تستمر حرب "الصلعان" دائرة على المحاور كافة منذ عقود طويلة. فمن جهة تشن تلك الفئة حرباً خفية لمقاومة الظاهرة التي يحلو لأصحابها تسميتها ب"التصحر" من خلال المستحضرات وعمليات التجميل، ومن جهة ثانية يخوضون معارك مع من ينعمون بشعور كثيفة والذين لا يتوانون عن اطلاق سخريات لاذعة من وقت لآخر... ومن تلك السخريات ان احد "الصلعان" اقام حفلة عيد ميلاد لشعرة نبتت في رأسه، بينما قام سارقان يغلف رأسهما الصلع بسرقة محتويات منزل كاملة باستثناء ادوات تصفيف الشعر.... كما نشب خلاف بين اصلعان بسبب مشط. ربما ولى ذلك الزمان ولم يعد هناك ما يخشاه "الصلعان"، إذ ساعدت الموجة التي غزت رؤوس الشبان على بث الثقة في رؤوسهم بعدما استمروا عقوداً طويلة يعانون تلك التعليقات الساخرة التي دفعتهم لارتداء القبعات تارة واستخدام الشعر المستعار تارة اخرى في محاولة لتجنبها... اما في السعودية وبقية الدول الخليجية، فالأمر مختلف الى حد كبير، اذ ان اللباس التقليدي يخفي الكثير من هذه الظواهر. إلا انه مع تزايد نسبة "التفرنج" واللجوء الى لبس الزي الغربي اتضح ان عدداً كبيراً من الشبان والرجال يعانون الصلع... وعلى رغم ان "الصلعان" يدينون للاعب البرازيلي رونالدو الذي ابتدع فكرة التصلع بداية ظهوره في نهائيات كأس العالم، إلا ان العقدة تبدو اكبر مما هي عليه، إذ ما زالت تلك الفئة تشعر بالاضطهاد والتحسر على رغم باب التوفير الذي اتاحه لهم الصلع جراء عدم استعمال الشامبوات التي تكتظ بها مراكز التسوق والصيدليات والاستغناء عن ادوات تصفيف الشعر والأمشاط وغيرها. ومن هنا استشعرت شركات انتاج مستحضرات التجميل تلك العقدة ولم تفوت فرصة تحقيق ارباح طائلة من خلال استغلال هذه الفئة بواسطة مستحضرات يروج لها بأنها لمكافحة الصلع ووقف تساقط الشعر والزراعة. وتلك الأخيرة تعتبر من اكثر الحلول تكلفة ونتائجها موقتة... ويصف احمد 45 عاماً شعوره بعد قيامه بزراعة شعر ان مجرد احساسه بتلك الخصلات على رأسه كان كافياً ليعيده 20 عاماً الى الوراء. إلا ان العملية التي قام بها في احدى الدول الأوروبية وكلفته نحو 3000 دولار اميركي لم تفلح في جعله يحافظ على ذلك الشعور... فبعد خمسة شهور خرج في نزهة مع اصدقائه للاستمتاع بمياه البحر ولدى خروجه من الماء تحسس رأسه فلم يجد الشعر الذي كان محط انظار زملائه قبل السباحة. وعاد احمد ليتقدم 20 عاماً للأمام مرة اخرى... اما محمد فقصته مختلفة عن سابقه اذ ان تركيب شعر مستعار يتم تثبيته بواسطة مادة لاصقة في احد مراكز التجميل كلفه نحو أربعة آلاف ريال 1066 دولاراً اميركياً إلا ان الطبيب نسي في احدى المرات ان يضع ما يكفي من المادة اللاصقة ليجد شعره المستعار وقد تشبث بمشط حرص دوماً على ابقائه في جيبه... القصص عن الصلع و"الصلعان" كثيرة، ولكن ماذا يقول الطب عن ذلك...؟ يرجع الطب الصلع لأسباب عدة منها الوراثي وما هو نتيجة امراض نفسية وأيضاً بعض انواع العقاقير قد تكون سبباً قوياً لذلك، اضافة الى العوامل البيئية. بيد ان الكثير ممن يعانون الصلع لا يذهبون الى اختصاصيين لتشخيص اسباب الحال التي يتعرضون لها على رغم النجاح المحدود لمعالجة بعض حالات الصلع في تلك المراكز. ويقدر الدكتور مدحت نسبة الذكور السعوديين المصابين بالصلع، بحسب احصاءات غير دقيقة، بنحو 40 في المئة بينما يشكلون 90 في المئة من بين عدد الزبائن المختلفي الجنسية الذين يراجعون للحصول على علاج صلعهم. ويضيف ان الصيدليات تعج بأكثر من 30 صنفاً من مستحضرات التجميل تدعي اعادة نمو الشعر أو وقف تساقطه وأن نسبة ضئيلة منها قد تساعد بينما البقية لا تعدو كونها مستحضرات لا فائدة منها... ويبين ان هناك مستحضرات تساعد على وقف التساقط الى حد ما، إلا انها لا يمكن ان تعيد نمو الشعر، مشيراً الى ان اسعار تلك المستحضرات التي يداوم على طلبها في شكل دوري زبائن دائمون تصل الى 200 ريال سعودي. ويشدد مدحت على ضرورة تحرك وزارتي الصحة والتجارة لتوثيق المنتجات وضبط الأسعار مشيراً الى وجود مستحضرات تترك آثاراً سلبية على الإنسان اضافة الى عدم فائدتها كما ان لا ضابط لأسعارها، لذلك تتصف اسواقها بالعشوائية... اما على صعيد "الصلعان" فيجدد دعوته الى اللجوء الى الأطباء المختصين لتحديد مدى فائدة العلاج من عدمه ولضمان عدم تعرضهم لأي آثار جانبية. يشار الى ان السعودية تعتبر احد اكبر اسواق الأدوية والمستحضرات الصيدلية في المنطقة العربية وتبلغ قيمة الواردات من هذه السلع اكثر من 300.3 مليون ريال 880 مليون دولار لعام 1999. وتشهد هذه السوق تطوراً كبيراً وسريعاً.