تميز المطرب نقولا الأسطا بفخامة نبرة صوته وثقافته الموسيقية التي تراكمت منذ كان ضمن جوقة مرتلة للأناشيد الدينية تعلم منها اصول الأداء وتحسين الحس الغنائي. وعبّر الفنان وديع الصافي عن اعجابه بموهبة الأسطا، هو المعروف بأنه قلما يمتدح مطرباً. فحين سئل ذات مرة: "هل هناك من ينال اعجاب وديع الصافي؟" أجاب: "هناك صوت طالما استوقفني، إنّه صوت نقولا الاسطا فيه نضج ونبرة حرة". وهذا الرأي اعطى المطرب الشاب الدفع ليتحدى الموجات الغنائية المتتالية في عالم الفن "الصاعد". وفرض حضوره، على رغم كل التحديات والصعوبات التي قد تواجه اي مطرب وفنان ملتزم، يرفض الامتثال للشروط العصرية التي حولت الاغنية العربية عموماً، واللبنانية خصوصاً، سلعة استهلاكية تتداولها النوادي والمقاهي والمطاعم. وفي ألبومه الجديد "انا المعذب"، يحمل نقولا الاسطا لواء الاغنية العربية اللبنانية ببعض الطرب وبعض الفرح "بعيداً من الطقش والفقش"، لأنه - كما يقول - لا يستطيع الا ان يكون ملتزماً بقناعاته الفنية الاصيلة التي عاشها ودرسها وتطور من خلالها. لا ينبغي أن ننسى أنه ابن مدرسة وديع الصافي والاخوين رحباني وفيروز وصباح. وأثبت قناعته في شريطه "انا المعذب" الذي ضم مجموعة متميزة من الأغاني التي تعبر عن كل حال من الحالات الانسانية في ظروف مختلفة. فأغنية "انا المعذب" التي كتبها محمد شحادة، ولحنها وسام الأمير، تحمل معاني عذاب العاشق بأسلوب موسيقي متطور. اما اغنية "شهدو علينا زور"، فصب فيها الشاعر خضر محمود مشاعر متميزة، وأعطاها وسام الأمير بعداً موسيقياً غنياً، فجاءت طربية... وقدم نقولا الأسطا هذه الأغنية بصوته القوي وأسلوبه المميز، أما "تدللي" التي ارادها نقولا بين الغزل والدلال، فتحكي عن الحبّ. في ألبوم "انا المعذب" نكتشف المزيد من موهبة نقولا الاسطا الموسيقية، إذ قام بتلحين ثلاث أغان: "سارة" و"تدللي" و"رفقاتي". ولعلّ المستمع سيكتشف في الأيّام المقبلة أبعاداً جديدة من موهبة نقولا الأسطا...