خلال فترة قصيرة استطاعت شدا عمر أن تفرض حضورها كوجه تلفزيوني جديد عبر برنامج "نهاركم سعيد" في المؤسسة اللبنانية للإرسال أل بي سي، إضافة الى مشاركتها في النشرات الاخبارية. بدت شدا في "البرنامج الصباحي" ذات اطلالة خاصة، لطيفة ومهذبة، طبيعية وخالية من أيّ ادعاء. وقد أمدّتها ثقافتها السياسية والإعلامية الواضحة بخبرة في طرح الأسئلة أولاً وفي متابعة الضيف الذي تحاوره على الشاشة مباشرة، وفي الاستماع الى أجوبته وآرائه لتناقشه في ما يشبه السجال السياسيّ أو الاجتماعي. غير أنّ اطلالة شدا عمر لم تأخذ مداها إلا مع البرنامج الذي تقدمه في الفضائية اللبنانية وعنوانه "الحدث". طبعاً ثمّة من يساعد شدا في اعداد الملفات التي تعالجها والمادة الوثائقية وسواها، لكن البرنامج يظل برنامجها هي ويعبّر عن خبرتها في طرح القضايا الشائكة والشؤون الراهنة و"الساخنة". وحلقتها الأخيرة عن "القضية" الشيعية في العراق والمنفى العراقي كانت جريئة جداً وعميقة خاضتها شدا بإدراك ومعرفة وكانت أشبه بالمحور الذي يجمع وجهات النظر المختلفة والمتناقضة أحياناً بين شيعة الداخل العراقي وشيعة الخارج وبين بعض علماء الشيعة غير العراقيين. هذه حلقة من حلقات تطلّ بها شدا مساء كلّ أحد على الجمهور العربي واللبناني لتضعه وجهاً لوجه أمام القضايا الحاسمة التي تشغل العالم العربي والعالم. تتميّز شدا بسرعة البديهة والتفاعل الفوريّ مع ضيوفها وأفكارهم ومع المواقف والمسائل المطروحة. ولا تبدو أنّها تقرأ أسئلة محضّرة مسبقاً، كما يحصل مع بعض المذيعات. فهي "تصنع" أسئلتها انطلاقاً من الحوار الجاري ومن مواقف الضيوف. وهي لا تقاطعهم لتبدي آراءها كما تفعل المذيعات المدّعيات أو لتعرض وجهة نظرها. إنّها محور الحوار وتعرف جيداً أنّ عليها أن تديره وتلتقط خيوطه لئلا يضيع أو ينحرف عن موضوعه الرئيس. تستمع جيداً ثمّ تستطرد أو تعارض ولكن من دون ادعاء، وفي أحيان لا تنثني عن "حشر" ضيفها في مسألة ما، دافعة اياه إمّا الى الاجابة أو الى التغاضي عن الاجابة. ومهمة مثل هذه المهمة - الجمع بين ضيوف مشتتين في أكثر من عاصمة - تتطلب الكثير من الجهد والمهارة والتفاعل والاصغاء والتحليل. ولعلّ هذه الأمور هي ما تصبو شدا اليها، جاعلة من الحلقة التلفزيونية حلقة مفيدة. قد تحتاج شدا عمر الى المزيد من الوقت لترسّخ طريقتها في اعداد مثل هذه البرامج السياسية وفي تقديمها، خصوصاً أنها تحاور أكثر من ضيف في وقت واحد. لكن ما حققته حتى الآن، بتواضعها الجميل واطلالتها المميزة يؤكد انها ستكون في طليعة الاعلاميين التلفزيونيين الذين يعملون في هذا الحقل. أما اطلالتها الأنثوية ففي غاية العفوية. فهي ليست من "المذيعات" اللواتي يقضين ساعات أمام المرآة أو بين أيدي مصففي الشعر والمزينين أو من اللواتي "ينفخن" شفاههن ب"السليكون". فهمّ شدا عمر الاطلالة الجميلة والمهذبة التي تجمع بين العفوية في الأداء والذكاء في ادارة الحوار. سونيا زين