حققت المرأة السورية ابتداء من عملها في المصنع الى انخراطها في الجيش والقضاء والسلطة عالماً جديداً طورته الى ان وصلت الى البرلمان مجلس الشعب للمرة الأولى عام 1970 عبر أربع سيدات شاركن في الدور التشريعي الأول لمجلس الشعب. "الحياة" التقت عدداً من السيدات من اعضاء مجلس الشعب وحاورتهن عن دورهن. السيدة هدى الحمصي العجلاني، عضو مجلس الشعب عن محافظة دمشق، متزوجة من الصحافي شمس الدين العجلاني وأم لثلاثة اولاد، قالت ل"الحياة" رداً على سؤال عن كيفية التوفيق بين دورها الخاص والعام: "الأمومة هي غريزة كما هي الأبوة بالنسبة الى الرجل، وهي الواجب الأنبل والأهم في حياة كل منهما. لكن هذا لا يعني على الإطلاق ان لا تمارس المرأة دورها في العمل كشريك اساسي وفاعل في نواحي الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وإذا كان ابن رشد في العصر الأندلسي قد عزا فقر المدن الأندلسية الى ان المرأة كانت مستهلكة وغير منتجة فكيف نقبل ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين ان نناقش هل تعمل المرأة ام تبقى في البيت؟". هيفاء صقر، عضو مجلس الشعب عن مدينة اللاذقية، متزوجة من المهندس مالك فارس ولها ثلاثة اولاد تقول: "قبل الحديث عن عمل المرأة في السياسة لا بد من القول إن تحرر المرأة بشكل عام يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى تقدم المجتمع. وعمل المرأة في السياسة لا ينفصل عن مجتمعها ومحيطها وأسرتها ومدى ثقافتهم ووعيهم واهتماماتهم في القضايا السياسية". السيدة انعام عباس تمثل مدينة طرطوس وهي مجازة في الاقتصاد ومتزوجة من الشاعر الدكتور محمد توفيق يونس ولهما ولدان وصفت تجربتها ل"الحياة" قائلة: "الأسرة هي النواة الأولى التي تتكون فيها شخصية الفرد فيؤثر ويتأثر بالمجتمع من خلالها، وبقدر ما تكون الأسرة متوازنة ومتماسكة ومنطقية تقدم للمجتمع افراداً من النوعية نفهسا وهنا يكمن الدور الأساسي للأم والأب معاً ومن هنا انطلقت في الحياة بثقة بالنفس وبالآخرين. والسياسة امر يهم الجميع ويؤثر في حياة كل فرد لذلك لا بد من تلاقي جهود جميع فئات الشعب لمواجهة المشكلات التي تواجه المجتمع. ودور المرأة البرلمانية كدور الرجل تماماً، وما لا شك فيه اننا نحمل بعض الرواسب التي تشير الى التمييز بين المرأة والرجل في مجال العمل والحياة ايضاً. وأنا امارس دوري كأم، فتربية الطفل صناعة انسان وهي الآن من اصعب الصناعات في هذا الزمن الصعب الذي ينصهر فيه الهم الذاتي في بوتقة الهم العام. طبعاً أهتم بأطفالي وبيتي والمستقبل الذي ينتظرهم. وكبرلمانية أسعى لكي تحقق المرأة في وطننا مزيداً من الحقوق التي تتطلبها طبيعة الحياة وتطورها كضرورة التعديل في قانون الأحوال الشخصية وتعويض الطلاق التعسفي وضمان الحقوق الزوجية لكلا الزوجين عند الانفصال ورفع سن الحضانة انسجاماً مع سن العمل ومع سني التعليم الأساسي". السيدة ندرة سلوم، عضو مجلس الشعب عن محافظة الرقة، حقوقية وقاضية، متزوجة من طبيب الأطفال مصطفى الأحمد ولهما طفلة. اعتبرت ان "المرأة السورية اسهمت اسهاماً فاعلاً في صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي. البرلمانية السورية تناقش وتعترض وتدلي بآرائها وتناقش بيان الحكومة والموازنة والمراسيم، فأي مجتمع هو كيان له سلبياته وله إيجابياته وله مشكلاته، والمرأة تدرك هذه المشكلات اكثر من الرجل، لأنها تعانيها وهي واعية تماماً لما تريد. فهي العاملة وربة المنزل ومعلمة الأولاد. وهي بذلك تصنع الحضارة الإنسانية جنباً الى جنب مع الرجل. فالمرأة البرلمانية اثبتت جدارة ملحوظة سواء في العمل ام في البيت وكل ذلك من دون تقصير منها في اي مجال، وقد تركت بصمات واضحة تدعونا الى القول ان الدنيا بخير، وأن المرأة تمارس دورها في عملية التنمية وبناء الوطن، وخصوصاً إذا كان زوجها متفهماً طبيعة عملها، من النواحي كافة، والأهم ان عملها لا يطغى على أمومتها وعلى أنوثتها وكذلك شعورها بأنها تحررت من الإحساس بالهوة بينها وبين الرجل".