بدأ المستثمرون السعوديون الصغار في اسواق الاسهم الاميركية سحب المبالغ المخصصة لبيع وشراء الاسهم الاميركية من وحدات تداول الاسهم الدولية في بعض المصارف السعودية لاسباب اقتصادية وسياسية عدة. قال عدد من المواطنين السعوديين التقتهم "الحياة" ان ظاهرة الانسحاب من الاستثمارات الاميركية بدأت تدرجاً مع اعلان افلاس شركة الطاقة الاميركية العملاقة "انرون"، وزادت وتيرتها بتوالي الاعلان عن المخالفات المحاسبية للشركات الاميركية مثل شركة الاتصالات "وورلد كوم". وقال المستثمر السعودي فلاح العجمي انه سحب مبلغ 30 الف دولار كان مخصصاً للتداول اليومي في البورصة الاميركية عن طريق مصرف سعودي مختلط. وعزا ذلك الى تخوفه الشديد من توالي الاحداث المالية والسياسية في الولاياتالمتحدة الاميركية وخوفه من اي اجراءات قد تتخذها الحكومة هناك ضد المستثمرين العرب والاجانب. وفي وحدة تداول الاسهم في احد المصارف في العاصمة الرياض ابلغ ثلاثة مستثمرون "الحياة" ان هناك بين شخص الى ثلاثة اشخاص يسحبون مبالغ الاستثمار في الاسهم الاميركية اسبوعياً ويوجهونها الى صناديق استثمار محلية او يضخونها في حساباتهم لتداول الاسهم المحلية. وتحفظ اكثر من مسؤول في المصارف السعودية على التعليق على هذا الاتجاه، الا ان مصرفياً بارزاً في الدمام قال ل"الحياة" ان ما يحدث امر طبيعي "فالاسواق الاميركية تشهد قضايا افلاس كبيرة وقيمتها بلايين الدولارات، وأي مستثمر حصيف سيتردد قبل ان يقدم على الاستثمار من باب ان المستثمرين الصغار يخشون على مدخراتهم". وكان المستثمرون السعوديون الصغار بدأوا في استثمار مبالغ صغيرة في السوق الاميركية عبر المصارف او عبر الانترنت منذ عام 1997. وتزايدت هذه الظاهرة خلال العامين 2000 و2001، لكنها هدأت وتوقفت بعد احداث 11 ايلول سبتمبر الماضي. وجددت تحركات المستثمرين الصغار، الذين تقدر استثماراتهم في الاسهم الاميركية بنحو 500 مليون دولار، الدعوة الى سحب المستثمرين الكبار لاستثماراتهم من الاسواق الاميركية، الا ان هذه الدعوات تواجه صعوبات فنية نظراً لان معظم الاستثمارات السعودية الضخمة هي استثمارات طويلة المدى. وكانت وتيرة عودة الاموال السعودية المستثمرة في الخارج قد انخفضت بصورة لافتة، قياساً الى الفترة الاولى التي اعقبت احداث 11 ايلول الماضي والتي أدت الى عودة نحو 8.2 بليون دولار 30.75 بليون ريال الى السعودية، حسب تقديرات مصرفيين في المنطقة الخليجية. وتجاوزت تقديرات المصرفيين السعوديين لحجم الاموال العائدة من استثمارات وودائع عالمية الى السوق المحلية 40 بليون دولار 150 بليون ريال حتى نهاية العام الماضي، من اصل 600 بليون دولار يملكها السعوديون من افراد ومؤسسات في الخارج، الا ان بعض المراقبين يشكك في صحة هذه الارقام. وساهم في عودة الاموال انخفاض عوائد الاستثمارات المصرفية عالمياً الى 1.5 واثنين في المئة، فيما تراوح عائدات الاستثمارات العقارية الداخلية بين خمسة و 7.5 في المئة حالياً، اضافة الى الاعتقاد السائد بان الاستثمارات في الدول الغربية وفي مقدمها الولاياتالمتحدة الاميركية لم تعد آمنة اليوم، اذ تواجه رغبة اميركية في تحجيمها وربما تجميدها. واستفادت صناديق الاستثمار في المصارف السعودية العشرة نسبياً من عودة او تغيير اتجاه بعض الاستثمارات لتعوض خسائر الصناديق المتخصصة في الاسهم الاميركية. ويشار الى ان عدد الصناديق الاستثمارية في المصارف السعودية ارتفع من 105 صناديق عام 1997 إلى نحو 129 صندوقاً مع نهاية العام الماضي، وبلغ مجموع اصولها الاستثمارية 50 بليون ريال 13.3 بليون دولار، ما يمثل ارتفاعاً نسبته 267 في المئة عما كانت عليه الصناديق عام 1997 والتي كان يقدر حجم أصولها بنحو 18.6 بليون ريال 4.96 بليون دولار. وزاد عدد المستثمرين في جميع صناديق الاستثمار الى نحو 173 الف مستثمر بنهاية العام الماضي محققاً زيادة نسبتها 288 في المئة خلال الفترة نفسها.