حذر اقتصادي بارز من ان توجيه ضربة للعراق ونشوب صراع مسلح في المنطقة لن يعودا بنفع على الاقتصاد مثلما كانت الحال في الحرب العالمية الثانية التي شهدت تعبئة عامة وانتشلت البلاد من "الكساد العظيم". وحذرت مؤسسة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني من ان الحرب على العراق ستدفع دولاً عدة للتخلف عن سداد ديونها. هونغ كونغ، لندن، واشنطن - "الحياة"، رويتزر - قال الاقتصادي جو ستيغليتز الحائز على جائزة نوبل أمس ان الحرب لم تعد امراً يعود بالنفع على اقتصاد اي دولة وان اي ضربة توجهها الولاياتالمتحدة للعراق لن تفعل شيئاً سوى تفاقم الشكوك التي تحيط باقتصادها، أكبر اقتصاد في العالم. وأضاف ستيغليتز أمام مؤتمر فوربز العالمي لرؤساء الشركات في هونغ كونغ: "من الاعتقادات الشائعة ان الحرب تعود بالنفع على الاقتصاد. لكن هذه الحرب ستضر على الارجح بالاقتصاد وربما تكون وبالاً عليه". وزاد ستيغليتز الاستاذ في جامعة كولومبيا، ان نشوب صراع مسلح مع العراق لن يؤدي الى ضخ أموال كبيرة من الحكومة الاميركية في الاقتصاد مثلما كانت الحال في الحرب العالمية الثانية التي شهدت تعبئة عامة وانتشلت البلاد من "الكساد العظيم". وتابع: "اننا نحاول الآن ان نشن حروباً رخيصة فننفق 40 بليوناً أو 60 بليون دولار وليس مبالغ كبيرة من المال، لذلك فإن الأثر المباشر سيكون محدوداً جداً. من ناحية أخرى فإن هناك بعض الآثار السلبية للغاية... القلق الذي يشعر به مجتمع الاعمال اليوم والزيادات المحتملة في سعر النفط وبصفة اعم زيادة في علاوات المخاطر". وقال ستيغليتز، الذي عمل من قبل كبيراً للاقتصاديين في البنك الدولي، ان ثقة المستثمرين ضعيفة بالفعل وانه لا أحد سيفكر على الارجح في استثمار أمواله ما دام الخوف قائماً من الحرب مع العراق. وأضاف ان التباطؤ الاقتصادي الحالي في الولاياتالمتحدة "أكثر تعقيداً" من فترات الركود السابقة لأنها تتمثل في مزيج من تراجع الاستثمار ونهاية دورة للبضائع المتراكمة في المخازن. وتابع: "لدينا طاقة انتاجية فائضة في كثير من المجالات. وسيستغرق تشغيل هذه الطاقة بعض الوقت... وفي الوقت نفسه سيكون من الصعب جداً اعادة تنشيط الاقتصاد... فأسعار الفائدة المنخفضة لن تشجع الشركات التي لديها طاقة فائضة على زيادة طاقاتها الانتاجية، وهذا من الاسباب التي جعلت مجلس الاحتياط الفيديرالي البنك المركزي الاميركي عديم الفعالية". وقرر المجلس أول من أمس ترك أسعار الفائدة على أدنى مستوياتها منذ 40 عاماً وحذر من ان الاقتصاد يواجه خطر الانزلاق الى مزيد من الضعف وسط التوترات السياسية المتزايدة في مناطق كثيرة من العالم. وقال ستيغليتز ان الاقتصاد الاميركي والعالمي: "يبدو أضعف كثيراً مما كنا نعتقد قبل بضعة شهور". وكان ستيغليتز فاز في العام الماضي بجائزة نوبل عن تحليلاته لأوجه القصور في الاسواق. سداد الديون حذرت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني من ان حالات تخلف دول عن سداد ديونها ستزيد على الارجح في سنة 2003 مقارنة بالسنة الجارية، وان نشوب حرب في العراق قد يدفع بعض اقتصادات السوق الناشئة الى التخلف بدورها عن السداد. وقال ديفيد بيرز العضو المنتدب المسؤول عن قسم تصنيف التمويل الدولي في "ستاندرد آند بورز": "نتوقع ارتفاع عدد وحجم حالات تخلف الدول عن سداد ديونها في سنة 2003". وذكرت "ستاندرد آند بورز" انه منذ بداية سنة 2002 تخلفت ست حكومات جديدة عن سداد الدين مقارنة بدولة واحدة فقط هي الارجنتين في عام 2001. واجمالا تقدر "ستاندرد آند بورز" ان عدد حالات تخلف الدول عن السداد في ما يتعلق بالسندات والقروض المصرفية بلغ 28 حالة حتى الربع الثالث من سنة 2002 ارتفاعاً من 27 حالة في نهاية العام الماضي. وقال بيرز في تقرير: "اذا نشبت حرب مع العراق فقد تخل بالخطى البطيئة لنمو الانتاج العالمي وتؤدي الى مزيد من التقلص في تدفقات رؤوس الاموال الخاصة بين الدول على رغم انها محدودة بالفعل". واضاف: "قد يخل هذا بتوازن اساسيات الائتمان بالنسبة لعدد من اقتصاديات السوق الناشئة ذات التصنيف المنخفض وغير المصنفة على الاطلاق". وذكر بيرز ان دولا مثل الاكوادور ونيجيريا التي تواجه بالفعل ضغوطاً اجتماعية واقتصادية ستتأثر سلباً بهذا الامر، ما يجعلها اكثر عرضة للتخلف عن سداد الديون. وانعكست المخاوف من نشوب حرب على سعر الدولار أمس الذي تراجع مقابل الين في طوكيو على رغم التوقعات القاتمة للين في الوقت الذي اثار فيه هبوط الاسهم الاميركية أول من أمس قلق المتعاملين. الدولار وهبط الدولار الى 122.38 ين من 123.3 ين أول من أمس، وارتفع اليورو الى 0.9858 دولار من 0.981 دولار أول من أمس، في حين ارتفع الاسترليني الى 1.5587 دولار من 1.558 دولار. لكن على رغم هذه التحذيرات اعرب الرئيس الاميركي جورج بوش أول من أمس عن تفاؤله بشأن قوة الاقتصاد الاميركي، الا انه اقر بان "امامنا عمل كثير يتعين انجازه". ومع تراجع ثقة المستهلكين الاميركيين للشهر الرابع على التوالي في أيلول سبتمبر الجاري، قال بوش ان الاقتصاد يتمتع بمقومات النمو في ضوء انخفاض مستويات اسعار الفائدة ومعدلات التضخم.