«الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    رئيسة (WAIPA): رؤية 2030 نموذج يحتذى لتحقيق التنمية    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    إسماعيل رشيد: صوت أصيل يودّع الحياة    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    ألوان الطيف    ضاحية بيروت.. دمار شامل    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    أهمية قواعد البيانات في البحث الأكاديمي والمعلومات المالية    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تطوير الموظفين.. دور من ؟    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    كلنا يا سيادة الرئيس!    القتال على عدة جبهات    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    صورة العام 2024!    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    وزير الخارجية يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لوقف النار في غزة ولبنان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصدر قريباً في ترجمة عربية . فصل من "سنوات الكلاب" ... غابت الشمس هناك خلف السد
نشر في الحياة يوم 15 - 10 - 2003

احك. أنت. لا، احك حضرتك! أو هل ينبغي على الممثل أن يبدأ بالحكي؟ هل ينبغي أن تبدأ الفزاعات كلها مختلطة؟ أو هل ننتظر حتى تتكور كواكب برج الدلو الثمانية؟ من فضل حضرتك ابدأ! على أي حال لقد بدأ كلبك من قبل. لقد بدأ كلبك قبل كلبي وقبل كلب الكلب. لا بد من أن يبدأ شخص ما: أنت أو هو أو حضرتك أو أنا… قبل مغارب كثيرة كثيرة، قبل ميلادنا، كان نهر الفايكسل يجري ويصب، من دون أن يعكسنا على صفحته.
في الوقت الحالي، سيدعى الكاتب هنا، براوكسل Brauxel وهو يدير منجماً لا ينتج بوتاساً ولا معادن ولا فحماً، ومع ذلك فهناك مئة وأربعة وثلاثون عاملاً يشتغلون في خطوط الإنتاج وفي قيعان المنجم والغرف السفلية والممرات الأفقية داخل المنجم وعند خزينة الأجور وفي التغليف ويغيرون من وردية إلى أخرى.
كان الفايكسل يجري في الماضي بغير انتظام وكان خطراً. لذلك جيء في عام ألف وثمانمئة وخمسة وتسعين بألف عامل حفر وقام هؤلاء بحفر ما يسمى بالقناة التي تجرى من أينلاغه باتجاه الشمال مارة بين اللسان النهري لقريتي شيفنهورست ونيكلسفالده. وبذا تم تجنب خطر فيضان الفايكسل، حيث أصبح له مصب ضيق مستقيم.
كاتب هذه السطور يكتب اسمه براوكسلBrauksel في أكثر الأحيان على غرار اسم مدينة كاستروب - راوكسل Castrop- Rauxel أيBrauxel أو مثل هيكسل H8uxel أي Brauksel وأحياناً يعن له أن يكتبه مثلما يكتب كلمة فايكسل Feichsel أي Brauchsel، الرغبة في العبث والدقة المتناهية يمليان بعضهما بعضاً ولا يتناقضان.
امتدت سدود نهر الفايكسل من أفق إلى أفق وتحتم عليها، تحت رقابة مفتش إدارة تنظيم السدود في مارينفيردر، أن تقف في وجه فيضانات أوائل العام وفي وجه ماء نهر الدومينيك. الويل، كل الويل، إذا ما كانت هناك فئران بالسدود.
وضع كاتب هذه السطور، الذي يدير المنجم ويكتب اسمه بطرق مختلفة، على طاولة المكتب التي أخلاها لهذا الغرض مخططاً لمجرى الفايكسل، قبل وبعد التنظيم، صنع المخطط من ثلاثة وسبعين عقب سيجارة هي حصيلة تدخينه في يومين: بقايا التبغ والرماد الناعم يمثلان النهر ومصباته، أما أعواد الثقاب المحترقة فهي السدود التي تحجزه.
قبل مغارب كثيرة كثيرة: يأتي السيد مفتش إدارة تنظيم السدود من منطقة كولم، التي تحطم سدها في كوكوتسكو عام خمسة وخمسين وفاض ماؤه بارتفاع مقابر المينونيين - بعد أسابيع، تعلقت النعوش بالأشجار - لكنه كيفما يأتي راجلاً أو ممتطياً حصانه أو في قاربه، ومرتدياً معطفه الذي لا يخلو جيبه الواسع أبداً من زجاجة العرق، هو فيلهلم ايرنتال كاتب قصيدة "رسالة تأمل في السد" المرحة على رغم قدمها. لقد وضع للقصيدة بعد صدورها بقليل إهداء لطيفاً إلى العاملين على السدود وعمد القرى ووعاظ المينونيين، ورد ذكره هنا لكي لا يُذكر بعد ذلك مطلقاً. لقد قام بالتفتيش على السد من أعلى ومن أسفل وتفقد العوائق الطبيعية والجنادل، وطرد الخنازير من على السد عملاً بقانون شرطة المزارع، الفقرة الثامنة، بتاريخ ألف وثمانمئة وسبعة وأربعين الذي يمنع مثل هذه الحيوانات، سواء كانت ذات ريش أو مخالب، من أن ترعى أو تتجول على السد.
الشمس تغرب على اليد اليسرى. يكسر براوكسل عود ثقاب: لقد نشأ مصب الفايكسل الثاني من دون عون عمال الحفر في الثاني من شباط فبراير عام ألف وثمانمئة وأربعين، عندما اخترق النهر دلتاه تحت قرية بلنيندورف، وأخذ في طريقه قريتين وبقعتي أرض كانتا تحت التأسيس، هما قريتا الصيادين نويفير شرق ونويفير غرب. لكننا نهتم بالأساس، على رغم غنى قريتي النويفير بالحكايات والثرثرات القروية والوقائع الغريبة، في القريتين الواقعتين شرق وغرب المصب الأول، حتى ولو كان هو الأحدث عمراً: شيفنهورست ونيكلسفالده كانتا أو لا تزالان آخر القرى التي لديها معدِّية، لأنه ليومنا هذا لا يزال ماء البحر المالح بنسبة صفر فاصلة ثمانية في المئة يختلط على عمق خمسمئة متر بماء النهر الذي يكون عادة رمادياً وفي الأكثر أصفر بلون الطمي وقادماً من جمهورية بولندا البعيدة.
يستدعي براوكسل كلمات من الذاكرة ويحادث بها نفسه "الفايكسل نهر واسع، إنه يداوم على الاتساع في الذاكرة، وعلى رغم كثرة ضفافه الرملية فهو صالح للملاحة..."، ثم يضع على مكتبه الذي أصبح دلتا الفايكسل، بقايا ممحاة بين السدود المصنوعة من أعواد الثقاب ويستخدم الممحاة كمعدّية ويضع الآن، لأن الوردية الصباحية قد بدأت واليوم بدأ صاخباً بالعصافير، يضع فالتر ماتيرّن - التشديد على المقطع الأخير - ذا السنوات التسع على رأس سد نيكلسفالده أمام الشمس الغاربة، إنه يصر بأسنانه.
ماذا يحدث عندما يقف ابن الطحان ذو السنوات التسع فوق السد وينظر إلى النهر معرضاً نفسه للشمس الغاربة ويصر بأسنانه ضد الريح؟ لقد أخذ هذه العادة عن جدته التي بقيت ملتصقة بالكرسي تسع سنوات ولم يكن في إمكانها أن تحرك سوى بؤبؤي عينيها.
أشياء كثيرة يجرفها النهر معه ويراها فالتر ماتيرن. هناك فيضان ما بين مونتاو وكيزهمارك. هنا قبل المصب بقليل، يُعين البحر. يقولون ان هناك فئراناً بالسدود. كلما انهار سد، قيل ان هناك فئراناً بالسدود. المينونيون يقولون ان الكاثوليك من القطر البولندي قد وضعوا ليلاً فئراناً بالسدود وآخرون يقولون أنهم قد رأوا حارس السد على حصانه الأبيض. لكن شركة التأمين لا تريد أن تعتقد لا في الفئران النابشة ولا في حارس السد من غوتلاند. عندما انهار السد بسبب الفئران، قفز الحصان الأبيض وحارس السد معه، بحسب ما تمليه الأسطورة، في النهر ذي الماء الآخذ في الارتفاع، لكن ذلك لم يجد: لأن الفايكسل أخذ معه كل حراس السد وكل الفئران الكاثوليكية القادمة من القطر البولندي. أخذ المينونيين الأجلاف ذوي الكلاليب والفتحات ولكن من دون جيوب، وأخذ المينونيين الأرقى منزلة ذوي الأزرار والعراوي. والجيوب الشيطانية وأخذ إنجيليي غوتلاند الثلاثة والمعلم الاشتراكي الديموقراطي. أخذ بهائم غوتلاند ذات الخوار، أخذ مهاد غوتلاند المنقوشة، أخذ كل غوتلاند: أسرة غوتلاند وخزاناتها، ساعات غوتلاند وعصافير الكناريا بغوتلاند، أخذ واعظ غوتلاند - لقد كان جلفاً وكان ذا كلاليب وفتحات - وأخذ بنت الواعظ، ويقال إنها كانت جميلة.
كل ذلك وأكثر جرفه النهر معه. ماذا يجرف نهر مثل الفايكسل معه؟ يجرف معه ما ينكسر: خشباً وزجاجاً وأقلام رصاص وتحالفات بين براوكسل وبراوكسل وكراسي وعظاماً وأيضاً مغارب. ما نسي منذ زمن يعود إلى الذاكرة سابحاً على البطن أو الظهر بمساعدة الفايكسل: جاء أدالبرت. جاء سائراً على قدميه، فلاقته البلطة. لكن سفانتبولك قِبل أن يُعمّد. ماذا حدث لبنات ميستفين؟ هل تسير إحداهن حافية القدمين؟ ماذا تأخذ معها؟ العملاق ميلغيدو بهراوته الرصاصية؟ بركونوس الأحمر الناري؟ بيكولوس الشاحب، الذي ينظر دائماً من أعلى لأسفل؟ يضحك الصبي بوتريمبوس ويمضغ سنابل قمحه. تُسقط أشجار البلوط. الأسنان التي تصر - وبُنيّة الأمير كينستوس التي ذهبت إلى الدير: اثنا عشر فارساً من دون رأس واثنتا عشرة راهبة من دون رأس يرقصون في الطاحونة: الطاحونة تدور ببطء، الطاحونة تدور أسرع، وتطحن أرواحاً صغيرة دقيقاً، لكن الثلج الساقط بياضه أفتح. الطاحونة تدور ببطء، الطاحونة تدور أسرع، وأكلت مع اثني عشر فارساً من الطبق نفسه: الطاحونة تدور ببطء، الطاحونة تدور أسرع، يضاجع اثنا عشر فارساً اثنتي عشرة راهبة في القبو: الطاحونة تدور ببطء، الطاحونة تدور أسرع، وهم يحتفلون بالعيد بالضراط والأهازيج: الطاحونة تدور ببطء، الطاحونة تدور أسرع... ولكن عندما احترقت الطاحونة من الداخل إلى الخارج وانتظرت عربات الحنطور أمام الباب من أجل الفرسان الذين لا رأس لهم والراهبات اللاتي بلا رأس، وبعد ذلك بكثير، عندما اخترق القديس برونو النار- مغارب - وأضرم اللص بوبروفسكي وزميله ماتيرنا الذي دبر كل شيء النار في بيوت الخونة - مغارب مغارب - نابليون من قبل ومن بعد: لقد حوصرت المدينة حصاراً متقناً لأنهم قد اختبروا مرات عدة وبنجاح متفاوت صواريخ كونغريف: وجّهوها إلى المدينة وسعل الفرنسيون بقيادة راب على الأسوار وعلى حصون فولف ذئب وبير دب وبراونيس روس الحصان البني وأوسشبرونج انشطار ومايدلوخ ثقب الفتاة وكانينشن أرنب، وبصق البولنديون مع أميرهم راتسيفيل، وتحشرج صوت فرقة الكابتن دو شامبور ذي الذراع الواحدة. لكن في الخامس من آب أغسطس أتى ماء نهر الدومينيك وصعد من دون سلالم حصون براونس روس وكانينشن وأوسشبرونج وبلل البارود وأغرق صواريخ كونجريف. وجلب إلى الحارات والمطابخ أسماكاً كثيرة، بخاصة من نوع الكركي: وشبع الجميع في شكل رائع، على رغم أن مخازن الغلة في حارة الهوبفنغاسه احترقت منذ زمن - مغارب. ما الذي يناسب وجه الفايكسل، ما الذي يلون نهراً مثل الفايكسل: مغارب ودم وطمي ورماد. عندئذ يكون على الريح أن تحمل كل ذلك. لن تُنفّذ كل الأوامر" الأنهار التي تريد أن تذهب إلى السماء، تصب في الفايكسل.
الوردية الصباحية الثانية
هنا، على مكتب براوكسل وفوق سد شيفينهورست تدور الشمس كل يوم، ويقف فالتر ماتيرن على سد نيكلسفالده ويصر بأسنانه" لأنها تغرب. تتجدد السدود خالية نظيفة. لا يلتصق برؤوس السدود سوى مراوح طواحين الهواء وأبراج كنائس متهدمة وأشجار حور زرعها نابليون من أجل مدفعيته. يقف وحيداً. ربما معه الكلبة، لكنها سرحت، مرة هنا، ومرة هناك. خلفه في الظل وتحت صفحة النهر تقع الجزيرة وتفوح برائحة الزبد والحليب المتخثر ومعامل الجبن، تفوح برائحة الحليب التي تحسن الصحة وتدعو إلى القيء. عمره تسع سنوات، ساقاه منفرجتان، يقف فالتر ماتيرن بركبتيه ذاتي الحمرة المزرقة من أثر شمس آذار مارس، يفرد أصابعه ويفتح عينيه نصف فتحة، ويتيح لندبات رأسه الحليق التي نتجت عن السقطات والمشاجرات وجروح السلك الشائك أن تتورم وتكتسب معالمها. يصر بأسنانه من اليسار إلى اليمين - لقد ورث ذلك عن جدته - ويبحث عن حجر.
ليست هناك أحجار فوق السد. لكنه يبحث. ويجد عصياً جافة. القذف بعصا جافة ضد الريح غير ممكن. لكنه يريد، يجب عليه، يريد أن يرمي. في إمكانه أن يصفر لسنتا التي سرحت هنا أو هناك، لكنه لم يصفر، انه يصر فقط بأسنانه - وذلك يجعل الريح تتبلد - ويريد أن يرمي. في إمكانه أن ينتبه إلى نظرة أمزل وصياحه من أسفل السد هاه! هاه! - يريد، يجب عليه، يريد مع ذلك، لكن ليس لديه حجر في جيبه" في ما عدا هذه المرة، عادة ما يكون لديه في ذلك الجيب أو في الجيب الأخر حجر أو حجران.
تسمى الأحجار هنا زلاكن. البروتستانتيون يقولون: زلاكن والأقلية الكاثوليك: زلاكن. المينونيون الأجلاف: زلاكن، ورقاتهم: زلاكن. وحتى أمزل الذي يحب دائماً أن يخالف، يقول زلاك، عندما يعني حجراً" وتحضر سنتا حجراً، عندما يقول لها أحدهم: أحضري زلاكا. كريفه يقول زلاكن وكورنيليوس كابرون وبايستر وفولشرت وأوغست شبوناغل وزوجة عمدة أنكوم، كلهم يقولون زلاكن" والواعظ دانيل كليفر من بازهفارك يقول لجماعته من الأجلاف والرقاة: "وداود الصغير أخذ زلاك وضرب به جالوت العملاق" لأن الزلاك عبارة عن حجر في حجم بيضة الحمامة.
على رغم ذلك لم يجد فالتر ماتيرن أي أحجار لا في هذا الجيب ولا في الآخر. في الجيب الأيمن فتافيت خبز ولب عباد الشمس وفي الأيسر بين الخيوط وبقايا الجرادات ذات الحفيف - بينما هو يصر بأسنانه بأعلى، بينما الشمس تغرب، والفايكسل يجري، ويجرف معه شيئاً من غوتلاند وشيئاً من مونتاو، أمزل منحن والسحب تتكاثف، أثناء ما كانت سنتا تجري ضد الريح والنوارس تطير مع الريح والسدود قد توجهت نظيفة نحو الأفق، أثناء ذهاب الشمس بعيداً بعيداً بعيداً - يجد فالتر ماتيرن مطواة جيب. تدوم المغارب في المناطق الشرقية وقتاً أطول عنها في المناطق الغربية: كل الأطفال يعرفون ذلك، حيث يجري الفايكسل من هذه السماء إلى السماء المقابلة. تتحرك المعدِّية من مرسى شيفنهورست وتريد بشراسة وميل ضد تيار النهر أن تنقل عربتي بضاعة تابعتين لخط السكة الحديد الإقليمي إلى نيكلسفالده، حيث ستنقلان إلى شتوتهوف على القضبان. في هذه الأثناء يبتعد قطعة الجلد، المسمى كريفه، بوجهه ذي الجلد البقري عن الريح ويتفقد بعينيه الخاليتين من الرموش قمة السد: يمكنه عد بعض مراوح طواحين الهواء الدائرة وأشجار الحور. الآن يقع شيء ثابت في مجال بصره، شيء لا ينثني، لكن يده في جيبه. وإذا انزلق ببصره من المنحدر: هناك شيء غريب ومستدير، منحن ويريد أن يأخذ شيئاً من النهر. إنه أمزل، يريد أن يصطاد ملابس - ملابس لأي غرض؟ - كل الأطفال يعرفون ذلك.
لكن قطعة الجلد كريفه لا يعرف، ما الذي وجده فالتر ماتيرن في جيبه أثناء بحثه عن زلاك. أثناء ما كان كريفه يبتعد بوجهه عن الريح، كانت مطواة الجيب قد أصبحت أكثر دفئاً في يد فالتر ماتيرن. لقد أهداها إليه أمزل. ولها ثلاث شفرات، ومبرام ومنشار وشوكة. أمزل بدين، ببشرة مشربة بالحمرة ويثير الضحك عندما يبكي. يصطاد أمزل أسفل السد في الطين لأن الفايكسل يصل، بسبب الفيضان من مونتاو إلى كيزهمارك على رغم انسيابه السريع، إلى قمة السد ويجلب معه أشياء كانت قبل ذلك في بالشاو.
غابت الشمس. انها هناك خلف السد وقد خلفت احمراراً يأخذ في الازدياد. يكور فالتر ماتيرن - ذلك ما يستطيع براوكسل معرفته - قبضته حول المطواة في جيبه. أمزل أصغر قليلاً من فالتر ماتيرن. سواد الكلبة سنتا التي ذهبت بعيداً للبحث عن الفئران، يشبه بعض الشيء الحمرة التي للسماء المقابلة لقمة سد شيفنهورست. تبقى قطة طافية وخشب طاف عالقين. تتكاثر النوارس أثناء الطيران: ورق أملس ممزق، يتكور ثم ينبسط، ويفرد أشرعته" والعيون الزجاجية الصغيرة بحجم ثقب الإبرة ترى كل شيء، ترى ما يطفو وما يعلق، ما يجري وما يقف، أو ما هو كائن فقط، كنقاط النمش الألفين لدى أمزل وأنه يرتدي خوذة، قد ارتُديت قبل ذلك في فيردون. والخوذة تنزلق ويجب أن تعود إلى موضعها على القفا وتنزلق ثانية أثناء اصطياد أمزل لألواح الأسوار الخشبية وعيدان الفاصوليا، وملابس ثقيلة جداً من الطين: تخرج القطة عن التيار وتدور بعيداً وتصبح من نصيب النوارس. تتحرك الفئران في السد من جديد والمعدّية ما زالت تقترب. يطفو كلب أصفر ميت ويدور. تقف سنتا ضد الريح. بميل وشراسة تنقل المعدّية عربتي البضاعة. يطفو عجل، لم يعد على قيد الحياة. والآن تتعثر الريح، لكنها لا تغير اتجاهها. وتظل النوارس عالقة بالجو في ترقب. الآن أخرج فالتر ماتيرن - بينما المعدّية والريح والعجل والشمس خلف السد، الفئران في السد والنوارس فوق بقعة - قبضته وفيها مطواة الجيب، ومررها، أثناء جريان الفايكسل، أمام سترته وجعل مع الاحمرار المتزايد في الجهة المقابلة، لعظام اليد ملمساً طبشورياً.
الوردية الصباحية الثالثة
كل الأطفال ما بين هيلدسهايم وزارشتيت يعرفون، ما الذي يُنتج في منجم براوكسل الواقع ما بين هيلدسهايم وزارشتيت.
كل الأطفال يعرفون، لماذا كان على فرقة المشاة رقم مئة وثمانية وعشرين، أن تترك في بونزاك هذه الخوذة الفولاذية التي يلبسها أمزل مع كومة من الملابس العسكرية وبعض أشياء من عدة المطبخ العسكري المتنقل عند مغادرتها بونزاك بالقطار عام عشرين.
ها هي القطة مرة ثانية. كل الأطفال يعرفون: إنها ليست القطة نفسها، فقط الفئران لا تعرف والنوارس لا تعرف. القطة مبللة مبللة مبللة. يمر شيء طاف، ليس بكلب ولا بخروف، إنها خزانة ملابس. الخزانة لا تصطدم بالمعدّية. وعندما يسحب أمزل أحد عيدان الفاصوليا من الطين، وتبدأ قبضة فالتر ماتيرن في الارتعاش على مطواة الجيب، تحصل قطة على حريتها: يدفعها البحر المفتوح الواصل إلى السماء. تتقلص النوارس، وتتحرك الفئران في السد وينساب الفايكسل، ترتعش قبضة فالتر ماتيرن على المطواة، تدعى الريح شمالية غربية، تتجدد السدود، يضغط البحر المفتوح بكل ما فيه ضد النهر، لا تزال الشمس آخذة في الغروب، ولا تزال المعدّية تنقل في نفسها وفي عربتي البضاعة: المعدّية لا تحيد، والسدود لا تتحطم، والفئران لا تخاف، لا تريد الشمس أن تعود، ولا القطة ولا النوارس ولا السحب ولا فرقة المشاة، ولا تريد سنتا أن تعود إلى الذئاب، بل هي طيعة طيعة طيعة... وكذلك لا يريد فالتر ماتيرن أن يعيد تلك المطواة التي أعطاها له أمزل الممتلئ القصير السمين، إلى جيبه" بل إن القبضة على المطواة تمكنت من أن تصبح أكثر طبشورية. بأعلى تصر الأسنان من اليسار إلى اليمين. تستريح القبضة على المطواة، بينما ينساب يأتي تغرب يطفو تدور وتقل، حيث يفيض الدم المندفع في اليد المغلقة الآن بارتياح...
* رواية تصدر قريباً عن منشورات الجمل كولونيا، ألمانيا في ترجمة حسين الموزاني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.