سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كوريا الشمالية تحاور ديبلوماسياً أميركياً سابقاً ... و"قلق" في أميركا والصين وروسيا واليابان . بيونغيانغ تصعد الضغط على واشنطن بانسحابها من المعاهدة النووية
أعلنت كوريا الشمالية انسحابها من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، في خطوة تهدف إلى الضغط على الولاياتالمتحدة وإقناع الأميركيين بتقديم تنازلات. وقوبلت الخطوة الكورية الشمالية بموجة من الإدانات والقلق، فيما أكدت بيونغيانغ أنها لن تتزود سلاحاً نووياً في هذه المرحلة وستقصر نشاطاتها النووية على توليد الكهرباء. وتزامن الإعلان مع اجتماع موفدين كوريين شماليين مع بيل ريتشاردسون المندوب السابق للولايات المتحدة في الأممالمتحدة، وسط تكهنات عن رغبة بيونغيانغ في تكليفه بمهمة وساطة مع الإدارة الأميركية. وأعلن البيت الأبيض أن الرئيسين الأميركي جورج بوش والصيني جيانغ زيمين اتفقا في اتصال بينهما على أن القرار الكوري الشمالي يشكل مصدر قلق. أذاعت وكالة الأنباء المركزية الرسمية في كوريا الشمالية بياناً أكد انسحاب بيونغيانغ من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية التي وقعت عليها عام 1985. وجاء في البيان أن "حكومة جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية تعلن تحررها التام من القوة الملزمة لاتفاق الضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وأضافت أن قرار الانسحاب يسري على الفور. وأضاف البيان: "على رغم انسحابنا من معاهدة حظر الانتشار النووي، فإننا لا ننوي انتاج أسلحة نووية، وستقتصر نشاطاتنا النووية في هذه المرحلة على الأغراض السلمية، مثل انتاج الطاقة". وأكد على أنه "إذا تخلّت الولاياتالمتحدة عن سياستها العدوانية لخنقنا وأوقفت تهديدها النووي، فإن كوريا الشمالية ربما تثبت من خلال تحقيق منفصل أنها لا تقوم بصنع أي أسلحة نووية". وقالت مصادر ديبلوماسية قريبة من بيونغيانغ أن كوريا الشمالية ستوافق على إلغاء خططها النووية، إذا أعادت واشطن التأكيد على البيان المشترك الصادر في عام 2000 الذي يعلن أن كلاً من الدولتين "ليست لديه نيات عدوانية" نحو الآخر. محادثات مع ريتشاردسون وتزامن الإعلان مع إجراء بيل ريتشاردسون المندوب الأميركي السابق لدى الأممالمتحدة والحاكم الحالي لولاية نيو مكسيكو جولتي محادثات خلال الساعات ال24 الماضية، مع اثنين من ديبلوماسيي كوريا الشمالية لدى الأممالمتحدة. وقال بيلي سباركس الناطق باسم ريتشاردسون للصحافيين في سانتا في عاصمة الولاية إن المحادثات "كانت ودية". ومعلوم أن للديموقراطي ريتشاردسون تاريخ طويل في المفاوضات مع بيونغيانغ، إذ تفاوض معها عام 1994 بشأن الإفراج عن جندي أميركي سقطت مروحيته في كوريا الشمالية، كما تفاوض معها عام 1996 عن الإفراج عن مواطن أميركي احتجزته بتهمة التجسس. وقال مسؤول أميركي إن الهدف من اجتماع ريتشاردسون مع الديبلوماسيين الكوريين هو "الاستماع إلى ما سيقولونه"، مضيفًا أن وزارة الخارجية الأميركية وافقت على طلب إجراء محادثات "لأننا نعرف أن ريتشاردسون من الشخصيات التي يتحدثون إليها والتي يحبون التحدث إليها والتي يمكن أن يتحدثوا إليها". هدف التصعيد وقال محللون إن كوريا الشمالية صعدت حملتها الكلامية للفوز بمزيد من التنازلات من الولاياتالمتحدة. ومن المقرر أن يصل مساعد وزير الخارجية الأميركي جيمس كيلي غداً إلى سيول التي يزورها وزير الخارجية الياباني بعد ذلك بثلاثة أيام. وأجمع مراقبون في سيول على أن بيونغيانغ تعزز محاولاتها للضغط على واشنطن عبر اتباعها سياسة شفا الهاوية، بهدف تسريع اتفاق مع الولاياتالمتحدة المشغولة باستعداداتها لحرب ضد العراق. وأضافوا أن كوريا الشمالية تخشى أن تصبح الفرص المتاحة اليوم، أقل بعد حرب في الخليج. ورأى المحللون أن الكوريين الشماليين استنتجوا أن الولاياتالمتحدة لا تستطيع التحرك ضدهم نظرًا لانشغالها الكبير بالعراق، كما أن تصلب بيونغيانغ يهدف إلى زعزعة التعاون بين الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبية واليابان، والهادف إلى جبارها على التخلي عن برنامجها النووي، من دون تقديم مكافأة لها على شكل مساعدات. رد كوريا الجنوبية وطلبت سيول من بيونغيانغ العودة عن قرارها، إثر اجتماع طارىء عقده مجلس الأمن الكوري الجنوبي. وقال سوك تونغ يون الناطق باسم وزارة الخارجية في ختام اجتماع المجلس إن "الحكومة تحذر بجد من مخاطر هذا التدبير وتدعو كوريا الشمالية إلى العودة فورًا عن إعلانها الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة وتسوية هذه القضية بالحوار". كذلك حذر الرئيس الكوري الجنوبي كيم داي جونغ من أن الأزمة النووية في بيونغيانغ تزداد خطورة، قائلاً إن "الوضع في شبه الجزيرة الكورية ازداد تدهورًا بعد انسحاب الشمال من معاهدة الحد من الانتشار النووي". وأضاف في اجتماع وزاري: "علينا أن نجعل من شبه الجزيرة الكورية مكانًا خاليًا من الأسلحة النووية، لذلك يجب أن نتحلى بالصبر والثبات في السعي إلى حل سلمي". وتابع أن "الولاياتالمتحدة تتجه في هذا الوقت وبفضل جهودنا، نحو الحوار مع كوريا الشمالية". أميركا والصين وأعلن الناطق باسم البيت الأبيض آري فلايشر أن الرئيسين، الأميركي جورج بوش والصيني جيانغ زيمين وصفا إعلان كوريا الشمالية انسحابها من المعاهدة بأنه مصدر قلق، واتفقا على العمل معًا بشأنه. وقال إن الرئيسين تحدثا هاتفيًا للبحث في الوضع و"اتفق كلاهما على أن إعلان كوريا الشمالية، يقلق المجتمع الدولي بأسره" وأضاف فلايشر أن بوش أبلغ جيانغ أن الإعلان الكوري الشمالي "يربطنا بهدف مشترك"، وأكد له أن الولاياتالمتحدة "لا تضمر نيات عدائية نحو كوريا الشمالية وتسعى إلى حل سلمي متعدد الأطراف للمشكلة التي نتجت عن تصرف كوريا الشمالية". وتابع الناطق باسم البيت الأبيض أن "جيانغ أكد مجددًا التزام الصين بأن تكون شبه الجزيرة الكورية خالية من الأسلحة النووية"، مشيراً إلى أن "الرئيسين اتفقا على مواصلة العمل معًا للمساعدة في ضمان السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية". وأكد أن رد الفعل الأميركي بضبط النفس، ينسجم مع الرغبة الأميركية في عدم إذكاء التوترات في شبه الجزيرة الكورية، مشيراً إلى أن هذا التحرك من جانب كوريا الشمالية لم يكن غير متوقع. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية زهانغ كيوو إن بلاده تعتبر أن "لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية معنى كبيرًا في تجنب انتشار الأسلحة النووية وتشجيع السلام والأمن الدوليين". وأضاف: "نأمل بأن يستمر الطابع الكوني للمعاهدة وسنواصل العمل من أجل حل سلمي للمسألة النووية في كوريا الشمالية". روسيا واليابان وأعربت روسيا واليابان عن قلقهما من الإعلان الكوري الشمالي، فيما تحول هذا الملف محوراً أساسياً في محادثات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الياباني كويزومي في موسكو أمس. وحض بوتين وكويزومي كوريا الشمالية في بيان مشترك، على العودة "بسرعة كبيرة" عن قرارها، وأعربا عن "أسفهما وقلقهما العميقين"، كما دعيا كل الأطراف إلى البحث عن "حل سياسي" للأزمة. ورأى مراقبون في موسكو أن هذا البيان يتضمن أيضاً دعوة إلى الولاياتالمتحدة لاستئناف برنامج المساعدات إلى كوريا الشمالية والتعاون مع الأخيرة في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية الذي كان اتفق عليه، كثمن لوقف برامجها النووية. ردود دولية وأكدت الوكالة لدولية للطاقة الذرية أنه "ما زال هناك وقت للعمل الديبلوماسي" على رغم قرار كوريا الشمالية، وذلك في تعليق على احتمال اللجوء إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار ضد بيونغيانغ. وأفاد ناطق باسم الوكالة أن مديرها محمد البرادعي الذي استعد للاجتماع مع وزير الخارجية الأميركي كولن باول "يحض كوريا الشمالية بقوة على التراجع عن قرارها". ودان وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الأمن، "القرار الخطير" الذي أكد أن "عواقبه وخيمة". ودعا دو فيلبان إلى "مواصلة الجهود على المستويين الثنائي والإقليمي أو المتعدد الأطراف، لحمل كوريا الشمالية على احترام تعهداتها في مجال الحد من انتشار الأسلحة النووية"، وذلك في وقت شملت المشاورات في الأممالمتحدة، كوريا الجنوبية واليابان. ودانت بريطانيا قرار الانسحاب من المعاهدة ووصفته بأنه "سيئ"، موضحة أنه كان على كوريا الشمالية أن "تبلغ مجلس الأمن قبل ثلاثة أشهر، عزمها على الانسحاب"، بحسب ما قال ناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير. أما وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر فعبّر عن "القلق العميق" للحكومة الألمانية، داعيًا كوريا الشمالية إلى "إعادة النظر بسرعة في قرارها وإلغائه". وأوضح أنه قرار "خطير ومثقل بالنتائج التي ستنعكس على الأسرة الدولية، ويجب الآن التوصل إلى حل ديبلوماسي". وحض الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا "بقوة"، كوريا الشمالية على العودة عن قرارها، معبرًا عن قلق "شديد" لدى الدول الأعضاء ال15 في الاتحاد، إزاء هذه المسألة. وقالت أستراليا إنها سترسل وفدًا على مستوى عالٍ إلى بيونغيانغ الأسبوع المقبل، في محاولة للخروج من الأزمة النووية.