في زحمة الممارسات الاسرائيلية التعسفية ضد الشعب الفلسطيني، يطلق الفلسطينيون على المعتقلين منهم داخل السجون ومعسكرات الاعتقال ومراكز التوقيف التابعة لجيش الاحتلال الاسرائيلي، اسم "المضطهدون المجهولون"، خصوصا في ظل غياب اي رقابة دولية او من منظمات حقوقية غير فلسطينية لمتابعة ظروف اعتقال ما يزيد عن 5000 معتقل وأسير فلسطيني وعربي يقبعون الان في السجون الاسرائيلية من اصل 15 ألف معتقل اعتقلوا منذ 28 ايلول سبتمبر عام 2000، بينهم فتية واطفال ونساء وشبان تنتهك ابسط حقوقهم الانسانية. وزادت موجة الحر الشديد التي اجتاحت الاراضي الفلسطينية اخيرا من معاناة الاف المعتقلين والاسرى الفلسطينيين، خصوصا هؤلاء المحتجزين داخل معسكرات وخيم اعتقال في قلب صحراء النقب، والذين تؤكد مؤسسات حقوقية فلسطينية انهم يعيشون في ظروف بالغة السوء، فيما تمارس بحقهم الاهانات والتعذيب والحرمان والعزل والاعتقال التعسفي وتمديد فترات الاعتقال الاداري من دون رقيب قانوني. واطلق نحو 850 معتقلا فلسطينيا من داخل معسكر "كتسعوت" الاعتقالي في صحراء النقب من خلال محاموهم، صرخات استغاثة لانقاذهم من "الموت البطيء" الذي يتعرضون له كل يوم تحت لهيب الشمس الحارقة وظروف اعتقال بائسة يحرمون فيها من ابسط حاجاتهم الاساسية. واكدت مؤسسة "الضمير" التي تعنى بحقوق المعتقلين ان ادارة معسكر "كتسعوت" لا ترحم في ممارساتها هذه حتى المحامين الذي يزورون المعتقل بعد طول جهد وعناء. واشارت المؤسسة الى ان اثنين من محاميها وصلا الى المعتقل في الساعة العاشرة صباحا في عز موجة الحر، وارغما على الانتظار لرؤية عدد من موكليهم حتى الرابعة بعد الظهر. وكانت اسرائيل اعادت افتتاح معسكر اعتقال النقب في اوج اجتياحها للمدن الفلسطينية في نيسان ابريل من العام الحالي بعد ان كانت اغلقته بعد توقيع اتفاقات اوسلو ونتيجة نضال المعتقلين فيه لتحسين ظروف اعتقالهم. المعتقلون الاداريون يوجد في المعتقلات الاسرائيلية المختلفة ما يزيد عن 1300 معتقل اداري فلسطيني، اي ممن لم توجه اليهم اي تهمة او لم يمثلوا امام محاكم اسرائيلية. وتترواح مدة الاعتقال الاداري بين ثلاثة الى ستة اشهر ويجري تمديدها وفقا لما ترتأيه لجنة عسكرية خاصة، من دون ابداء اي اسباب. ومددت السلطات الاسرائيلية في الاشهر الاخير فترات الاعتقال الاداري ل 250 معتقل، فيما اكدت جمعية "القانون" الحقوقية ان بعضا من هؤلاء المعتقلين ابلغ بقرار التمديد من خلال ورقة سلمت اليه داخل المعتقل، من دون السماح لهم بالمثول امام اللجنة العسكرية التي تأخذ في العادة مثل هذه القرار من دون علم محامي هؤلاء المعتقلين. وكشفت مؤسسة "الضمير" في تقرير لها ان اربعة من العتقلين الاداريين على الاقل اعتقلوا على الحواجز وهم في طريقم الى منازلهم بعد ان تم الافراج عنهم واعتقلوا اداريا من جديد، مثلما حدث مع منير النجار من مخيم جنين الذي كان انهى على التو ثلاثة اشهر من الاعتقال الاداري عندما اوقف على حاجز "الحمرا" العسكري حيث احتجز واحيل على الاعتقال الاداري لمدة ستة اشهر، ومثله رائد حناني الذي كان ايضا في الاعتقال الاداري واعتقل على الحاجز نفسه. المعتقلون الاطفال ويقبع في سجن تلموند للاشبال هشارون لوحده داخل "الخط الاخضر" الفاصل بين الضفة واسرائيل، 68 فتى فلسطينيا في ظروف اعتقال شديدة السوء وفقا لما اكده محامو جمعية "القانون" الذين زاروا المعتقل قبل يومين. وأكد الاطفال المعتقلون لماحميهم انهم يتعرضون الى "التعذيب والضرب المبرح والعزل والحرمان من العلاج الضروري". واشارت الجمعية الى ان سلطات السجن المذكور حوّلت الفتى رمزي بشارت 15 عاما من طمون، ومحمود عدنان القدسي من طولكرم، الى العزل لمدة اسبوع بسبب قراءته القران الكريم والدعاء بصوت مسموع. اما مراد بصيلة من مخيم شعفاط في القدس والذي يعاني من ظروف نفسية صعبة بسبب تعرضه لضربة على راسه اثناء اعتقاله، فهو محروم من تلقي العناية الطبية اللازمة. واشار المحامون الى انه يعاني من دوخة واغماء. ويوجد في سجن تلموند للنساء 35 فتاة وامراة فلسطينية تؤكد تقارير المحامين ان سلطات السجون تمعن في اساءة التعامل معهن وتوجيه الاهانات المتواصلة اليهن، اضافة الى تحويل بعضهن الى زنازين العزل اذا ما تحدين الاوامر او عصينها. وفي معسكر "عوفر" قرب بيتونيا غرب رام الله الذي انشأته قوات الاحتلال اثناء الاجتياح الاول للمدن الفلسطينية، فيعاني المعتقلون فيه الذين يزيد عددهم عن 1000 فلسطيني من اكتظاظ شديد في خيام الاعتقال التي تفتقر الى ادنى مقومات الحياة ولا يسمح لهم بالخروج من خيامهم الا بعد عراك ومقاومة واعتراضات كثيرة. واكدت المؤسسات الحقوقية المختلفة ان اسرائيل عادت لتنتهك مجددا المواثيق والقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الطفل والمعتقلين السياسيين والمواطنين الواقعين تحت الاحتلال من خلال احتجازهم في سجون داخل الدولة المحتلة بعيدا عن وطنهم. ويتسبب هذا الانتهاك الخطير لحقوق المواطنين الخاضعين لاحتلال اجنبي في معاناة عائلات الاسرى والمعتقلين المحرومين من زيارة اهاليهم في السجون ليس فقط بسبب الحصار ومنع التجول والاغلاقات بل لعدم سماح سلطات الاحتلال باصدار تصاريح الزيارة اللازمة لهم. وفي الحالات النادرة التي ينسق فيها الصليب الاحمر مع السلطات الاسرائيلية للحصول على هذه التصاريح، تتضاعف معاناة ذوي المعتقلين من الاجراءات المذلة من تفتيش وانتظار داخل باصات يعودون فيها في كثير من الاحيان من دون ان يتمكنوا من القاء نظرة واحدة على ابنائهم وازاوجهم واشقائهم.