ربما كان معهد ابحاث ميديا الشرق الأوسط ميمري أسوأ من فرقة مصفحة اسرائيلية في مخيم فلسطيني، وموضوعي اليوم وغداً عن المعهد والعصابة التي تديره أهديه الى وزراء الاعلام العرب. أبدأ من البداية، فقد كنت لاحظت على مدى شهور ان ما يختار المعهد للترجمة من الصحافة العربية هو في الغالب من أسوأ الموجود هناك دائماً ترجمات معقولة لاضفاء موضوعية زائفة على العمل، ثم لفتني عنوان في صفحة على الانترنت يقول "مشروع دراسات جهاد والارهاب"، والعبارة بالانكليزية تبدأ باسمي، وقررت ان أبحث في عمل هذا المركز. أسس ميمري الكولونيل الاسرائيلي ايغال كارمون، الذي عمل 22 سنة في الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، وكان مستشاراً لرئيس الوزراء في الارهاب، وميراف ورمزر، وهذه مديرة مركز دراسة الشرق الأوسط في مؤسسة هدسون الاسرائيلية الهوى، وهي صهيونية يمينية متشنجة تكره اليسار الاسرائيلي وتعتبره خطراً على مستقبل الدولة، وقد ألفت دراسة بعنوان: "هل تستطيع اسرائيل العيش في ما بعد الصهيونية؟". كما انها نصّبت نفسها خبيرة في شؤون سورية، وقد صدر لها اخيراً كتاب بعنوان "مدارس البعثية دراسة الكتب المدرسية السورية". ووجدت على الانترنت نبذة عن حياتها تفاخر فيها بأنها تكتب في عدد من الصحف والمجلات كلها معروفة بانتمائها الاسرائيلي. ميمري تدعي في دعاياتها على الانترنت انها تستكشف الشرق الأوسط عبر وسائل الاعلام فيه، وتقدم ترجمات عن العربية والفارسية والعبرية لتضييق هوة اللغة بين الغرب والشرق الأوسط، كم انها تقوم بتحليل مبتكر للتوجهات السياسية والعقائدية والفكرية والاجتماعية والثقافية والدينية. غير ان نظرة سريعة الى ما تترجم ميمري من الصحف العربية تظهر انها تختار أسوأ المنشور، وما من شأنه ان يوقع بين العرب والمسلمين من جهة والغرب، ويوسع الهوة بدل تضييقها. والقراء لا بد يذكرون ترجمة ميمري مقالاً في صحيفة سعودية تضمن كذبة لاسامية أوروبية قديمة عن ان اليهود يصنعون الفطائر بدم الاطفال المسيحيين والمسلمين. وقد قامت ضجة على الجريدة والبلاد كلها استغلتها اسرائيل وأنصارها الى أبعد مدى. وترجمت الصحيفة عن جريدتنا هذه ان صدام حسين أمر بقطع آذان الفارين من الجندية، وهو ما زعم المعارض العراقي عادل عوض الذي ينتمي الى احد اجنحة المعارضة الكبيرة. كما انها ترجمت قصيدة الدكتور غازي القصيبي، السفير السعودي في لندن، عن الشابة الاستشهادية آيات الأخرس وزعمت انها تؤيد العمليات الانتحارية. وأمامي ترجمات اخرى من صحف سعودية عنوانها: "صحافة الحكومة السعودية تهاجم الولاياتالمتحدة". ترجمات ميمري الانتقائية من نوع ممتاز والمعهد نافذ جداً، فهو يرسل الترجمات الى جميع اعضاء الكونغرس، والى المسؤولين في الادارة المهتمين بالشرق الأوسط، والى مراكز البحث والجامعات، وهؤلاء جميعاً يعتمدون على هذه الترجمات المختارة في اتخاذ القرارات عن المنطقة، ما يعني مضاعفة تشويه صورة مشوهة اصلاً. وإذا كانت الترجمات لا تكفي، فهناك السم الذي يبثه الكولونيل كارمون في كل مناسبة ممكنة، وأكتب وأمامي نص شهادة له امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي تعود الى 18 نيسان ابريل الماضي قال فيها: ان وسائل الاعلام التي تسيطر عليها الحكومات العربية تنشر الكره للغرب، وخصوصاً الولاياتالمتحدة. وقبل 11 أيلول سبتمبر كان القارئ يجد كثيراً من المقالات التي تدعو علناً الى شن هجمات ارهابية على الولاياتالمتحدة. وبعد 11 أيلول أيدت غالبية عظمى من وسائل الاعلام العربية الهجمات وامتدحت اسامة بن لادن... كذلك اعترضت غالبية وسائل الاعلام العربية على الحرب في افغانستان واستمرار الحرب الأميركية على الارهاب. وتُقارَن الولاياتالمتحدة احياناً بألمانيا النازية والرئيس بوش بهتلر وغوانتانامو بمعتقل اوشفيتز مع ان الصحافة العربية تنفي المحرقة... واللاسامية العربية تستند الى الكتابات الغربية القديمة عن الموضوع وبروتوكولات حكماء صهيون والكره اللاسامي لليهود، كما هو موجود في القرآن، ونفي المحرقة. وهو انتهى بالقول ان الكتب المدرسية العربية تعلم الكره لليهود وتحدث عن الكتب هذه في سورية وأراضي السلطة الوطنية الفلسطينية. وأعود الى وزراء الاعلام العرب، وأعترف بأن لي بينهم أصدقاء شخصيين، وان اكثرهم ناس طيبون مثقفون لا يستحقون سمعتهم، فهذه اساسها انهم بحكم العمل مضطرون الى الدفاع عن سياسات حكوماتهم، وهي مهمة مستحيلة. هؤلاء الوزراء يجتمعون دورياً ويتخذون قرارات ينسونها هم قبل ان تعود بهم الطائرة الى بلادهم. وأتمنى لو انهم يقررون تأسيس وحدة ترجمة لوسائل الاعلام العربية تعكس صورة صحيحة للمنشور، ولا تكتفي بالفطيرة المجبولة بالدم وغير ذلك من سخافات مرفوضة، او بالنفاق للأنظمة العربية. ميمري تأسست في واشنطن سنة 1998، وقد وسعت عملها اخيراً بفتح فروع في لندن وبرلين والقدس، لتوسيع دائرة بث السم. والرد عليها ممكن وسهل، يقدر عليه ثري عربي واحد، او وزراء الاعلام، وأكمل غداً.