إرهاصات ارتفاع عجز الموازنة العامة والذي سيصل الى 5.5 في المئة في 2004. وعلى صعيد منطقة اليورو، يلفت التقرير الى ان الركود الاقتصادي تواصل طوال عام 2002 وفي الأشهر الثلاثة الأولى من 2003. وستصل معدلات النمو الى 0.4 في المئة بنهاية العام الجاري. ويفسّر الركود بتراجع ثقة المستهلكين والمؤسسات على الصعيدين الأوروبي والعالمي، جراء أوضاع الحرب في العراق والغموض الذي أثارته في شأن ردود فعل أسواق النفط. كما تأثر المناخ الاقتصادي وتراجعت ثقة المستهلكين بالجدل الدائر حول مستقبل صناديق الائتمان الاجتماعية والتقاعد. إلا أن الوضع في صدد "الانقلاب البطيء"، حيث تسجّل الأسواق تحسن قطاع الخدمات وبعض التحسن بالنسبة لمستويات الانتاج وعودة ثقة المستهلكين "في شكل تدريجي". وتتأثر معدلات النمو في منطقة اليورو بضعفها في أكبر اقتصادات الاتحاد. وستكون المعدلات سلبية في المانيا صفر في المئة، وشبه سلبية في فرنسا 0.1 في المئة. ويتميز البلدان بارتفاع نسبة العجز الى أكثر من 3 في المئة وتراجع وضع الموازنات في أربعة بلدان أخرى، هي هولندا وايطاليا وبريطانيا والبرتغال.