تراجعت نسبة الاميركيين الذين يؤيدون تدخلاً عسكرياً لإطاحة نظام الرئيس صدام حسين، في حين أفاد تقرير نشر في لندن ان اسلاميين متشددين في شمال العراق يؤون 150 من عناصر تنظيم "القاعدة". وواصلت بغداد حملتها الاعلامية على تهديدات الولاياتالمتحدة منتقدة مجلس الامن الذي "لا يحرك ساكناً" ازاءها. واشنطن، بغداد - أ ف ب - اظهر استطلاع للرأي ان غالبية الاميركيين تؤيد ارسال قوات الى العراق لاطاحة الرئيس صدام حسين، لكن نسبة هؤلاء 53 في المئة تمثل تراجعا يبلغ ثماني نقاط مقارنة بما كانت عليه في حزيران يونيو الماضي. وافاد الاستطلاع الذي اجراه معهد "غالوب" لحساب شبكة "سي ان ان" التلفزيونية ومجلة "يو اس اي توداي" الاميركيتين ان الرئيس جورج بوش ما زال يتمتع بشعبية كبيرة لكنها تراجعت من 76 في المئة في حزيران الى 71 في المئة في تموز يوليو ثم 65 في المئة. وعبر 53 في المئة من الاميركيين عن موافقتهم على ارسال قوات من المشاة الى العراق لتغيير النظام، بينما عارض 41 في المئة. وكانت نسبة المؤيدين في حزيران 61 في المئة ونسبة المعارضين 31 في المئة. لكن الرأي العام الاميركي معاد جدا للرئيس صدام حسين رغم ان القلق من حرب مقبلة بدأ يلعب دورا كبيرا. وكشف الاستطلاع ان 86 في المئة من الاميركيين يعتقدون ان صدام يؤيد المجموعات الارهابية و55 في المئة يرون انه يملك اسلحة دمار شامل و53 في المئة يؤكدون انه متورط باعتداءات الحادي عشر من ايلول سبتمبر. وتؤكد الادارة الاميركية ان بغداد تملك برنامجاً للاسلحة الجرثومية والكيماوية لكنها لم تتحدث عن تورطها مباشرة في اعتداءات ايلول. وأجري الاستطلاع بين 19 و21 آب اغسطس مع هامش خطأ يبلغ 5،3 في المئة. وكان استطلاع للرأي نشرت نتائجه "واشنطن بوست" في 13 آب أفاد ان ثلثي الاميركيين 69 في المئة يؤيدون تدخلا عسكريا ضد العراق لكن 54 في المئة فقط يوافقون على عمل من هذا النوع في حال معارضة حلفاء الولاياتالمتحدة. "انصار الاسلام" في غضون ذلك أفادت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية امس ان تنظيم "القاعدة" بزعامة اسامة بن لادن "أقام معسكر تدريب ارهابي دولي في شمال العراق بمساعدة مجموعة من المقاتلين الاسلاميين على صلة بطهران وبغداد". ونقلت عن مسؤولين استخباراتيين في كردستان العراق ان مجموعة "انصار الاسلام" بزعامة الملا كريكار تؤوي حوالى 150 من عناصر تنظيم "القاعدة" في قرى تقع تحت سيطرتها على طول الحدود بين العراق وايران. واضافت المصادر ان معظم هؤلاء غادر افغانستان بعد بدء الهجوم الاميركي، لكن مسؤولين في الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني يؤكدون ان اعدادا من "المتطوعين" وصلت الى شمال العراق من سورية والاردن ومصر وتلقت تدريبات على اعمال ارهابية في كردستان وخارجها، ربما في اوروبا. وكان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد اعلن الثلثاء ان اعضاء من "القاعدة" موجودون في العراق وأن بغداد على علم بذلك. وقال ان اعضاء في التنظيم غادروا افغانستان الى دول بينها العراق، واضاف: "من الصعب جدا تصور ان نظاما ديكتاتوريا رهيبا وقمعيا الى هذا الحد ويمارس مراقبة كاملة على السكان ليس على علم بما يجري في البلاد". "اذعان" في بغداد، اتهمت صحيفة "الثورة" الناطقة باسم حزب "البعث" الحاكم امس الولاياتالمتحدة بأنها تريد مهاجمة العراق من اجل "ارهاب العالم لاجباره على الاذعان لارادتها ورغباتها". وكتبت ان "اميركا تعلن عداءها للعراق من خلال مزاعم ملفقة ... لأنها تخفي حقيقة رغبتها في ان تتخذ من موضوع العراق مدخلاً لإرهاب العالم وارغامه على القبول بأطماعها والاذعان لارادتها". واعتبرت ان "موضوع العراق لم يعد يعنيه وحده والعدوان عليه لم يعد محدداً من حيث مساحته الجغرافية واهدافه الاقليمية"، بل مرتبط ب"القضايا الكبرى التي تتفاعل في المنطقة وفي مقدمها القضية الفلسطينية وما يتصل بها من تصورات اميركية - صهيونية في شأن دويلة الكانتونات ومسألتي اللاجئين والقدس الشريف". ورأت ان "الجهد الاميركي العدواني ضد العراق يشكل مدخلاً لنظام اقليمي سياسي واقتصادي وثقافي هش محيطه عربي اسلامي يدور حول مركز امبريالي اقليمي قوي يتمثل بالكيان الصهيوني المدعم اميركيا". وتوقعت "ان يصبح العدوان على العراق تجربة قابلة للتعميم لكسر ارادة اي دولة تحاول ان تتمسك بكرامتها وترفض الهيمنة الاميركية"، معتبرة ان "هذه المسألة تعد اعادة اعتبار للهيبة الاميركية المفقودة". وانتقدت مجلس الامن الذي "لم يحرك ساكنا" امام "التهديدات المسعورة التي تطلقها اميركا بغزو العراق والتدخل السافر في صلب شؤونه". واشارت الى ان "مجلس الامن لا يمكن ان يستعيد وضعه الطبيعي ويمارس دوره ومسؤولياته في حفظ السلم والامن الدوليين من دون ان يرفض بقوة الابتزاز الاميركي الذي هو السبب في تعطيل دور المجلس". وختمت بأن "السطوة الاميركية على مجلس الامن جردته عمليا من القدرة على تحمل مسؤولياته وواجباته القانونية"، مشيرة خصوصا الى "الحوار الدائر بين العراق والامين العام للامم المتحدة". وكتبت صحيفة "العراق" ان الولاياتالمتحدة عملت منذ تأسيس المنظمة الدولية "بكل صلف لخنق الاصوات الجريئة والحرة وطمس الافكار الديموقراطية، بالتالي وأد الاهداف التي تأسست بموجبها الاممالمتحدة".