اسفرت نتائج الانتخابات البرلمانية التكميلية الفرعية في مدينة دمنهور شمال مصر عن فوز مرشح حزب الوفد الليبرالي خيري قلج بحصوله على 16862 صوتاً، في حين حصل منافسه مرشح جماعة "الإخوان المسلمين" جمال حشمت على 962 صوتاً فقط، علماً أن الأخير فاز في الانتخابات الأخيرة قبل عامين بفارق حوالى 12 ألف صوت عن أقرب منافسيه. أعادت نتيجة انتخابات مدينة دمنهور إلى الأذهان ما حصل في دائرة الرمل في الاسكندرية قبل شهور حين تبدلت النتائج في جولة الإعادة، إذ حصل مرشحا الحزب الوطني الحاكم على خمسة آلاف صوت في مقابل 400 صوت لمرشحي "الإخوان" اللذين حصدا غالبية الأصوات في المرحلة الأولى بفارق آلاف الأصوات عن أقرب منافسيهما. وبدا من تكرار التجربة التي أفقدت "الإخوان" مقعداً مضموناً في الرمل وآخر احتلته في البرلمان لفترة عامين ممثلاً عن مدينة دمنهور، أن احتمالات تكرار نتائج انتخابات العام 2000 واحتلالها صدارة المعارضة في البرلمان غير قابل للتكرار، وأن المرحلة المقبلة ستشهد إتجاهاً مغايراً عما كان سائداً على مدار عامين. واللافت في انتخابات دمنهور غياب نواب جماعة "الاخوان المسلمين" عن المشاركة في الدعاية لزميلهم حشمت الذي اسقط البرلمان عضويته قبل ثلاثة أسابيع تنفيذاً لتقرير اصدرته محكمة النقض. كما لوحظ غياب أنصار "الإخوان" طوال نهار الانتخابات والاكتفاء بتحركات المرشح وسط عدد ضئيل من مناصريه وهو ما أعطى مؤشراً الى الرغبة في تجنب صدام منتظر مع السلطة وإفشال محاولة استدراجهم له. وكانت سلطات الأمن أوقفت 14 شخصاً مطلع الشهر الجاري بتهمة الانضمام إلى جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة واستخدام المناخ الاقليمي والملف العراقي لإثارة الأوضاع داخل البلاد، وقررت نيابة أمن الدولة سجنهم 15 يوماً احتياطاً على ذمة التحقيقات، وهو الإجراء الذي سبق انتخابات دمنهور بسبعة أيام وبدا كإشارة تحذيرية للجماعة. وعكست الإجراءات عودة الصدام السياسي بين الجماعة والدولة إلى الصدارة خصوصاً مع إيلاء الأوساط الرسمية إهتماماً خاصاً بدائرة دمنهور بلغت حد توفير مساندة عملية وشعبية لمرشح حزب الوفد المعارض ضد حشمت الذي يعتبر من أبرز نواب "الإخوان"، للتفوق عليه بفارق مذهل بلغ حوالي 15 ألف صوت، وذلك في رسالة غير مباشرة لكل الأطراف السياسية عن مؤشرات المرحلة المقبلة. ويبدو أن الجماعة وجدت نفسها في مواجهة عملية مفاجئة تتجاوز الدولة الى بقية فصائل المعارضة التي أبدت توجهاً في الشهور الماضية استهدف إبعاد "الإخوان" عن المشاركة في لجنة "الدفاع عن الديموقراطية" بموافقة من المنظمات الحقوقية، مما يعني رفع الغطاء السياسي عنها وإبقاءها منفردة في صراعها المتجدد مع الدولة.