الرباط - "الحياة" كان النظام المغربي يفاخر حتى وقت قريب بتمكنه من ابعاد عدوى التطرف الديني، والافساح في المجال امام مشاركة حزب "العدالة والتنمية" الاسلامي في انتخابات عام 1997 والتي حصل إثرها على نحو 14 مقعداً من اصل 325. وكان "العدالة والتنمية" الحزب الاسلامي الوحيد الذي شارك في الانتخابات. الا ان الترخيص له تم على خلفية اندماج اسلاميين في حزب "الحركة الشعبية الدستورية" الذي يتزعمه الدكتور عبدالكريم الخطيب. والارجح ان ميول الرجل نحو الاعتدال وقيامه بوساطات عدة، خصوصاً بين المغرب وايران في فترات الاحتقان، وكذلك بين الرباط وجوهانسبورغ، اضافة الى انفتاحه على التيارات الاسلامية واستقطابه اسلاميين كانوا ينتسبون الى تنظيم "الشباب الاسلامي" مهدت لذلك التحول. لكن الارهاصات الاولى في التعاطي مع المسألة الاسلامية بدأت في التبلور على خلفية الاوضاع في الجزائر. اذ اختار المغرب ان يكون على طرفي نقيض مع التجربة الجزائرية، خصوصاً عبر تعزيز دور الاحزاب السياسية ذات الاتجاهات العلمانية، ما أدى الى تكريس انتقال المعارضة بزعامة الاتحاد الاشتراكي الى الحكومة. وكان حزب "العدالة والتنمية" مسانداً لها في العامين الاولين من عمرها، لكن خلافات ازاء اعتماد المرجعية الاسلامية دفعته الى الانتقال الى صفوف المعارضة والدخول في مواجهات مباشرة مع الاشتراكيين. الا ان تيارات اسلامية متشددة تعيب على المنتسبين الى "العدالة والتنمية" الاندماج في اللعبة السياسية "على رغم عدم توافر امكانات إحداث تغيير شامل". وتأتي جماعة "العدل والاحسان" المحظورة التي يتزعمها الشيخ عبدالسلام ياسين في مقدم الداعين الى مقاطعة الانتخابات، على رغم انها ليست حزباً سياسياً. اذ ان السلطات المغربية رفضت الترخيص لها، بدعوى ان الدستور المغربي ينص على التزام العقيدة الاسلامية ديناً للدولة، وأن لا مجال للسماح لأي حزب ديني بالعمل السياسي. وكان لافتاً ان وضع الاسلاميين في المغرب تأثر بتداعيات أحداث 11 ايلول سبتمبر الماضي، فدانت قيادات اسلامية الحادث وجددت التزامها نبذ العنف والتطرف. ونأت جماعة "العدل والاحسان" بنفسها بعيداً من الدخول في مواجهة مع السلطات ضمن ما يعرف ب"حرب الشواطئ"، اي اقامة مخيمات لمنتسبيها في الشواطئ المغربية صيفاً، الا ان ذلك لم يحل دون تشديد السلطات الرقابة على الجماعات الاسلامية المتطرفة، بخاصة "السلفية الجهادية" و"التكفير والهجرة"، في اشارة الى استخدام المساجد لأهداف دينية. وسبقت انتخابات اليوم حملات في مناطق نفوذ الاسلاميين، شملت اعتقالات. وأدت هذه الحملة الى الحد من طموحات "العدالة والتنمية" والاكتفاء بمرشحين في 56 دائرة من أصل 91، ما يعني ان الانتخابات قد تسفر عن فوزه ب30 مقعداً حداً أقصى من أصل 325.