هدرت محركات اليوم الثاني من منافسات رالي الامارات الصحراوي، الجولة الاخيرة من بطولتي العالم لفئتي السيارات والدراجات النارية على "صمت" صاحب الحظوظ العربية الاكبر حجماً في مقارعة السائقين العالميين، الاماراتي خليفة المطيوعي الذي تعرض لحادث مروع بسبب تحطم سيارته ال"بي ام دبليو" امس. وعلّق المطيوعي على انسحابه الباكر: "قدت باندفاع كبير الى جانب سائقي المقدمة، لكن التيار سار عكس مشيئتي في نهاية المطاف". واذ تكرّس واقع مجانبة الحظ مسيرة المطيوعي في بطولة العام الحالي، باعتبار ان إنجازه الاكثر بروزاً انحصر في انتزاع المركز الثاني في رالي باجا الاسباني، وهو المركز ذاته الذي رافق انجازه الاول في هذا الاستحقاق العالمي حين حل ثانياً في رالي تونس الدولي العام الماضي. لامست رمال الصحراء العدم في استبعاد التألق الفطري غير العادي للسائقين العرب الخارجين من رحمها، والذين تلمسوا دروبهم الأولى منذ نعومة اظفارهم على طرقاتها مستخدمين سيارات الدفع الرباعي التي تشكل وسيلة التنقل الرئيسة في طرقاتها الوعرة المليئة بالصخور والكثبان الرملية. بالطبع، لا تتجسد الميزة الرئيسة للسائقين العرب في الراليات الصحراوية في امتلاك مهارات نظرائهم العالميين، بل في تفاعلهم مع متطلبات خوض منافساتها بلا تكلف او كلفة الى درجة التجانس الكلي... اذ ان اياً منهم لم يتخلف عن مغامرة العبور في الصحراء ولم يجهل اسرار مساراتها لجهة "النعومة" او الخشونة، ما يجعلهم منطقياً اسياد الرمال في ارض الرمال ومنافساتها في هذه البطولة تحديداً. ومن البديهي القول اذذاك، ان الراليات الصحراوية هي مدرسة العرب والخليجيين كما هو حال مدرسة الاسكندينافيين في الراليات الثلجية والبريطانيين في الراليات الحصوية. من هنا ضرورة "تطويع" الاسس الفطرية لهذه المدرسة في سبيل حصد الانجازات في المنافسات، والذي لن يحصل في اي حال من الاحوال الا عبر ازالة العراقيل المادية ومشكلات الرعاية "النادرة" والتي تحتاج الى اتصالات كبيرة و"وساطات" لتأمينها من دون ان تكفل الا تجسيد جزء من الطموحات على ارض الواقع. ولا بد من الاشارة في هذا السياق الى ان اقتناع الاماراتي عيسى الحمراني بعدم قدرته على رفع مستوى مشاركته الحالية الى سقف مركزه السادس الجيد في العام الماضي دفعه الى عدم تلبية دعوة الوجود على خط انطلاق المرحلة الخاصة الأولى التي جرت الثلثاء الماضي، علماً انه كان اشتكى قبل الرالي من العقبات المادية التي رافقت تحضيراته، والتي اعلن انه بذل مجهوداً كبيراً في سبيل تخطيها تمهيداً لتكريس قناعته الراسخة بأن رالي الامارات الصحراوي يمثل الاستحقاق الاكثر اهمية بالنسبة اليه. وبدوره، عرف مواطنه سعيد الهاملي، رابع العام الماضي على متن سيارة نيسان باترول، مصير التراجع الى المركز 13 في ترتيب اليوم الثاني، في حين بدا جلياً ان قطف ثمار التعاون بين فريق ليبرتي الاماراتي، الذي يستخدم سيارات شيفروليه تاهو، وشركة داماس المصنعة للذهب من اجل زعزعة صراعات المقدمة لا يزال باكراً بدليل اكتفاء سائقيها عبيد بن حبتور ويحيى بالهيلي وأحمد بن سوقات باحتلال المراكز 8 و11 و16 على التوالي، علماً ان بالهيلي تحديداً اشتكى من عدم تجاوز السرعة القصوى لسيارته ال140 كلم في الساعة في مقابل 170 كلم في الساعة لسيارة ميتسوبيشي ال200 ستراكار التي يقودها البرتغالي باولو سوزا، المرشح الاوفر لإحراز لقب بطولة العالم للسائقين. وتمنى بالهيلي الافادة من زيادة الكثبان الرملية في المراحل الخاصة في موقع ارادا في الربع الخالي من اجل تذليل هذه العقبة. يذكر ان سوزا احتل المركز الثالث في ترتيب اليوم الثاني خلف سائق ميتسوبيشي الفرنسي بيتر مانسيل ووصيفه ومواطنه سائق باغي فورد المخضرم جان لوي شلبسر، علماً ان انتزاعه المركز 15 يضمن فوزع باللقب. ربما كان واقع تراجع السائقين العرب في الراليات الصحراوية محتماً انطلاقاً من مقولة "ما باليد حيلة" لمواجهة العقبات الكثيرة المحيطة بهذه الرياضة ذات التكاليف الباهظة، لكننا نعلم جيداً ان "ضعف الحيلة" يشكل حجة واهية في العالم العربي في الميادين كلها... والا كيف نفهم نجاح البحرين في انتزاع حق استضافة احدى جولات بطولة العالم التالية للفورمولا واحد المقررة في 4 نيسان ابريل المقبل، ما استلزم تكاليف ضخمة بالتأكيد. ويمكن القول اذذاك، ان "ضعف الحيلة" يرتبط بافتقاد استراتيجية العمل البناءة القادرة وحدها على الافادة من خزانات المواهب الموجودة والتي لا يمكن ان تنضب في الراليات الصحراوية.