توصل المشاركون في الطاولة المستديرة في ضاحية ماركوسي الباريسية الى اتفاق يضع ساحل العاج على سكة الخروج من الحرب الأهلية التي تشهدها منذ أيلول سبتمبر الماضي، يتضمن استمرار الرئيس العاجي لوران غباغبو في منصبه حتى نهاية ولايته وتشكيل حكومة موسعة تضم جميع الاطراف وجمع الأسلحة. وقعت الاطراف المعنية بالنزاع في ساحل العاج فجر امس اتفاقاً يفترض ان يضع البلاد على درب السلام ويقضي باحتفاظ الرئيس غباغبو بمنصبه وبتشكيل حكومة اتحاد وطني تتمثل فيها الاطراف المختلفة. جاء ذلك في ختام محادثات مغلقة بدأت منتصف الشهر الجاري في ماركوسي ضاحية باريس وضمت ممثلين عن الحكومة العاجية وسبعة احزاب سياسية اضافة الى منظمات المتمردين الثلاث. وهنأت فرنسا، التي توسطت في المحادثات عبر عضو المجلس الدستوري بيار مازو، نفسها على الاتفاق الذي يشكل مخرجاً للأزمة في ساحل العاج. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية فرنسوا ريفاسو ان الاتفاق يشكل مرحلة اولى في اطار نهج سيستكمل عبر قمة دول افريقيا الغربية التي تعقد في باريس اليوم وغداً في حضور الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان. وأضاف ان الاطراف المانحة التي لم يسمها والتي تشارك في القمة، تعطي بعداً مهماً لنجاح هذا الاتفاق. ويشكل الاتفاق نجاحاً للديبلوماسية الفرنسية كون الاطراف المتنازعة وافقت على تقديم التنازلات الضرورية لانجازه. فتراجع المتمردون عن طلب الانتخابات المبكرة مما يتيح لغباغبو البقاء في الحكم الى آخر ولايته سنة 2005. وفي المقابل وافق رئيس ساحل العاج على قيام حكومة اتحاد وطني تضم ممثلين عن احزاب المعارضة والمتمردين. وتقرر اسناد رئاسة الحكومة لشخصية تحظى بتأييد الاطراف المختلفة وتتولى الاعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة وتوفر الشروط اللازمة لاجراء العملية الانتخابية بحياد ونزاهة. والتقى مازو أمس الرئيس جاك شيراك وعرض عليه نص الاتفاق الذي تضمن بنوداً عن تجريد المتمردين من اسلحتهم والعفو عنهم وتجميعهم وانشاء جيش جديد بمساعدة فرنسية. كما تضمن بنوداً اخرى تحدد المواصفات التي ينبغي توافرها لاكتساب جنسية ساحل العاج وتملك الأراضي فيها. خطوة حاسمة ووصف مستشار غباغبو توسان آلان الاتفاق بأنه "خطوة حاسمة تفتح الطريق نحو تسوية سياسية للأزمة"، وفقاً "لما دعا اليه باستمرار" رئيس ساحل العاج. وقال ان غباغبو سيكون حريصاً على تطبيق مضمون الاتفاق، مبدياً أسفه للضحايا الذين سقطوا "في هذه الحرب القذرة"، بين سلطات ساحل العاج والمتمردين وكادت تهدد بزعزعة الاستقرار في المنطقة. وكان شيراك استقبل انان وعرض عليه مضمون الاتفاق، خلال جلسة محادثات عقدها معه في قصر الاليزيه وتخللها لقاء قصير منفرد بينهما، ولم يدل اي منهما في اعقابها بأي تصريح. كما استقبل شيراك لاحقاً غباغبو وأجرى معه محادثات عن مضمون الاتفاق. وأكد رئيس وفد الحركة الوطنية لساحل العاج الى المفاوضات غيوم سورو، الذي تسيطر حركته على نصف اراضي ساحل العاج، ان حركة التمرد التي يمثلها "راضية تماماً" عن الاتفاق و"نأمل بعودة سريعة للسلام النهائي". وعبر رئيس الوزراء السابق لساحل العاج الحسن وترة المنفي طوعياً الى فرنسا عن ارتياح مماثل وقال ان الاتفاق "ممتاز". وعلى رغم اجواء الارتياح العام، فإن تطبيق الاتفاق قد يواجه مجموعة من العقبات منها مثلاً التهمة التي توجهها ساحل العاج الى ليبيريا المجاورة بالتدخل في النزاع الى جانب المتمردين. وفي الوقت نفسه، فإن التوافق على رئيس حكومة الاتحاد الوطني قد لا يكون بالعملية السهلة، الى جانب كون صلاحياته غير محددة بوضوح بالنسبة الى صلاحيات الرئيس، كما ان عملية تجميع المتمردين وتجريدهم من اسلحتهم تشكل في حد ذاتها عملية شديدة الدقة. شيراك يدعو موغابي لحضور قمة في فرنسا أعلنت الخارجية الفرنسية ان الرئيس جاك شيراك دعا رئيس زيمبابوي روبرت موغابي لزيارة باريس والمشاركة في قمة افريقية ستعقد الشهر المقبل، معترفة بأن هذه الدعوة قد تثير سخط بريطانيا. وأوضح الناطق باسم الخارجية فرنسوا ريفاسو ان شيراك دعا موغابي للمشاركة في القمة الفرنسية - الافريقية التي ستعقد في 20 و21 شباط فبراير المقبل في باريس. واعتبر ان القرار الذي اصدره الاتحاد الاوروبي ومنع بموجبه قيام مسؤولين من زيمبابوي وبينهم موغابي بزيارات الى دول الاتحاد يتضمن "استثناءات". واشار الى ان فرنسا "تتفهم شعور الشعب البريطاني وغضبه" تجاه مثل هذه الزيارة "ولكن لدينا ايضاً القناعة التامة بأننا تحركنا في شكل يتطابق مع القانون ولاهداف مشابهة". وأعلنت مصادر ديبلوماسية متطابقة في بروكسيل ان دول الاتحاد الاوروبي تلقت أول من أمس رسالة من فرنسا تسأل فيها ما اذا كان هناك اعتراض على زيارة موغابي. وبحسب الاجراءات المطبقة، سيكون على بلدان الاتحاد الرد كتابة قبل حلول اليوم على الرسالة. وفي حال لم تعترض اي دولة على الزيارة تكون فرنسا حصلت على الاستثناء.