لندن - "الحياة" - أبرزت ندوة أكاديمية في لندن أمس مدى المخاوف الأوروبية من عزم أميركا على شن هجوم على العراق من دون تحالف واسع، وإمكان اتخاذ واشنطن سياسات انعزالية تتسم بطابع ايديولوجي محافظ جديد بعد أحداث أيلول سبتمبر. وعبر متحدثون في الندوة، التي نظمها "المعهد الملكي للشؤون الدولية" تشاتام هاوس في مناسبة مرور عام على أحداث 11 أيلول عن القلق ازاء "الأجندة الأميركية" بعد هذه المأساة، وأكدوا أن الحل الوحيد بالنسبة الى اوروبا هو الانخراط في نقاش واسع مع الولاياتالمتحدة لمحاولة دفعها الى عدم تنفيذ أعمال انفرادية، سواء في العراق أو غيره، وأن تتولى الأممالمتحدة مهمة رئيسية في حل أزمة أسلحة الدمار الشامل العراقية. وركزت الندوة، التي شارك فيها رئيسة برنامج الشرق الأوسط في المعهد روز ماري هوليس وعضو المعهد المسؤول في صحيفة "فايننشال تايمز" كونتين بيل والباحث الرئيسي في المعهد في القضايا الأمنية كريس رايت، على تداعيات أحداث أيلول وسعي أميركا الى الانتقام، وخصص جانب كبير من المناقشات والضربة العسكرية الأميركية المتوقعة للعراق والإرهاب والنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. وقال متحدثون أن أميركا تضمر تقليدياً شكوكاً عميقة بدور الأممالمتحدة في حل النزاعات الدولية بما فيها العراق ومسألة أسلحة الدمار الشامل لديه وقبله أفغانستان. وأكد رايت ان واشنطن قبلت على مضض قيام تحالف ضد الحرب في أفغانستان، اذ تبدي إدارة بوش شكوكاً عميقة في العمل المتعدد الأطراف، خصوصاً ان لديها القوة والقدرة العسكرية التي تمكنها من العمل المنفرد من دون شركاء. وذكرت هوليس أن أميركا كانت تسعى إلى التدخل في العراق من دون اللجوء إلى مجلس الأمن، مشيرة الى "تدخل" رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي شدد في اتصالاته الأخيرة مع بوش على ضرورة أن تعطي المنظمة الدولية الشرعية المطلوبة للضربة الأميركية المحتملة وعدم القيام بعمل منفرد. وتركزت المناقشات خلال الندوة أيضاً على المخاوف الواضحة من عدم لعب واشنطن دوراً فاعلاً لحل المشكلة الفلسطينية، وهو أمر يثير المشاعر العربية ضد أميركا والغرب. ولفتت الباحثة في برنامج الشرق الأوسط في المعهد مي يماني الى ان القضية الفلسطينية لا تزال محور اهتمامات العرب ومن دون حلها سيظل الشارع العربي ينظر بشك وريبة الى أميركا والغرب. وقالت إن الانتفاضة الفلسطينية شكلت تحدياً لإسرائيل وأميركا وأكدت ان أسامة بن لادن تحول إلى نجم بارز لدى الكثيرين من العرب. وشددت هوليس على ان دور الحلفاء الغربيين بالنسبة إلى المشكلة العراقية هو محاولة "التخفيف من الأجندة الأميركية، لأن أميركا قادرة في النهاية على فرض أجندتها وحدها". وعن رد فعل ايران على الضربة العسكرية الأميركية المحتملة، أعربت عن اعتقادها بأن طهران ستقف "موقف المتفرج"، ولكنها أشارت إلى أن هناك جدلاً قائماً في الأوساط الإيرانية حول ما يمكن عمله ازاء التحرك العسكري الأميركي ضد بغداد، مع وجود عناصر ترى أن من الضروري أن تعمل إيران على تحقيق فائدة من هذا الأمر.