سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تساءلت ان كان ارتفاع عدد القتلى من الفلسطينيين خطأ فعلا ام سياسة جديدة لقيادة الجيش ؟. وساط اسرائيلية تطالب بالتحقيق في مقتل "أبرياء" وتشكك في نيات الحكومة دفع مفاوضات وقف النار
في الوقت الذي رفعت وسائل إعلام عبرية وبعض الأوساط العقلانية صوتها تتساءل عن تصعيد جيش الاحتلال الإسرائيلي قمعه الفلسطينيين وقتل العشرات من الأبرياء الفلسطينيين من دون ذنب اقترفوه، اكتفى وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر بإصدار تعليماته لاجراء تحقيق في شأن مجزرة طوباس أول من أمس التي راح ضحيتها أربعة من الأطفال والفتيان. أما رئيس الحكومة ارييل شارون فتجاهل خلال لقائه طلاباً لمناسبة افتتاح السنة الدراسية الجديدة ممارسات جيشه وتحدث عن دولة إسرائيل "التواقة دوماً إلى السلام والتي تثقف ابناءها منذ نعومة أظافرهم على السعي لتحقيق السلام"، مضيفاً "ان احلال السلام يستوجب الحفاظ على السلام والدفاع عنه من خلال احباط العمليات الإرهابية". أما مستشاره الإعلامي رعنان غيسين فزعم ان المحاولات الفلسطينية لقتل إسرائيليين في كل مكان لا تتوقف، وان السبب الوحيد لوقف اراقة مزيد من الدماء الإسرائيلية يعود إلى "الضربات الوقائية التي نقوم بها ليل نهار". وأماط أبرز صقور وزراء "ليكود"، وزير الأمن الداخلي عوزي لنداو اللثام عن الوجه الحقيقي لحكومته حين اعتبر أن الانتقادات الموجهة الى الجيش على ممارساته "تثبط عزيمة الجنود في حربهم ضد الإرهاب"، مضيفاً أن "القضاء على الإرهاب" وحده من شأنه أن يخلق فرصاً للتفاوض مع أشخاص "غير ضالعين في الإرهاب الفلسطيني". واصدرت قيادة الجيش بياناً زعمت فيه ان طائرات حربية قصفت سيارة يقلها "مطلوبون" فلسطينيون كانوا يعدون لعمليات انتحارية داخل إسرائيل، وانه "على ما يبدو اصيب جراء ذلك ابرياء والجيش يأسف لأي مس بالأبرياء". وقال الوزير العمالي ماتان فلنائي إنه يتوجب على الجيش اجراء تحقيق داخلي "لأنه لا يعقل ان يقتل مثل هذا العدد من الأبرياء الفلسطينيين كما أنه لا يجوز التسليم بوضع تتكرر فيه الأخطاء". أما الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف، وبعدما عبر عن مشاركته الفلسطينيين ألمهم بمقتل الابرياء، طالب المنتقدين بالتريث وعدم التسرع في استخلاص العبر، داعيا الى اتاحة الفرصة امام القيادة العسكرية لاستكمال تحقيقاتها، كما طالب القيادة العسكرية بأن يكون التحقيق جديا وان يتناول الادعاء بأن "الضغط على الزناد" أضحى سهلا. وشكك رئيس لجنة الخارجية والامن البرلمانية حايم رامون في نيات الحكومة دفع عجلة المفاوضات لوقف النار وطالب بالتحقيق في ما اذا احدثت قيادة الجيش تغييرات في معايير اطلاق النار، مضيفا ان المس بالابرياء يدفع بأبرياء آخرين الى الانضمام الى "دائرة الارهاب" فضلا عن المسألة الاخلاقية في سلوك الجيش والاساءة اللاحقة بمكانة اسرائيل دوليا. وانتقد توقيت العملية، متسائلا هل مرد ارتفاع عدد القتلى من الابرياء خطأ فعلا أم سياسة جديدة لقيادة الجيش. ونقلت الاذاعة العبرية عن مسؤول عسكري رفيع لم تكشف هويته دعوته المستوى السياسي الى التفكير جيداً في مواصلة سياسة الاغتيالات وفي توقيتها، مضيفاً انه من غير المعقول ان يعود الى هذه السياسة كلما بدا ان تقدما طرأ على المفاوضات لوقف النار. وقال المراسل العسكري لاذاعة الجيش ان العمليات الاخيرة التي اوقعت اعداداً كبيرة من القتلى الابرياء تتعارض والمبدأ العام الذي عمل الجيش بموجبه دائما والقائل انه "في حال وجود شك في امكان اصابة ابرياء فلا شك في انه يمنع اطلاق النار". وكتبت صحيفة "هآرتس" ان بين الشهداء الفلسطينيين ال 49 الذين سقطوا برصاص الاحتلال الشهر الماضي 30 مدنيا غير مسلحين، منهم سبعة اطفال دون الخامسة عشرة وسيدتان احداهما بلغت 86 عاما والثانية 50. وتابعت ان غالبية المدنيين قتلت أثناء مكوثها في منازلها أو عملها في الحقول. وكتب أبرز المعلقين الاسرائيليين ناحوم برنياع مقالا في الصفحة الأولى من كبرى الصحف العبرية، "يديعوت احرونوت"، سخر في بدايته من اداب الجيش الاسرائيلي الذي اعتذر لمقتل الاطفال في طوباس، لافتا الى ان هذا الاعتداء يضاف إلى قائمة تطول من الأخطاء القاتلة. وزاد انه قد يتفهم وقوع أخطاء في الحرب التي يديرها الجيش ضد الفلسطينيين "لكن ثمة أمراً مقلقاً هنا ... أمرا يتعدى حدود كلمة خطأ". ورأى الكاتب ان اغتيال مؤسس "كتائب عزالدين القسام" صلاح شحادة شكل منعطفاً في سياسة الجيش التي حرصت على عدم المس بالمدنيين، مستذكراً تصريحات رئىس أركان الجيش الجنرال موشيه يعالون عن ضرورة اغتيال شحادة حتى وإن كانت زوجته برفقته، وتصريحات قائد سلاح الجو الجنرال دان حالوتس انه "ينام الليل الطويل"، بعد مجزرة غزة. وتساءل الكاتب: "من أين لقائد الجيش صلاحية تنصيب نفسه إلهاً". وتابع ان القيادة الحالية للجيش لا تكن الاحترام للمسؤول الأول عنها وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر وتسعى الى تسخين الأجواء مع الفلسطينيين الذين سيردون بموجة عمليات انتحارية. وأضاف: "موجة من الغطرسة والصلف والثرثرة تجتاح قيادة الجيش وتذكّر بحال مماثلة عشية القصور في حرب الغفران. ثمة شعور لديها بأن: يا روح ما بعدك روح. إنها تقطع غصن الشجرة الذي تجلس عليه وتثير غضب إسرائيليين كثر وتكسر الاجماع القومي الذي حافظ على جبروت إسرائيل في سنتي الانتفاضة".