يظل عبدالرحمن الدهام من اكثر الشخصيات السعودية اثارة للجدل، فإذا لم تتفق معه في آرائه، فحتماً ستحترم وجهة نظره... ويعتبره البعض شاهداً على حقبة من التاريخ الرياضي السعودي، ومرجعاً لا يمكن تجاوزه في الكثير من المحطات الرياضية... اختلف معه الجميع وصادقه الجميع، وأغضب الكثيرين لكنك تجده وكأنه صديق لهم من سنوات. بدأ حكماً حتى حصل على الشارة الدولية، ثم رئيساً للجنة الحكام وأميناً عاماً لاتحاد كرة القدم ثم عضواً في الاتحاد السعودي، وتسلم الكثير من المناصب الرياضية وترأس لجاناً رياضية، وكان يمثل الرئاسة العامة لرعاية الشباب في مجلس مدينة الرياض. تشاهده اليوم في الرياض وغداً في جدة، وفي المساء في المنطقة الشرقية، وفجأة يتوجه الى جنوب السعودية للاشراف على دورة حكام، ثم يحزم حقائبه الى ماليزيا حيث مقر الاتحاد الآسيوي، ويعود منها الى محطة اخرى لمراقبة مباراة قارية، ويحضر اجتماع لاتحاد كرة القدم، وتجده يصرح في الصحف عن مباراة في الدوري المحلي، وفوق ذلك يجهز لبروتوكلات مباراة نهائية... ولم يخطئ من وصفه بأنه "رجال كثر في رجل واحد". لا يستطيع احد ان ينكر ما قدمه الدهام للكرة السعودية، وخصوصاً في لجنة الحكام، وهو انسحب من الواجهة بعد ان بلغ سن التقاعد الحكومي... ابتعد ولم يكرمه احد، وهو اكتفى بتكريم الاتحاد الآسيوي الذي امضى في لجانه 24 عاماً، لكنه رأى ان التكريم الذي حظي به في احدى مناطق السعودية النائية وبحضور 17 شخصاً هو اجمل ما كرّم به... رافضاً التعليق على عدم تكريمه من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب او الاتحاد السعودي لكرة القدم "لن اطالبهم بأن يكرموني، ربما يحتاجون لتذكير لكنني لن افعل ذلك... فما قدمته لبلدي هو اكبر تكريم لي... ما قدمته لا يستحق التكريم، وعندما اطلق رئيس النصر الأمير عبدالرحمن بن سعود لقب "دهاملانج" على الدهام على وزن البرازيلي هافيلانج رئيس الاتحاد الدولي السابق، فهو لم يخالف الحقيقة لأن الدهام كان يشرع قرارات خاصة بالمسابقات السعودية، بل ويدافع عنها باستماتة واضحة "خصوصية المجتمع السعودي تجعله عرضة لاحكام لا يمكن تطبيقها خارجه"... فهو كان يتخطى، فرحة اللاعب عند تسجيله الهدف، حدود الادب او خلع قميصه، وكان يعارض اجراء لقاءات مع الحكام بعد المباريات، ويرفض بشدة انزال عقوبة معلنة على الحكم الذي يخطئ "الحكم بشر، وانا كنت ولا ازال امانع اعلان عقوبة الحكم، ما هو مصير ابن الحكم في المدرسة عندما يسمع من زملائه ان اباه اخطأ وتم ايقافه". ويعترف ابو عزيز وهو اشهر القابه انه تجاوز الانظمة الدولية في كثير من الاحيان، وهو يصنف من بين سليطي اللسان مع الحكام والصحافيين "مع الحكام لتقويمهم، ومع الصحافيين للدفاع عن ابناء الحكام". واعترف بأنه كان يستخدم العصا عند مناقشة الحكام "نعم املك عصاً وكانت سيفاً مصلتاً على رقبة 176 حكماً، وغالبيتهم ذاق عقابها، لكنها باتت في عداد الذكريات، لم تكن العصا هي الوحيدة لتقويم الحكام، كنا نستخدم الكلمة الطيبة واحياناً الشدة، ولدينا ملف سري عن كل حكم، يتضمن معلومات عن حياته الشخصية ووضعه المادي، وحتى ميوله الرياضية، وهو مرجع ضخم موجود في الاتحاد السعودي. كنا نقيم الدورات التحكيمية المجمعة ليس لتدريس القانون فحسب بل لمعرفة اساليب الحكام وشخصياتهم، والتعرف الى سلوكهم، وكنت اتجسس عليهم. وفي البطولة العربية الحالية افعل الشيء ذاته مع الحكام لمعرفة ما اذا كانوا يطبقون التعليمات". واعترف الدهام للمرة الاولى بأنه كان وراء ابعاد عبدالرحمن الزيد من ادارة مباريات الهلال "الزيد كان لاعباً في الهلال، وعندما دخل مجال التحكيم اسندت إليه مباراة الهلال والنصر لدرجة الناشئين وطلبت من جميع اعضاء لجنة الحكام الحضور وان يبتعدوا عن بعضهم البعض، وبعد المباراة اتفقنا على ان الزيد احتسب على الهلال 17 خطأ اكثر مما احتسبه على النصر، ومن بعدها قررت ألا يحكّم للهلال لأنه سيقسو على الهلال حتى لا يتهم بتعاطف مع فريقه السابق، وانا اميل للشباب وأدرت مباراة له مع الرياض، وبعدها طلب مسؤولو الشباب ألا أدير لهم اي مباراة". ويمتاز الدهام بصوت جهوري يسمعه البعيد، ساعدته في ذلك وظيفته الاولى عندما كان مدرساً، وهو يحفظ جميل السوريين رشيد دشان وخالد سمان "الاول استفدت منه عندما كنت حكماً، والثاني استفدت منه عندما كنت مسؤولاً ولا ينكر مجهودات الاخير الا رجل حاقد... وكان يجب الإفادة منه مستشاراً في لجنة الحكام". ويرفض الدهام كتابة مذكراته على رغم انه باع حقوق كتابه الجديد وشريط الفيديو الذي يتضمن بعض الذكريات "اذا تحدثت لن اجامل احداً، وسأقول الحقيقة وهي ستغضب الكثيرين، لذا التزمت الصمت لأنه أفضل من هدم ما بنيته من علاقات من اجل كتاب. لكن ابلغت ولدي أنه يمكن أن ينشر ذكرياتي بعد مماتي. هناك ايضاً حقائق واسرار لم يكن يعرفها سوى الأمير فيصل بن فهد وانا، وعندما رحل الأمير فيصل سلمت هذا الملف السري الى ابنه الأمير نواف بن فيصل". وعن البطولة الحالية اكد الدهام ان الحكام طبقوا الكثير من التوجيهات التي طلبت منهم "لكنني لست راضياً عن بعضهم، واقوم مع الزميل ناجي الجويني في تحليل المباريات وشرح اخطائهم وتقويمها، والحمد لله البطولة حتى الآن ناجحة تحكيمياً!". وختم الدهام حديثه موضحاً "يصفني الكثير بالشدة وبأني سليط اللسان، الا ان الامر يختلف في البيت فأنا مطيع جداً... وأم عبدالعزيز تقوم بكل الادوار حتى انني لا اشتري ملابسي بنفسي، فهي تحملت مشاغلي كثيراً وربت الابناء واقول لها جزاك الله خيراً". واللافت ان ابناء الدهام لم يدخلوا المجال الرياضي قط "يكفي ما نال ابوهم من الاعلام ومسؤولي الاندية". منافسات البطولة ستخلد الفرق اليوم الى الراحة، وتنطلق المباريات مجدداً غداً بلقاء القادسية الكويتي مع الاولمبي الليبي، والاتحاد السعودي مع الملعب التونسي. وكان الاولمبي الليبي واصل مفاجآته وتعادل مع الملعب التونسي بهدف لأنيس العياري 46 في مقابل هدف لعبدالسلام الزاوي 60... وطرد حكم المباراة السعودي ممدوح المرداس اللاعب اسامة الزقلان من الاولمبي والسنغالي عبدول نداي لاشتباكهما بالايدي 66. وفي مباراة ثانية، قاد الغاني تيتي كامارا اتحاد جدة الى الفوز على القادسية الكويتي بتسجيله الاهداف الثلاثة 46و52و66 لفريقه بعد آن تقدم القادسية بهدف لهاني الصقر 26.