ألغت المحكمة الإسرائيلية العليا أمس قرارات لجنة الانتخابات المركزية منع حزب التجمع الوطني الديموقراطي ورئيسه الدكتور عزمي بشارة ورئيس الحركة العربية للتغيير الدكتور أحمد الطيبي من خوض الانتخابات البرلمانية التي ستجري في 28 الجاري. في المقابل صادقت المحكمة على قرارات اللجنة ترشيح أحد قادة حركة "كاخ" العنصرية المحظورة باروخ مارزل ضمن لائحة حزب "حيروت"، أكثر الأحزاب اليمينية تطرفاً وعلى منع ترشيح وزير الدفاع شاؤول موفاز لأسباب فنية واليميني المتطرف موشيه فيغلين على لائحة ليكود. وقالت المحكمة إنها ستعلن تسويغاتها في وقت لاحق. رحب قادة الأحزاب والحركات السياسية العربية داخل إسرائيل بقرار المحكمة السماح ل"التجمع" وبشارة والطيبي بالتنافس، ورأوا فيه حافزاً لرفع نسبة مشاركة المواطنين العرب في الانتخابات وضمان تمثيل واسع لهم في الكنيست الجديدة. وقال رئيس لجنة المتابعة لشؤون عرب الداخل شوقي الخطيب إن القرار يؤكد أن دوافع توصية المستشار القضائي للحكومة الياكيم روبنشتاين بشطب "التجمع" ورئيسه كانت سياسية، وان لجنة الانتخابات رضخت لضغوط اليمين الساعي لتضييق الخناق على المواطنين العرب وممثليهم في الكنيست. ودعا الخطيب المواطنين إلى أوسع مشاركة في التصويت ك"رد فعل على الهجمة اليمينية العنصرية ولأن للنواب العرب دوراً مهماً في ضرورة تغيير سلم أولويات الحكومة الإسرائيلية". ورحب كل من بشارة والطيبي بقرار المحكمة. واعتبر بشارة، في سياق مؤتمر صحافي عقده في القدس قرار المحكمة صفعة لمحاولات المستشار القضائي وجهاز الأمن العام شاباك التدخل في شؤون عرب الداخل ونشاطهم السياسي، وطالب المستشار باستخلاص العبر والاستقالة من منصبه على خلفية ملاحقته له ولحزبه. وتابع ان المحكمة العليا بمصادقتها على الترشيح لم تتأثر بالأجواء المعادية إنما حاولت الحفاظ على القيم الديموقراطية، مشيراً في الوقت نفسه إلى تأييد أربعة قضاة من مجموع 11 منعه وحزبه من التنافس "وهذه حقيقة يجب أن نأخذها في الاعتبار". وختم بتأكيد موقفه الداعم لحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال "لكننا لم نعلن دعم الكفاح المسلح وفي الآن ذاته لا نملك حق ارشاد الفلسطينيين كيف وبأية وسيلة يقاومون". وقال الطيبي، الذي رفضت المحكمة بالاجماع منعه من المشاركة في الانتخابات، إن القرار يشكل "محاولة من المحكمة لصد الهجمة اليمينية العنصرية ضد الديموقراطية والتي تجلت في قرارات لجنة الانتخابات المركزية". وأضاف في حديث للإذاعة الإسرائيلية ان الجماهير العربية مطالبة بالمشاركة الفعالة في الانتخابات لصد اليمين الإسرائيلي والالتفاف حول تحالف "الجبهة" و"العربية للتغيير" وقياداتها ومبادئها. وتابع أنه لم يرضخ أمام لجنة الانتخابات المركزية ليغير مواقفه، مكرراً نفيه مزاعم اليمين دعمه الإرهاب. ورأى المدير العام لمركز "عدالة" القانوني حسن جبارين في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي، ان قرار المحكمة العليا "في غاية الأهمية" لأنه أكد ان الصراع يتمحور حول شعار دولة جميع مواطنيها وليس قضية الإرهاب ودعمه. ورحب أقطاب معسكر اليسار الإسرائيلي ورؤساء حركات سلامية بقرار السماح للنائبين العربيين و"التجمع" بخوض الانتخابات، واعتبروه صفعة للمستشار روبنشتاين ولمكانته وهو الساعي للوصول إلى منصب قاضٍ في المحكمة العليا مع انتهاء ولايته. وقال آخرون إن إقرار المحكمة ترشيح العنصري مارزل جاء ل"يخلق موازنة بين قومجي يميني متطرف ومتطرف قومي عربي مثل بشارة". وفي الطرف الآخر، ندد أقطاب أحزاب اليمين بقرار السماح لبشارة والطيبي و"التجمع" المشاركة في الانتخابات، وهددوا بالتقدم بمشاريع قوانين تستهدف تقليص صلاحيات المحكمة العليا "التي تتجاهل خلجات قلب الجمهور الإسرائيلي"، زاعمين ان السماح للمرشحين العرب بالمشاركة "يشجعهم على الحض على ممارسة الإرهاب ضد المدنيين الإسرائيليين". من جهته، عقب موفاز على شطب ترشيحه، لعدم تمضيته "فترة تبريد" مطلوبة لانتقاله من الجيش إلى السياسة، بالقول إنه يحترم المحكمة العليا وقراراتها. لكن عدم تأهيله لعضوية الكنيست لا تمنعه من أن يواصل اشغال منصبه الحالي أو أي منصب وزاري آخر في الحكومة الجديدة لأن القانون الإسرائيلي لا يلزم وزيراً بأن يكون نائباً في البرلمان. واعتبر استاذ القانون رئيس مجلس الصحافة الإسرائيلي البروفيسور مردخاي كريمنتسر قرارات المحكمة العليا "عملاً مهماً جداً لمصلحة الديموقراطية الإسرائيلية، لأنه قوّم قرارات خطيرة اتخذتها لجنة الانتخابات المركزية التي بثت للمواطنين العرب رسالة تقول إنهم ليسوا مواطنين متساوي الحقوق، فجاءت المحكمة وشطبت هذه الرسالة عن جدول الأعمال". وتابع أنه يرى في قرار المصادقة على ترشيح اليميني مارزل قراراً ذكياً "ولا أقول عادلاً"، مضيفاً انه لو تم بحث مسألة ترشيحه فقط لربما جاء القرار مغايراً، لكن المحكمة التي نظرت في شطب آخرين عرب رفعت سقف معايير الشطب، الأمر الذي مكّن مارزل من المرور تحته. وختم بالقول إن المستشار روبنشتاين أخطأ حين بادر لمواجهة مع "التجمع" وبشارة معتمداً على مواد لا تبرر بأي حال من الأحوال طلب الشطب ضدهما. وقال النائب محمد بركة رئيس تحالف "الجبهة الديموقراطية والعربية للتغيير" ان "الامور عادت الى نصابها والموقف المستهجن هو ليس موقف الاحزاب اليمينية بل موقف المستشار القانوني، الذي هو بمثابة مدعي عام الدولة فهو لم يكن ملزماً بتقديم توصية ضد حزب التجمع الوطني الديموقراطي بإملاء من الاستخبارات واليمين المتطرف، ويجب ان يستقيل لأنه يشكل تهديداً حقيقياً لتطبيق القانون". وقال الطيبي انه "ما من شك ان هذا القرار سيساهم في رفع نسبة المشاركة في الانتخابات. فنحن اليوم امام لحظات نستطيع فيها ابعاد اليمين الاسرائيلي ونستطيع حسم المعركة واسقاط حكومة شارون".