قبل اكثر من سنتين ظهر التنافس بين مسلسل "صلاح الدين الأيوبي" للمخرج حاتم علي، ومسلسل "البحث عن صلاح الدين" للمخرج نجدة أنزور، وانتقل هذا التنافس الى ابطال العملين جمال سليمان ورشيد عساف اللذين جسد كل منهما شخصية الناصر صلاح الدين. وكان لكل منهما تميزه الخاص في تلوين الشخصية. ولكن الأمر لم يتوقف هنا. فالمنافسة التي كانت تتم بكل هدوء وشفافية امام المتفرج ووراء شاشات التلفزيونات العربية، كانت تخفي وراء كواليسها أحاديث أخرى، واتهامات بين الطرفين تدعو للحزن أكثر مما تدعو الى أي شيء آخر. وبعد أن حاز حاتم علي على جائزة أفضل مخرج عربي لمسلسل تاريخي في مهرجان القاهرة حدث في ما وراء الكلام وضمن كواليس ذلك المهرجان ما لا تحمد عقباه، وطبعاً لا أظن أن هناك من داع للتذكير بأن كلاً من المسلسلين كتبه المؤلف نفسه الذي يتعاون مع كل من المخرجين في لعبة التنافس الجديدة: وليد سيف ومحمود عبدالكريم. وحالياً تستمر المنافسة في الوقت الذي انهى فيه نجدة انزور مسلسله "آخر الفرسان" الذي من المتوقع أن يتم عرضه على العشرات من المحطات الفضائية العربية والأجنبية. الشخصية التاريخية التي سيتم تناولها من الطرفين في اللعبة الجديدة هي "صقر قريش" عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك المعروف بعبدالرحمن الداخل، الذي كان هرب من العباسيين بعد أن ثاروا على الأمويين، واتجه الى نهر الفرات ليعيش في قرية بجانبه، وعندما عبر النهر الى الضفة الأخرى، قتل شقيقه أمامه فاستطاع الهرب الى المغرب بشكل سري. وبعد ذلك وصل الى اسبانيا عام 139 هجرية ليقيم دولة عربية قوية استمرت ثمانية قرون وليترك وراء رحلته تلك من القصور والمدن التاريخية والعلم والمعرفة ما يدل على عظمة تلك الدولة التي جعل من قرطبة عاصمة لها، ولا تزال حتى الآن بقصورها وآثارها شاهداً على الأندلس التي صنعها حلم أمير هارب. ومن المعروف ان الشركة المنتجة ل"صقر قريش" حاتم علي هي الشركة المنتجة نفسها لمسلسله السابق وهي السورية للانتاج الفني. اما انتاج انزور فسيقوم بتمويله عدد من الشركات العربية مع شركة اسبانية ويكون بذلك اول دراما تلفزيونية عربية - اسبانية مشتركة. ومن المصادفة ان تكون هناك اماكن التصوير نفسها للطرفين اذ سيعملان معاً في المغرب حيث ستصور الأحداث في "الأماكن الحقيقية" التي جرت فيها، ولكن انزور يتجه بفريق عمله اضافة الى المغرب الى كل من اسبانيا ومنطقة نهر الفرات في سورية. وسيشارك في اداء شخصياته مجموعة كبيرة من الممثلين السوريين والعرب منهم: جهاد سعد ورغدا، ومن لبنان فادي ابراهيم وانطوان كرباج. ومع حاتم علي يشارك خالد تاجا ورفيق سبيعي وزهير عبدالكريم وباسم ياخور وسلاف فواخرجي... والسؤال يبقى هل سيخرج هذا التنافس بأعمال اكثر جدية وجمالية فنية، ام سيدعو الى مزيد من التوتر والتنافس بين الطرفين؟