الخرطوم، طرابلس، نيروبي، أسمرا - "الحياة"، أ ف ب - رفضت الحكومة السودانية عرضاً من "الحركة الشعبية لتحرير السودان" التي يتزعمها العقيد جون قرنق لمناقشة وقف اطلاق النار، وجعله أول بنود التفاوض لدى استئناف مفاوضات السلام التي علقتها الحكومة في أعقاب دخول قوات قرنق مدينة توريت الاستراتيجية. وكان نائب رئيس حركة قرنق الدكتور رياك مشار أعلن استعداد حركته لمناقشة وقف اطلاق النار وجعله أول بنود التفاوض، لكن وزير الخارجية الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل رد بأن الحكومة تشترط اعلان الحركة التزامها وقف النار ووقف الأعمال العدائية كافة قبل استئناف التفاوض، وليس الجلوس لمناقشة ذلك الأمر. وأضاف وزير الخارجية السوداني ان "الحركة لا ضمان لها في الوصول الى نهايات في مفاوضات من هذا النوع"، في اشارة الى مناقشة ترتيبات وقف اطلاق النار. الى ذلك، أبدت سويسرا رغبتها في تطوير وقف اطلاق النار في جبال النوبة الى اتفاق سلام نهائي بعد النجاح الذي حققته التجربة. وكانت سويسرا استضافت محادثات بين الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية" في اذار مارس الماضي انتهت بتوقيع اتفاق لوقف النار في جبال النوبة. وقال السفير السويسري جوزيف بوخر المشرف العام على اتفاق جبال النوبة، بعد زيارة للمنطقة التقى خلالها مسؤولين محليين من الحكومة والحركة، ان بلاده تسعى الى تطوير الاتفاق الى سلام شامل بعدما توافرت عوامل النجاح. ومن المقرر ان يلتقي السفير السويسري مسؤولي الحكومة في الخرطوم قبل أن يتوجه الى نيروبي لعقد لقاءات مماثلة مع قيادة "الحركة الشعبية". وفي طرابلس أ ف ب أكد قطبي المهدي المستشار السياسي للرئيس السوداني عمر البشير ان "مطالبة حركة قرنق باعادة فتح بعض الملفات التي اتفق عليها خلال الجولة الاولى من اتفاق مشاكوس لن تقبله حكومة الخرطوم"، موضحا ان عدم التزام قرنق بذلك الاتفاق "ادخل المحادثات في حلقة مفرغة مرة اخرى". واشار المسؤول السوداني، في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة الليبية، الى ان احتلال "الحركة الشعبية" مدينة توريت "يكشف مجدداً عدم رغبتها في التوجه نحو السلام واختيار الحل السلمي وسيلة لحل المشكل السوداني". وأضاف: "كنا نعتقد بأن الاتفاق مع قرنق كان ميسورا بعد توقيع اتفاق مشاكوس، خصوصاً بعد الاتفاق المسبق على كل القضايا الرئيسية التي كانت عقبة كبرى في طريق المفاوضات. لكننا فوجئنا بأن قرنق تقدم بأطروحات تتناقض كليا مع ما تم الاتفاق عليه وخصوصاً في ما يتعلق بالشريعة الاسلامية وتطبيقاتها". وتحدث المسؤول السوداني عن مطالب جديدة لحركة قرنق من بينها "اضافة مناطق في شمال السودان الى مناطق الجنوب التي لا تخضع للشريعة الاسلامية، والمطالبة بتغيير هيكل الحكم من نظام رئاسي الى برلماني تكون فيه الرئاسة بالتناوب بين رئيس مسلم من الشمال وآخر من الجنوب يكون مسيحيا". واعلن ان حكومة بلاده بدأت تعتبر "بروتوكول مشاكوس" "لا يعني شيئا بعدما تبين لها ان هناك شكوكا في صدقية منطق حركة قرنق، وهو ما دفع الحكومة الى ابلاغ الوسطاء أنها لن تتمكن من مواصلة المفاوضات مع قرنق". وعن الموقف الاميركي من قضية السودان، قال ان الادارة الاميركية ترى "مصلحتها في استقرار السودان"، الا انه اشار الى ان هناك "مجموعات في الولاياتالمتحدة تمارس ضغطا على السودان من خلال دعمها حركة قرنق". وفي نيروبي، اعلن ناطق باسم "الجيش الشعبي لتحرير السودان" مقتل طفلين واصابة ثمانية في غارات جوية شنها الطيران السوداني على منطقة يسيطر عليها المتمردون في جنوب شرقي البلاد. واوضح الناطق سامسون كواجي ان طائرات من طراز "انطونوف" ألقت عشر قنابل قرب مدرسة في مدينة تابوس القريبة من الحدود الاثيوبية ظهر الاثنين. واتهم الحكومة السودانية بأنها "غير مهتمة بالسلام وتريد حرباً شاملة". واوضح ان الطفلين يبلغان سبعة اعوام واربعة اعوام. وقال الناطق ان الوضع هادىء في توريت على رغم القصف المتقطع، داعيا الوكالات الانسانية الى استئناف عملها في المنطقة. وعلى صعيد المعارضة الشمالية، أعلن نائب رئيس "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض الفريق المتقاعد عبدالرحمن سعيد ان "التجمع مستعد للتفاوض مع الحكومة عبر الوساطة الاريترية". جاء ذلك في بيان يرد على تصريحات لمستشار الرئيس قطبي المهدي اتهم فيها "التجمع" ب"ضبابية الموقف". وأوضح سعيد ان "التجمع يعمل وفقاً لرؤية واضحة ومحددة على أساس مقررات اسمرا للقضايا التفاوضية التي تمخض عنها الموقف التفاوضي للتجمع الذي أعلن في كانون الأول ديسمبر 1999". وأعرب سعيد عن أسفه "لصدور هذا الحديث عن رجل قدمته الحكومة رئيساً لوفدها المفاوض في المسعى الاريتري". وأشار الى "تيارات داخل النظام تعمل على إفشال المساعي المبذولة". وشارك قادة المعارضة في أسمرا أمس في ندوة تناقش علاقة الدين والدولة ويشرف عليها خبراء في الولاياتالمتحدة. وكانت ندوة أخرى ناقشت ترتيبات الفترة الانتقالية عقدت في أسمرا أخيراً. وأفاد بيان أصدره "التجمع" أمس في ذكرى 11 أيلول سبتمبر ان "التجمع واضح في حربه ضد الارهاب"، ودعا الى "تجفيف مصادره باستهداف الدول التي ترعى الارهاب". واتهم الحكم السوداني بأنه "ظل مصدراً من مصادر الارهاب وأعلن الجهاد ضد شعبه والعالم".