تحتفل اليابان اليوم الاربعاء بافتتاح معرض طوكيو الدولي للسيارات السابع والثلاثين وسط أجواء غير اعتيادية، بسبب النهوض السريع لشركة "نيسان" لصناعة السيارات التي واجهت بالأمس القريب أزمة مالية خطيرة كادت تؤدي بها الى الافلاس. وفي عام 1999 سارعت شركة "رينو" الفرنسية لصناعة السيارات الى شراء حصة 45 في المئة من أسهم الشركة اليابانية وبادرت، بالاتفاق مع الشركاء اليابانيين، الى تعيين أحد أعمدة ادارة "رينو" كارلوس غصن لبناني الأصل رئيساً ل"نيسان". ويخيل للمشاركين في معرض طوكيو الدولي للسيارات ان الاحتفال بتعافي "نيسان"، التي صُنفت أخيراً كرابع أكبر شركة من نوعها في العالم، هو احتفال بكارلوس غصن كصانع للمعجزة، لما لهذا التعافي من أثر كبير ليس فقط على "نيسان"، بل على الانتعاش البطيء للاقتصاد الياباني الذي عانى كثيراً في العقد الأخير. وساعد في زيادة مظاهر البهجة احتفال "نيسان" بعيد تأسيسها السبعين الاثنين الماضي. وعلى رغم عراقة ماضي الشركة في صناعة السيارات والدور الذي لعبته في بناء الحضارة الحديثة في اليابان والنهضة التكنولوجية فيها ارتأت "نيسان" ان تصدر بهذه المناسبة كتاباً يروي قصة حياة رئيسها اللبناني باللغتين اليابانية والفرنسية، فيما ينتظر صدور الترجمة الانكليزية للكتاب قريباً. واحتلت نسخ كتاب "كارلوس غصن: مواطن من العالم" واجهات المكتبات في طوكيو وتتصدر غلافه صورة المؤلف. حينما عُيّن غصن رئيساً للشركة كتب المعلقون الاقتصاديون في أكثر من مطبوعة غربية معتبرين ما أقدم الرجل عليه في محاولة انقاذ "نيسان": مهمة مستحيلة. وما أن تسلم غصن قيادة الشركة حتى بدأت الأمور تنعكس رأساً على عقب. في بداية عمله أبلغ الرئيس الجديد مجلس إدارة الشركة انه يخطط لوقف النزيف والوصول بموازنة الشركة الى صفر من الخسائر بعد أربعة أعوام أي في نهاية 2004، لكنه فاجأ مجلس الادارة والمراقبين الاقتصاديين في اليابان والعالم بأن "نيسان" حققت هذا الهدف في نهاية عام 2002، وتم اختيارها كأكبر شركة ربحية بين شركات صناعة السيارات في العالم. وزارت "الحياة" مقر "نيسان" وأكبر مصنع لها من ضمن المصانع الستة التي تملكها في اليابان لوحدها وهو مصنع أوباما والتقت بعدد من المسؤولين فيها بدءاً بغصن ذاته مروراً بسلسلة من كبار مسؤولي الانتاج والتصميم والمبيعات والترويج، بالاضافة الى عدد من العمال العاديين، ولمست عن قرب تأثر الجميع بالمعجزة الحاصلة. وتستخدم "نيسان" في اليابان وحدها 4600 موظف. ولم يتردد ايجيرو فوكاي، مدير قسم تخطيط الانتاج عندما سألته "الحياة" عن سبب الحماس الشديد وهو يتحدث عن الشركة، قال "ان ذلك يعود الى الروح الجديدة التي بثها غصن في العاملين. بل ان غصن ذاته الذي صعد الى منصة الاحتفال بذكرى تأسيس "نيسان" مساء الاثنين في مقرها الرئيسي وسط طوكيو قال بعد الترحيب بالضيوف انه لا يحب الخطب الطويلة الرنانة وأبلغ الحضور بأن من يرغب بمعرفة أي شيء عن "نيسان" عليه أن يتوجه الى العاملين فيها، فعندهم الخبر اليقين، وأكد حرصه على توسيع الشفافية في ما يتعلق بأمور الشركة، كاشفاً عن مدى الثقة القوية بالنفس التي تتمتع بها ادارته والمسؤولون فيها. وأكد مديرو الانتاج في "نيسان" بأنها ستشارك السنة الجارية في معرض طوكيو الدولي للسيارات بسبعة موديلات جديدة من السيارات، تمثل برأيهم مفخرة تكنولوجيا صناعة السيارات. والموديلات هي: Fuga وSerenity وRedigo وEffis وC-Note وMurano وCube3. وأبرزوا الاعتناء الشديد الذي أولوه للتصميم انطلاقاً من رؤية غصن التي تقوم على أساس احترام رغبة الزبون والسعي لتلبية رغباته. ويؤكدون ان الرئيس الجديد للشركة قلب الأمور فيها رأساً على عقب بهذه الرؤية. وأكد غصن ل"الحياة" انه لا يزال متمسكاً بوعده من أجل زيادة أرباح الشركة بنسبة 8 في المئة في السنوات الخمس حتى 2005، وأنه مصمم على رفع انتاج "نيسان" بنحو مليون سيارة اضافية خلال الفترة ذاتها. وخلفت هذه الثقة القوية بالنفس لدى غصن تجربة غنية في انقاذ شركات دولية لصناعة السيارات في أوروبا والبرازيل والولايات المتحدة أبرزها شركتا "رينو" و"ميشلين". وبدا واضحاً أن اليابانيين ليسوا الوحيدين الذين يحتفلون بما حققه غصن لهم ويقدرونه على ذلك، بل الأوروبيون أيضاً. فصباح الاثنين زار وفد من نادي السيارات الفرنسي، أعرق ناد للسيارات في العالم ويشرف على عدد من السباقات المحلية والدولية، مقر شركة "نيسان" وقدم لرئيسها درع النادي اعترافاً بمساهماته في خدمة صناعة السيارات العالمية والفرنسية بشكل خاص. وغصن هو أول عربي يحصل على هذا الدرع الذي يمنح عادة للشخصيات التي تترك أثراً على صناعة السيارات في العالم أو أي من مسابقات السيارات.