لندن - "الحياة" - كشفت وثائق جديدة ان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد، أحد أبرز دعاة الحرب ضد العراق، لم يفعل شيئاً للحؤول دون حيازة النظام العراقي اسلحة دمار شامل، على رغم معرفته بان الرئيس صدام حسين كان يستخدم اسلحة كيماوية "بشكل يومي تقريباً" ضد ايران. وافادت صحيفة "واشنطن بوست"، اول من امس، ان رامسفيلد التقى صدام في كانون الاول ديسمبر 1983 ووعده بأن الحكومة الاميركية ستفعل "كل ما هو ضروري وشرعي" لتجنب هزيمة العراق في حربه ضد ايران. وعلى رغم ان الدعم الاميركي لبغداد خلال الحرب العراقية - الايرانية معروف منذ وقت طويل، فان الصحيفة استندت الى وثائق رسمية رُفعت عنها السرية لكشف تفاصيل جديدة عن دور رامسفيلد ومدى اطلاع ادارة رونالد ريغان على استخدام النظام العراقي للاسلحة الكيماوية. ومن شأن هذه التفاصيل ان تحرج وزير الدفاع الذي دان مراراًَ بغداد لاستخدامها هذه الاسلحة في السابق. واوضحت الوثائق ان الولاياتالمتحدة زودت العراق كميات اقل من المعدات العسكرية التقليدية بالمقارنة مع الشركات البريطانية او الالمانية، لكنها سمحت بتصدير وسائط بيولوجية، من ضمنها جرثومة الانثراكس ومكونات اساسية لانتاج اسلحة كيماوية، بالاضافة الى قنابل عنقودية باعتها شركة "كاردوين" التشيلية التي كانت واجهة لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي آي أي". كما زوّدت بغداد معلومات استخبارية عن تحركات القوات الايرانية على رغم اطلاع واشنطن على استخدام العراق لغاز الاعصاب في الحرب. ونقلت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية امس عن ريك فرانكونا، وهو ضابط استخبارات سابق في الجيش الاميركي عمل في السفارة الاميركية في بغداد عامي 1987 و1988، قوله: "كنا نعرف ان العراقيين استخدموا غاز الخردل على امتداد الحرب، لكن ذلك لا يقارن بشناعة استخدام غاز الاعصاب. بدأوا يستخدمون غاز التابون في وقت مبكر، في 1983 او 1984، ولكن بشكل محدود جداً. كانوا على الأرجح يستكشفون كيف يمكن استخدامه. وفي 1988 أنتجوا غاز السارين". وفي 1 تشرين الثاني نوفمبر 1983، اطلع جورج شولتز وزير الخارجية الاميركي على تقارير استخباراتية عن "استخدام اسلحة كيماوية بشكل يومي تقريباً" من قبل العراق. لكن رونالد ريغان وقع، بعد ذلك ب25 يوماً، أمراً سرياً يقضي ان تفعل الادارة "كل ما هو ضروري وشرعي" للحؤول دون ان يخسر العراق الحرب. وفي كانون الاول ديسمبر من العام ذاته، التقى رامسفيلد صدام حسين في بغداد ونقل اليه استعداد الولاياتالمتحدة مساعدة نظامه وإعادة العلاقات الديبلوماسية بشكل كامل بين البلدين. وكان رامسفيلد ادعى انه "حذّر" الرئيس العراقي من استخدام اسلحة محظورة. لكن محضر اللقاء الذي تضمنته وثائق الخارجية الاميركية لا يشير الى وجود مثل هذا التحذير. وكشف تحقيق اجراه الكونغرس في 1994 ان شركات شحنت الى العراق عشرات من الوسائط البيولوجية، من ضمنها انواع مختلفة من جرثومة الانثراكس، بموجب ترخيص من وزارة التجارة الاميركية. وفي 1988، باعت شركة "داو كيميكال" الاميركية مواداً مبيدة للحشرات تبلغ قيمتها 5،1 مليون دولار على رغم شكوك بأنها ستستخدم لأغراض الحرب الكيماوية. وافادت "ذي غارديان" ان المرة الوحيدة التي بدا ان استخدام العراق لأسلحة محظورة أثار فيها قلق ادارة ريغان جاءت في 1988، بعدما قام فرانكونا بجولة في ميدان القتال في شبه جزيرة الفاو في جنوبالعراق وأرسل تقريراً عن أدلة على استخدام غاز السارين في المعركة. ونقلت عنه قوله ان الرد من واشنطن جاء سريعاً: "لنوقف تعاوننا". لكن هذا الموقف لم يدم طويلاً، "اسابيع فحسب".