يثير استخدام الجوالات المزودة بكاميرا جدلا كبيرا بين فريق مؤيد يرى أنها تطور تكنولوجي، لا بد من الاستفادة منه، وآخر معارض يرى فيها توفير فرص لأصحاب النفوس الضعيفة لاقتحام خصوصيات الآخرين. فقد تحولت هذه الأجهزة إلى كابوس يطبق على نفوس البعض، ممن يخشون أن يكونوا ضحايا لعدسات متطفلين، يمرون بهم في المستشفيات والجامعات ومراكز التسوق وقصور الأفراح والأماكن العامة، فتلتقط صورهم لتكون في متناول الآخرين. واستجابة لهذه المخاوف اتخذت الجهات والسلطات المعنية إجراءات عدة في الأماكن العامة وقصور الأفراح، والمستشفيات تحديدا؛ حيث صدرت أوامر مشددة تمنع استخدام الهواتف الجوالة، خاصة ذات الكاميرا، في أماكن تواجد الأجهزة المتعلقة بإنقاذ حياة المرضى، والأماكن ذات الخصوصية العالية، مثل غرف الولادة والعمليات والتخدير وصالات الانتظار. بينما أغفلت جوانب أخرى لا تقل أهمية مثل الجامعات والمعاهد والمدارس وصالات الأفراح ومراكز التجميل والمنتزهات والمجمعات التجارية. فعند صدور قرار المنع كان هناك تشديد وتوقيع عقوبات على مستخدمي هواتف الجوال داخل المستشفيات، أما في الوقت الجاري فقد بات الأمر عاديا لدى كثير من المسؤولين، الذين أصبحوا يشاهدون الهواتف الجوالة داخل غرف عمليات المرضى، دون أن يرتد لهم جفن، وأصبح القرار حبيس الأدراج لا ينفذ بالشكل المطلوب. ومع هذا المنع فإن أكثر التجاوزات نجدها بين المنتمين للقطاع الصحي (إداريين – أطباء – فنيين – عمال نظافة) الذين يستخدمون جوالاتهم ذات الكاميرا، داخل غرف الولادة والعمليات. خصوصية المريض في هذه اللحظة لا يمكن للمريض المحافظة على خصوصيته؛ لأنه بالتأكيد لن يعي ما يجري حوله من أثر التخدير الذي هو فيه أو الألم الذي يشعر به.. وفي اللحظة نفسها فإن حوله آخرين بهواتفهم الجوالة، لا نستبعد التقاط بعضهم صورا إباحية، إما لمرض في نفس ملتقطها أو للتشهير أو للمتاجرة بها. ما أن تزور مستشفى أو مجمعا طبيا أو مستوصفا حتى تجد جوال الكاميرا مع كل الطاقم من أطباء وفنيين، وحتى عاملات النظافة، فإنهم يطوفون بجوالاتهم داخل غرف العمليات والولادة وغرف التخدير، ومن فوق رأس المريض تسمع رنات هواتفهم الجوالة، والتصوير قائم لتبادل المقاطع المصورة بينهم. أوقفوا هذه الجرائم هناك جرائم كثيرة حصلت من قبل داخل أروقة المستشفيات بسبب جوالات الكاميرا، ولكن الذي نود أن نساهم في إيقافه الآن هو جرائم قد تقع مستقبلا، بسبب تجاهل القرار، التي ستتزايد متى ما أغمضنا أعيينا عن أداة الجريمة، وهي بأيدينا، فكيف لنا أن نستبعد وقوع الجريمة؟ فعند صعودنا الطائرة نغلق هواتفنا لسلامتنا الشخصية، بمجرد أن نجلس على المقعد المخصص لنا، وعندما يتعلق الأمر بسلامة مريض فلا حرج لدينا من فتح الهواتف واستخدامها! هذا طبيب يكشف بسماعته على مريض أو يفحص طفلا منوما بالعناية المركزة، وحوله تلك الأجهزة الدقيقة، يقوم بالرد على اتصال هاتفي بجواله، وآخر ترك مريضه على سرير الكشف ليرد على مكالمة هاتفية عبر الجوال، بينما هذا الطبيب لا ينام حتى يغلق جواله، خشية تأثير الموجات على صحته، وحتى لا يقلق منامه شخص ما! (فوبيا).. الجوال ترى الإعلامية فدوى الطيار أن "تواجد جوال الكاميرا أصبح أمرا حتميا لا مفر منه في الأماكن العامة، لكن تواجده مع العاملين في غرف العمليات والولادة فيه ضرر كبير قد يصل إلى حد جريمة القتل فيما بعد". وتضيف: "يكفي المريض ذعرا بعد أن يكون آمنا مطمئنا وهو بين يدي عدد من الأطباء والفنيين، مسلما نفسه لهم، وبعد فترة يجد صوره تتنقل بين مواقع الإنترنت وبلوتوث الجوال". وتروي الطالبة صفية محمد موقفا حدث لإحدى المتسوقات أثناء تواجدها في أحد المجمعات التجارية، وتقول: "فوجئت السيدة بقيام فتاتين بتصوير سيدات أثناء قيامهن بالوضوء، فما كان منها إلا أن قامت فورا بإبلاغ أمن المجمع عنهما، الذي قام بدوره بمساعدة صاحبة الشأن، التي عرفت بالأمر". وتضيف: "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضبطت آلافا من الأسطوانات المدمجة (سي دي) تحتوي على حفلات أعراس صورت خلسة بكاميرا هاتف جوال". وتوضح عفاف صالح أن هناك تخوفا كبيرا من الذهاب إلى المتنزهات، ولاسيما أن تقنية الصور أصبحت عالية الدقة، ولم يعد الأمر محصورا على التقاط صور ثابتة، بل إن البلوتوث جعل الجوالات تخترق خصوصيات الآخرين. وتضيف: "يمكن تصوير أربع ساعات؛ لينقل الفيلم إلى كمبيوتر في لحظات، ويكون منشورا على الإنترنت مشاعا بعد ذلك".