تشهد الجزائر العاصمة تظاهرة ثقافية ضخمة تتمثل في "المعرض السابع للكتاب" وتشارك فيه أكثر من 400 دار نشر وطنية وأجنبية. وتعتبر المشاركة الأجنبية قياسية مقارنة مع السنوات الماضية، وبخاصة مشاركة فرنسا التي تأتي على رأس قائمة الدول الأكثر حضوراً في الصالون، إذ قدر عدد دور النشر المشاركة ب119 داراً، وهذا يعني ان فرنسا وحدها شغلت ربع المساحة الإجمالية المقدرة بزهاء 4000 م2، يليها لبنان ومصر. والسبب في هذه المشاركة القوية يبرره المشاركون بأن الجزائر تعتبر سوقاً حيوياً لانتاجها من الكتب، على رغم تراجع سوق الكتاب في الجزائر بعد رفع الدعم عن الكتب وانهيار قدرة المواطن الشرائية. أمَّا المشاركة الجزائرية فقُدرت بنحو 100 دار، ويبدو ان معركة التنافس بينها وبين دور النشر الأجنبية صعبة لرداءة نوعية الطباعة وكلفة الاصدار. والجديد في صالون هذه السنة هو في التنظيم، إذ بادر المنظمون الى فتح ثلاثة مقاهٍ ثقافية للكتّاب والمثقفين والجمهور على مدى عشرة أيام. واللافت في المعرض سيطرة الكتاب الديني على بقية الأنواع، وهو ما يقبل عليه القارئ الجزائري اكثر من غيره. ولوحظ ارتفاع الأسعار على رغم الإعفاء الجمركي الذي اعترف بوجوده جل الناشرين. وهناك عناوين دون غيرها استقطبت اهتمام الجمهور مثل: كتاب "الإسلاموية السياسية، المأساة الجزائرية" لزهرة بن عروس وأمقران آيت إيدير وفلة ميجك، وقد صدر عن دار الفارابي لبنان، وكتاب "تبحرين، اختطاف الرهبان" لمحمد بلحي، وكتاب "جبهة التحرير الجزائرية" لكمال بوشامة، دار الفارابي. عرفت أعمال الروائية الجزائرية المقيمة في فرنسا مليكة مقدم إقبالاً مهماً، والكتب التي عالجت قضايا الجزائر سواء خلال الثورة أو تناولت الوضع الراهن للجزائر بالتحليل، وكل هذه الكتب تقريباً صادرة باللغة الفرنسية. والمعروف ان القراء في الجزائر منقسمون الى فئتين، فئة تتقن الفرنسية وتقرأ بها، وفئة تتقن العربية وأكثرها يتوجه الى الكتاب الديني فيما بعضها نخبوي يهتم بقضايا أخرى. الكاتب الجزائري "ياسمينة خضراء" عرفت كتبه إقبالاً كبيراً، وأعمال ألبير كامو، ومحمد أركون، وعلي حرب، ومحمد الجابري، وأحمد يوسف وبخاصة كتابه "مستقبل الإسلام السياسي"، وراج أيضاً كتاب "مفهوم الدولة والحرية والايديولوجية" لعبدالله العروي وكتاب "الأصولية والشعائر التقدمية" لعلي حرب. والملاحظ أن الكتاب العلمي غير متوافر بقوة، والموجود منه أسعاره خيالية لا يقدر عليها المواطن الجزائري. وقد شهد جناح "الخبر" منذ يومه الأول إقبالاً كبيراً من الجمهور الذي أراد الحصول على نسخة موقعة من كتاب "الكاريكاتوريست" أيوب، إذ خصص ثلاث ساعات للتوقيع لم تكن كافية لمئات القراء الذين ظلوا ينتظرون دورهم. وللتوضيح فقط فإن "أيوب" تناول برسومه الكاريكاتورية واقع الجزائر في شكل ساخر، وركز على مسار الرئيس بوتفليقة وأزمة القبائل والانتخابات ومحاور سياسية أخرى. وكما ذكرنا فإن الأجنحة التي استقطبت الجمهور بكثرة هي أجنحة الكتاب الديني، وقام ممثلو وزارة الشؤون الدينية بمصادرة مجموعة من الكتب من هذه الأجنحة. وبدأت المصادرة بدار التوزيع والنشر الإسلامية المصرية إذ تم حجز زهاء 15 عنواناً تشمل سلسلة "حسن البنا" وكتب أخرى خاصة بالحركات الإسلامية في الوطن العربي. وحجزت كتب خاصة بالنهج السلفي وأشرطة مضغوطة لتسجيلات دينية، ومنع عرض المصاحف الى حين مراقبتها منذ اليوم الأول للعرض. وأوضح ممثلو الوزارة، أن الكتب المصادرة تعمد ناشروها عدم ارسال عناوينها في قائمات قبل بداية المعرض، ومن بين هذه العناوين "عداء اليهود للحركة الإسلامية" و"الجنس في القرآن الكريم"، و"رسالة الى بن لادن" و"فتاوى إسلامية"... وأكد ناشرو هذه الكتب أنها لم تصادر في معرض السنّة الماضية وهذا ما أثار دهشتهم، فيما أكد البعض انهم أرسلوا قائمات الكتب المشاركة في المعرض قبل شهرين ولم يتلقوا أي معارضة. أسامة بن لادن موضوع لكتب غير مرغوب فيها وقد حجز كتابان عنه، وصنفا ضمن الكتب التحريضية والداعية الى التطرف. وللتذكير فقط فإن عدد دور النشر المتخصصة بالكتاب الديني والمشاركة في المعرض تقدر بثلاثين داراً وقد سجلت أعلى المبيعات هذه السنة. ومن بين الكتب المصادرة العناوين الآتية: الإرهاب والتطرف الدار الجامعية - مصر، رسالة الى بن لادن شركة المطبوعات اللبنانية، و"الجنس في القرآن الكريم" شركة الريس، رسالة نحو النور لحسن البنا دار النشر الإسلامية، مذكرت الدعوة والداعية لحسن البنا الدار نفسها، المنهج الحركي للسيرة النبوية لمنير الغضبان دار الوفاء، المنهج التربوي للسيرة النبوية لحسان حسان الدار نفسها، حركة المقاومة الإسلامية حماس الدار نفسها، الدعوة السلفية في مفهومها الصحيح، فتاوى مهمة، شرعية السلطة في الإسلام، رسل ثلاثة لإله واحد دار عويدات، أسامة بن لادن المهدي المنتظر، رحلتي مع الجماعة الصامدة، الإخوان تحت راية القرآن، كتاب الدعوة - من رسائل الإخوان المسلمين... والقائمة طويلة. ولا بد ان نشير الى ان الكتب صودرت انطلاقاً من عناوينها في عملية سريعة وارتجالية، إذ لم يقرأها المراقبون.