دلالات اعلان رئيس الوزراء المغربي ادريس جطو زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الجزائري عبدالعزيز بلخادم الى المغرب ان طابعها السياسي يزيد على كونها تبحث في محور العلاقات الثنائية نحو الاحاطة بالملفات العالقة كافة. وفي الأعراف الديبلوماسية ان مصدر الاعلان يحدد اهمية العناوين التي تبحث. وحين يكون رئيس دولة او رئيس وزراء فذلك يعكس حجم الرهان، بيد ان معاودة درس العلاقات المغربية الجزائرية على خلفية الاقتراح الذي حمله الوسيط الدولي جيمس بيكر الى الاطراف المعنية لحل قضية الصحراء، تعطي بعض المؤشرات الايجابية، ومن ضمنها عدم صدور مواقف من المغرب والجزائر ازاء الاقتراح، وإن كانت جبهة "بوليساريو" سبقت الى الشكوى من جدواه. لكنها فعلت ذلك اعلامياً بما يترك الفرصة امام معاودة النظر. ومفاد ذلك انها تريد الابتعاد بعض الشيء عن الموقف الجزائري، تماماً كما تريد الجزائر الابتعاد عن ربطها بفكرة التقسيم. لكن الرباطوالجزائر تسعيان الى الإفادة من مهلة الشهرين قبل تقديم ردودهما على اقتراح بيكر الذي يجمع بين الحكم الذاتي الموسع وصيغة جديدة لتقرير المصير عبر الاستفتاء. ومع ادراكهما ان الاقتراح اميركي بغطاء دولي، فإن رهانهما على دعم اوروبي، خصوصاً من فرنساواسبانيا يهدف الى ترجيح هذه الكفة او الاخرى. وليس صدفة ان ثقل باريس في علاقاتها وبلدان شمال افريقيا مركز النفوذ التقليدي، يركز على نزاع الصحراء عبر وفاق مغربي جزائري يكون بديلاً من اقصاء فرنسا من كعكة السيناريوات الاميركية في الخليج. يوم ادركت الجزائر ان الوسيط بيكر وضع باريس راعية للاتفاق الاطار في حل نزاع الصحراء الى جانب واشنطن، سارعت في التقرّب الى اسبانيا عبر تحالف محوري يجمعهما في مقابل تحالف الرباطوباريس. والحال ان واشنطن نفسها تدخلت عبر وزير الخارجية كولن باول للحؤول دون تصعيد المواجهة بين المغرب واسبانيا حول جزيرة "ليلى" ما اعتبرته الرباط مؤشراً لجهة ان واشنطن معنية اكثر بتطورات الاوضاع في منطقة شمال افريقيا وفق اجندة تفيد من الازمات لكنها تحول دون تدهورها اكثر. في امكان المغرب والجزائر بمقدار اكبر من ضبط النفس وحصر المصالح وتقويم التحالفات، العودة بنزاع الصحراء الى نقطة الصفر، كونها المدخل الى ترتيب وفاق جديد. اذ جرّب البلدان ان يتصارعا في فترة الحرب الباردة من خلال توزيع تحالفاتهما شرقاً وغرباً، وجرّبا كذلك ان يتواجها عبر اشواط المنافسة الاميركية الاوروبية في شمال افريقيا، لكنهما لم يجربا الحوار بلا وساطات ولا دوافع، وقد يصبح اعلان جطو زيارة وزير الخارجية الجزائري المغرب حافزاً لمعاودة تقليب الاوراق والبحث في المصالح.