احتل التعليم في السعودية مكانة بارزة في قائمة أولويات الدولة التي بذلت من أجله كل الجهود ووفرت له الامكانات المادية والبشرية، وفي ظل هذا الدعم تبوأ التعليم الصدارة بين قطاعات الدولة عبر ما يخصص له في الموازنة. ولم يكن تعليم الكبار محو الأمية بعيداً من ذلك ونال نصيباً ملحوظاً من الاهتمام والعناية وجعله محط انظار دول عدة، وكان محل تقدير كثير من الهيئات والمنظمات الدولية. تعريف محو الأمية يقصد بالأميين في السعودية أولئك الذين لا يجيدون القراءة والكتابة وتجاوزوا حد السن الأقصى للقبول في المدارس الابتدائية ولم يبلغوا بعد سن الخامسة والأربعين. والأمي رجلٌ كان أو امرأة، هو كل من تجاوز عمره سن القبول في المدارس الابتدائية ولم يلتحق بها ولا يملك المهارات الاساسية للتعلم التي تمكنه من القراءة والكتابة. ويقصد بمحو الأمية الوصول بالمستهدفين الى مستوى تعليمي وثقافي يمكنهم من افادة انفسهم ومجتمعهم من طريق المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب. أهداف محو الأمية يهدف مشروع محو الأمية في السعودية الى تزويد الدارسين بالقدر الضروري من العلوم الدينية ومهارات القراءة والكتابة والحساب وتزويدهم بالمعلومات والمهارات والاتجاهات التي تمكن الفرد من تطوير نفسه وأسرته. وبلغ عدد مراكز محو الأمية في السعودية 1198 مركزاً يدرس فيها أكثر من 37435 دارساً يقوم على تعليمهم 3762 معلماً يساعدهم 1027 مستخدماً. وبلغ عدد المدارس المتوسطة والليلية 172 مدرسة يدرس فيها 30046 دارساً يقوم على تعليمهم 1789 معلماً يساعدهم 151 مستخدماً، وبلغ عدد المدارس الثانوية الليلية 102 مدرسة يدرس فيها 22894 دارساً يقوم على تعليمهم 1522 معلماً يساعدهم 89 مستخدماً. وكانت نسبة الأمية في السعودية عام 1972 نحو 60 في المئة بين الذكور، وبعد الجهود المبذولة من الدولة خفضت الى أقل من 4 في المئة. ويقدر عدد الأميين من المقيمين غير السعوديين من جنسيات مختلفة عربية وغير عربية، بأكثر من 500 ألف أمي ما أسهم في زيادة نسبة الأمية في شكل كبير لتصل الى 8.4 في المئة. وقال الأمين العام لتعليم الكبار في وزارة المعارف السعودية محمد بن سلمان المهنا ل"الحياة" ان حجم الأمية في السعودية بين السعوديين لا يتجاوز 4 في المئة وذلك بفضل الجهود التي تبذلها وزارة المعارف والوزارات الأخرى مثل وزارة الصحة ووزارة الزراعة ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الشؤون الإسلامية من خلال البرامج التي تنظمها وهي ثلاثة أنواع، منها الطويل المدى لمدة ثلاث سنوات، والمتوسط المدى لسنة واحدة، والقصير المدى لمدة 60 يوماً، يتم خلالها تعليم الأميين وتوعيتهم ونشر العادات الصحية بينهم وتقديم الاعانات لهم. وبلغ عدد الحملات الصيفية التي أقيمت خلال الخمس سنوات الماضية أكثر من 17 حملة انفق عليها أكثر من نحو 13.7 مليون ريال استفاد منها أكثر من 40919 مواطناً ومتقدماً في العمر. وأشار الى ان المسيرة الرسمية لمحو الأمية في السعودية بدأت حينما صدر أول تنظيم لتعليم الكبار ومحو الأمية باسم "مشروع نظام تعليم الكبار ومكافحة الأمية" عام 1956 وجاء فيه انه يطبق على السعوديين من دون اجبار إذا بلغ المواطن الثانية عشرة من عمره، من غير الملمين بالقراءة والكتابة، وحددت مدة الدراسة بثلاث سنوات وحدد عدد الدارسين في الفصل بعشرين دارساً وكل سنة دراسية بتسعة أشهر. وفي عام 1982 أقرت السعودية نظام تعليم الكبار ومحو الأمية الذي شهد نقلة نوعية وشمولية في مفهوم تعليم الكبار وسن تنظيمات وتشريعات تواكب ما تشهده من قفزات متسارعة في مجال التعلم، وأخذ مفهوم تعليم الكبار طابع الشمول في معالجة المشكلة، وحشد الطاقات في مكافحة الأمية وعرف على ضوئه "الأمي" وحددت فيه خطة وطنية للقضاء على الأمية وجعل مسؤوليتها وطنية شاملة للقطاع العام والخاص. وأكد المهنا ان نسبة الأمية في السعودية تركزت في كبار السن، وخفض عدد الأميين في الفئات العمرية من 10 الى 90 سنة ليصل الى 0.75 في المئة تقريباً، ويرجع ذلك الى جهود وزارة المعارف في فتح المدارس في كل مكان يوجد فيه محتاج للتعليم ممن هم في سن التعليم. وأوضح ان وزارة المعارف السعودية تنظم سنوياً حملات صيفية توعوية شاملة لجميع نواحي الحياة التي يحتاجها الفرد من تعليمية ودينية وثقافية وطبية وبيطرية واجتماعية تجند له سنوياً قوافل من المختصين تنطلق الى الأماكن المستهدفة. المستهدفون هم الناس المتنقلون غير الثابتين في مكان معين وتصعب اقامة مراكز ثابتة لهم. العبء الأكبر في هذا المشروع كان على عاتق وزارة المعارف. ويرصد له سنوياً أكثر من 2.5 مليون ريال. وأشار المهنا الى ان السعودية تقوم بدور فاعل ومؤثر وداعم في المنظمات الدولية في ما يخص تعليم الكبار. ومن هذه المنظمات "المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم اليونسكو" و"المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الأليسكو، وكذلك المنظمة الإسلامية الأسيسكو. وقد حصدت السعودية خمس جوائز لجهودها في هذا المجال من خلال عدد من الوزارات والقطاعات المساهمة في برامج تعليم الكبار. طموحات الأميين وقال محمد بن سعيد القرني الذي يبلغ من العمر 80 سنة ويدرس في الصف الثالث لمحو الأمية ان الدافع الرئيسي للتعلم بعد "ان فاتني القطار هو تلاوة كتاب الله وحفظه وتعلم القراءة والكتابة وقد تحقق ذلك بعد ان عرفت الحروف وبعض الكلمات". وأوضح محمد بن أحمد مجرشي والبالغ من العمر 50 عاماً ويدرس في الصف الثالث ان طلب العلم فريضة. "ونظراً الى حاجتي الى تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن والحديث التحقت بمدارس محو الأمية". أما علي بن عبدالعزيز الشتوي البالغ من العمر 57 عاماً فعزا أسباب التحاقه بمدارس محو الأمية الى الرغبة في قراءة القرآن الكريم وحفظه وتعلم الكتابة والقراءة خصوصاً في هذا العصر الذي أصبح من الضروري ان يكون الجميع فيه متعلمين.