ندى أبو فرحات ممثلة لبنانية شابة خاضت مجال التمثيل، وبرزت أسرع من بنات جيلها بسبب قبولها الأدوار الجريئة. لكن ندى تعتبر ان الجرأة في الفنّ ليست وقاحة، بل هي التزام برسالة التمثيل... وتؤكّد أنها أوصلت أشياء كثيرة إلى الجمهور من خلال أدوارها، خصوصاً تلك التي قدمتها من تأليف الكاتب شكري انيس فاخوري. وندى ابو فرحات تعترف أن المسرح حبّها الأوّل وحياتها... لكنّها لا تستخفّ بالتلفزيون بل تعطي كل دور ما يتطلب من جهد وتعب ومثابرة. واليوم بعدما اشتهرت كممثلة بدأت تخوض غمار الكتابة والاعداد، لتبرز فيهما مقدرتها وثقافتها العالية. فهي تحضر عملاً مسرحياً خاصاً بالأطفال، وعلى هامش هذه الورشة التقتها "الحياة"، وكان هذا الحوار: تحوّلت من التمثيل الى إعداد البرامج التلفزيونية، هل هي نقلة نوعية؟ - هي نقلة جديدة. أنا من النوع الذي يحب تجربة كل جديد في الفن، فعندما اتوقف عن التمثيل لفترة، لا أتوقف عن العمل بشكل عام، لأنني لا استطيع المكوث من دون عمل. وأيضاً لا استطيع عمل شيء خارج إطار الفن. عملت لفترة في إخراج البرامج، واليوم اقوم بالإعداد والكتابة. فأنا احب التمثيل بالمستوى ذاته الذي احب فيه الكتابة والاعداد والاخراج، لذلك لا اعتبر نقلتي نوعية، لأن حياتي التمثيلية لم تتوقف بل هي تتمة لمشواري الفني. في الفترة الاخيرة كنت نجمة مسلسلات شكري انيس فاخوري، هل اقتنع بك كممثلة ام انك أنت من اقتنع به دون سواه؟ - شكري مقتنع بي مئة في المئة... وكذلك المخرجون. ولم اعرف صراحة ان التمثيل في مسلسل من تأليفه سيوصلني الى ما انا عليه اليوم. في البداية لم اكن مقتنعة بالشخصية الكاريكاتوريّة التي أسندت إليّ. لأنني شعرت ان تفترض بعض التصنع في التمثيل... ولا يوجد فيها العفوية التي أحبها. لكنني عندما شاهدت نفسي غيّرت رأيي. كان اول دور أسند إليّ جريئاً. لكنني لعبته بكل صدقية على رغم الضغوطات والمشكلات الكثيرة التي كانت تحيط بالمسلسل. كما ان الاجواء العامة لم تكن تقبل تلك الادوار، لكنني تحديت نفسي وتحديت الاجواء ولعبت الدور من كلّ قلبي وبعفوية، بعدها اقتنعت بنفسي مئة في المئة. وأنا فخورة جداً بما قدمت لأنه اضاف اليّ الكثير كممثلة. لا ممنوعات في التمثيل لم يعتد المشاهد العربي واللبناني خصوصاً على المشاهد الجريئة، وندى ابو فرحات ظهرت في الكثير منها. فهل هذه المشاهد هي التي تبرزك كممثلة؟ - عندما دخلت مجال الفن لم أعتبر أن هناك شيئاً ممنوعاً في التمثيل. لأن الممثل هو صورة عن الحياة الاجتماعية والواقعية التي نعيشها. ولم اكن اعرف المشكلات التي سأواجهها من وراء المشاهد الجريئة! لقّبت بالممثلة الجريئة، لكن في المقابل يصدق الجمهور ما امثل. وهكذا فقد قدم لي الجمهور هدية إذ تبنّاني، واوصلت إليه الشعور الصحيح بعفوية. فأنا ممثلة اقدم ما يطلبه الدور مني في المسلسل... وأعيش حياة نظيفة وطبيعية خارجه. وللناس أن تفكّر ما تشاء. ألم تؤثر عليك تلك المشاهد خارج الاعمال التلفزيونية وفي تعاطي الناس معك؟ - لا اتدخل بشؤون الناس البعيدين عني، لأنني اعرف ان لكل انسان شخصيته وأسلوبه ونظرته للفن. لا اتأثر كثيراً وآخذ في الاعتبار كلام الناس المقربين مني، ممن اثق بهم وممن يرفعون معنوياتي. بصراحة عندما اسمع كلاماً غير جيد عن دور ما اضحك، لأنني اعرف نفسي جيداً. وعندما تطلق شائعات لا أترك نفسي تنجرّ إلى فخ الاستفزاز. فثقتي بنفسي قوية جداً، وثقتي بنظافة حياتي ايضاً قوية. واجمالاً الجمهور قسمان: قسم ضدي وآخر معي. كل ما أطلبه من الجمهور أن يعرف كيف يميز بين الممثل والانسان، وأن يفصل حياة الفنان الشخصية عن عمله. على صعيد المسرح برزت في مسرحية نضال الأشقر "تلات نسوان طوال" حيث جئت بديلة لرولا حمادة. ألم تخافي من المقارنة بينكما؟ - اخاف من المقارنة عندما تكون الممثلة بعمري، ولديها التجربة القليلة التي كنت امتلكها آنذاك ولكن عندما تكون الممثلة اكبر مني ولديها تجربة كبيرة في التمثيل، فلا افكر بالمقارنة بل افكر ان هذا الدور سيساعدني. وهكذا كان. أنا ورولا صديقتان وأعتبرها شقيقة لي، وقد اعطتني الدفع للدور وساعدتني وكنت سعيدة به. تعملين في مسرح الأطفال. ما الفارق بينه وبين المسرح عامة؟ - لا أعتبر ان هناك أي فارق. ولا اقول ان هذه المسرحية للكبار أي أن مستواها أرقى من تلك التي تتوجّه للاطفال. بل اهتم بعفوية الجمهور الذي يعطي رأيه بالعمل، خصوصاً الاولاد الذين يعبرون عن رأيهم بصدق. فإذا احبوا العمل يكون جيّداً. جمهور الكبار لا يفعل ذلك، فهو ليس دائماً صادقاً وعفوياً ولا يتفاعل مثل الصغار. اما بالنسبة الى الجهد الابداعي، فهو عندي نفسه أياً كانت المسرحية... من حيث التعب والنجاح. مرض خطير يفتك بالفنّ بعض الاقنية الفضائية أو الارضية في العالم العربي، يعهد اليوم إلى الممثلات بمهمة التقديم. هل ترين ان التقديم يخدم عمل الممثلة او يضعها في إطار مغاير لمهنتها؟ - اكيد التمثيل غير التقديم، لكنه يبقى برأيي ضمن مجال الفن. وأنا مع هذه الفكرة... لأن التقديم يحتاج الى عفوية وتركيز وثقافة وحضور وشخصية قوية. وكل هذه الصفات يحتاجها الممثل ايضاً، لأنها تصب في خانة الفن. وبما انني احب التنويع، فأنا مع التقديم... واذا عرض عليّ تقديم برنامج ثقافي يتحدث عن الفن سأقدمه بالتأكيد. أين تجدين نفسك أكثر؟ - اكثر مكان اجد نفسي فيه كممثلة هو المسرح، لأنه يحتاج الى ارتباط والتزام وتعب. ونتيجة العمل الجيد تنسيني كل التعب الذي مررت به. ففي المسرح يندمج الممثل مع الشخصية، لأنه يخضع لتمرينات على مدى اشهر. أما في التلفزيون، فالتمارين لا تحتاج لأكثر من اسبوع بين قراءة النص وحفظه. للمسرح رهبة خاصة، وهو مكان تواصل بين الممثل والجمهور، وفيه حرية ابداعية أكبر... لذلك اعتبر ان المسرح هو حياتي. ماذا عن دخول عارضات الازياء الى مهنة التمثيل، وكيف كانت تجربتك مع بعضهن؟ - إنّه مرض خطير يفتك بالفنّ. حبذا لو تخضع عارضة الازياء لحدّ أدنى من الاعداد والتدريب، كي تفهم معنى التمثيل. عندها لا يعود هناك اعتراض. اما ان تأتي العارضة التي لا تمتلك شخصية ممثلة، ولا ذرة من "الكاريزما"، ولا تعرف ما هو احترام التمثيل والشخصية التي تعمل عليها وليس لديها احترام للكتابة والنص والسيناريو إلى التمثيل فقط لأنّها جميلة وحتّى هذه المسألة تحتمل النقاش! فمن الطبيعي ان يكون هذا تعدياً على التمثيل، وتعدياً على الممثلين، وخريجي معهد الفنون الذين هم اجمل ولديهم حضور اكبر. كل انسان بوسعه أن يمثل، لكن بشرط ان يحترم هذا العمل. وأنا اعتبر ان المخرجين يأتون بالعارضات، لأن اجورهن اقل من اجورنا... ولأنهن يجذبن المشاهدين فيتمكن المخرجون من بيع المسلسلات... إن هؤلاء المخرجين يأخذون الذين يتعدون على التمثيل بسعر اقل من اجل الربح. ما هو جديد ندى أبو فرحات؟ - اقوم حالياً باعداد برنامج تلفزيوني سيعرض على احدى شاشات التلفزيون يحكي عن حياة الممثلين نستضيف في كل حلقة ممثلاً بطريقة "ارتيستيك دراماتيك"، وبأسلوب تصوير مختلف عن الطريقة التقليدية. وأكتب برنامجاً مع صديقتي زينب غزال وهي ايضاً خريجة مسرح، وانتهينا من اعداد اول حلقة. وانتهيت اخيراً من تمثيل فيلم سينمائي سيعرض قريباً عنوانه "الواقع الواقع" وهو من اخراج سلام الزعتري... وشاركني في التمثيل كارلا بطرس وطلال الجردي ووليد العلايلي وغيرهم من الممثلين اللبنانيين.