في هذه الأيام ونحن في خضم الترقب والحركة، بدأت القوى السياسية العراقية تتسابق في طرح برنامجها ورؤاها لحل ازمة الحكم المفترض انه مقبل. والقوى السياسية العراقية بطبيعة الحال منقسمة الآن على نفسها، بعضها يهلل لهذا الغزو ويتخيل المغانم والفيء الذي سيحصل عليه، والبعض الآخر يحاول درء هذا الغزو ما امكن والخريطة السياسية العراقية معلومة للجميع، ولا مبرر للتكرار. والعادة ان لكل قوة سياسية برامج وتصورات مسبقة تكونت على اساسها وهي تعمل بموجبها. وطرح القوى السياسية لبرامجها الآن سيكون نافلاً ليس إلا. وعرض البرامج السياسية بين الفينة والفينة على الجمهور امر جيد، لكن ليس والبلاد تحت خطر الغزو. فطرح البرنامج، في هذه الحال يعني نفسياً ان الأمر ميؤوس منه وأن الغازي سينتصر وما بقي إلا ان نقدم له التصورات عسى ان يتكرم وينظر إليها، وهو ما سيمس بلا جدال معنويات الجيش العراقي واستعداده القتالي، الأمر الذي ناشدنا بصدده القوى الوطنية العراقية ان تنتبه له في العدد 18 من "الكادر الحزبي". هذا من جانب، ومن جانب آخر، فالأصوات بدأت تتعالى عالمياً وعربياً وحتى اميركياً ضد الغزو، وهو ما يجعل الإدارة الأميركية تتريث بعض الشيء قبل الإقدام عليه. وحتى وإن اقدمت فسيبقى سيناريو ما يسمى باللحظة الأخيرة، التي قد تقلب الأمور رأساً على عقب. ولا ندري ما هو شكل هذا السيناريو عالمياً، لكننا قد نحدد شكله داخلياً. إن الرئيس العراقي كما هو معلوم، من أبرع ميكافيليي القرن العشرين، وهو يجيد اللعب بأوراقه. ومن سماته الشخصية انه شديد الميل الى المجازفة والمباغتة، ومحب للمظهرية مثلما لا يتصرف ضمن دستور وإنما من الرغبة الذاتية التسلطية، وهي المركبات التي تنتج مما يعرف بالشخصية الديكتاتورية. لكن الفترة الطويلة التي حكم بها العراق، لا بد وراكمت لديه قناعة بأن منهجه هذا مغلوط بدليل عدم الأمان الدائم الذي يشعر به. ونفسياً، لا يمكن لفرد ان يظهر مسلكاً واحداً طوال حياته. أي لا بد ويحدث له ما يسمى بالانقلاب الذاتي. وربما كان عاملا المجازفة والمباغتة هما اللذان سيحددان نوعية هذا الانقلاب لدى شخص كصدام حسين. لن يكون الانقلاب بالتنحي عن الحكم. إنما، قد يكون بتعيين رئيس وزراء بكامل الصلاحيات، ليبقى هو يحتفظ بالحرس الجمهوري ورئاسة الدولة. ولو صدق الحدس فسيختار لهذا المنصب شخصاً ليس من طاقم حكومته ولا من عشيرته، وإنما شخصاً معارضاً له، مغموراً لا يتوقعه احد، وهو لم يلتق به، إنما رسم صورته مما سمع أو قرأ عنه، على ان الأيام المقبلة هي التي تقول الحقيقة. ونحن الحزب الشيوعي العراقي - الكادر الحزبي، لسنا بالجدد على الساحة النضالية، ولا بالطارئين لكي نقدم مشاريع طارئة للحكم. وكنا وسنبقى نسير ضمن نظام الحزب الشيوعي العراقي الداخلي وضمن برامجه التي اقرت في المؤتمرات السابقة. اما ما تفعله القيادة الحالية فهو ارتداد عن ثوابت الحزب النضالية وخيانة وطنية عظمى. فإن حدث الغزو فليس لدينا من برنامج سوى مقاومته. وليتأكد الغزاة أن لا مكان لهم على ارض العراق الطاهرة. نعم نحن ضعفاء الآن، لكن رافدنا هو الشعب العراقي وجيشه الباسل، الذي ما كان يوماً ذليلاً ولا خانعاً لغزاة. أما ثوابتنا السياسية التي سرنا ونسير عليها مستقبلاً، فهي: 1- وحدة تراب الوطن، مع حكم بلدي مجلسي منتخب لولايات محافظاتالعراق وتوابعها. الجميع متساوون امام القانون. إلغاء درجات الجنسية العراقية واعتبارها درجة واحدة فقط، تطبيق النظام المدني والضمان الاجتماعي، كذلك المعمول به في الدول الاسكندنافية. 2- رئيس الدولة دستوري فقط ويحتفظ بوزارة الدفاع حتى حين. والنظام السياسي علماني برلماني، سن الانتخاب والترشيح فيه هو 18 عاماً. الدورة الانتخابية 5 سنين. والحاكم الفعلي هو رئيس الوزراء ومصدر التشريع هو مجلس الشعب. 3- إلحاق الشرطة والأمن بوزارة العدل. وزير العدل لا سياسي ولا يخضع لرئيس الوزراء. 4- حرية التحزب وتكوين الجمعيات السرية والعلنية، مع خضوعها للقضاء العام. 5- لا مساس بوحدة الجيش، ولا طاقمه الحالي، ولا بموقفه الوطني المعادي لأميركا وإسرائيل. ولا مساس بقوته وخبراته العسكرية بما فيها تطوير الأسلحة الهجومية. إلغاء العقائدية السياسية فيه، وإلغاء الخدمة الإلزامية، بتحويله الى جيش متخصص، واستحداث وحدات من الذين سبق وتطوعوا او سيتطوعون للقتال مع جهات غير عراقية. 6- لا تسليم لأي مواطن عراقي لأية جهة دولية وتحت اي ظرف. المذنب يحاسب امام القانون العراقي فقط. ولا وصاية على اي من مقومات السيادة الوطنية. لا للتفتيش، ولا التصرف الخارجي بعائدات النفط ولا التعويضات الخارجية. 7- تحوّل الصحف والمجلات ومحطات البث الى القطاع الخاص. إلغاء الرقابة على النشر مع إبقاء امكانية المقاضاة بعد النشر امام القانون بناء على اسس دستورية. 8- حرية التجارة، حرية الملكية العقارية والخدماتية، تطبيق نظام الضريبة على الجميع. 9- إلغاء النظام العشائري، بشكله التعسفي مع عدم المساس بشكله التجمعي. اما الطائفية فالنظام الانتخابي الحر سيلغي آنياً كل سلبيتها. 10- إعادة البيئة العراقية الى سابق عهدها. إعادة تخطيط وإعمار المدن وإلغاء كل المستحدثات التي فرضتها الحروب او الأعراف الأمنية للنظام. المتحدث باسم الحزب الشيوعي العراقي - الكادر الحزبي - د. نوري المرادي